اقتصاد

جمعية العلوم الاقتصادية تبحث في السيادة الغذائية في سورية … 33 بالمئة من السوريين يفتقدون الأمن الغذائي .. ٤٠٪ من دخل السوريين ينفق على الطعام بينما لا تتعدى 3 بالمئة في الدول المتقدمة

| علي محمود سليمان

تنوعت الآراء المطروحة يوم أمس في جمعية العلوم الاقتصادية ما بين واقع الزراعة المتأزم وضعف القطاع الخاص في إقامة المشروعات الاستثمارية الزراعية الكبرى، ومشكلة القرارات الآنية غير المدروسة التي تصدر فجأة كفتح المعابر والسماح والمنع لتصدير محصول معين وما تسببه هذه القرارات من تخبط في الأسواق وأذى للفلاح، والمطالبة بتأسيس شركات للآليات الزراعية لتخديم القطاع الزراعي وتكون محدثة بأحدث أجهزة المكننة الزراعية، وذلك خلال الحلقة النقاشية حول (السيادة الغذائية في سورية) تقديم الدكتور نبيل مرزوق والباحث حسان قطنا.
حيث تناولت النقاشات نسبة 40 بالمئة يصرفها المواطن السوري من دخله على الطعام، مقارنة بنسبة لا تتعدى 3 بالمئة في الدول المتقدمة، حيث أعيد السبب لانخفاض دخل الفرد مقارنة مع دخل الفرد في تلك الدول.
وأوضح الدكتور نبيل مرزوق بأن الأمن الغذائي لا يتحقق دون سيادة مجتمعية على الإنتاج والتسويق والتوزيع واستخدامات الأراضي وملكيتها (المنتجون والمجتمع المحلي والسلطات التمثيلية المنتخبة)، لافتاً إلى أن الحرب الداخلية السورية عرضت الأمن الغذائي لملايين السوريين للخطر، وجعلت نسبة كبيرة منهم غير آمنة غذائياً، وهيمنت قوى الأمر الواقع على الإنتاج الزراعي وتسويقه في مناطق سيطرتها، كما استخدم الغذاء كأداة حرب من خلال منعه عن الأطراف الأخرى ومن خلال الحصار لمناطق معينة، ومنع عنها البذار والوقود والأسمدة والمبيدات بل ومياه الشرب، كما تم الاستيلاء على أراضي ومحاصيل الأطراف المتنازعة.
ما أدى إلى ازدياد التبعية والاعتماد على دول الجوار والدول الأخرى والإعانات للحصول على الغذاء، على حين تحول بعض المزارعين إلى زراعات تصديرية على حساب السوق المحلية التي أصبحت تعاني اختلالات كبيرة في العرض والطلب وفي استخدام الموارد بما فيها البشرية، مضيفاً: إن أهم المرتكزات للسيادة الغذائية هي جعل احتياجات الأفراد من الغذاء في مركز السياسات، والتأكيد أن الغذاء أكثر من أن يكون سلعة فقط، وتقليص المسافة بين العارضين والمستهلكين، ورفض الإغراق والمساعدات الغذائية غير الملائمة، ومقاومة الاعتماد على شركات بعيدة وغير خاضعة للمساءلة، وجعل الرقابة في أيدي موردي الغذاء المحليين، ورفض خصخصة الموارد الطبيعية، كما يجب البناء على المعارف التقليدية، واستخدام البحث لدعم ونقل هذه المعرفة إلى الأجيال المقبلة، ورفض التكنولوجيا التي تقوض نظام الغذاء المحلي، وتعظيم مساهمة النظام الإيكولوجي، ورفض تكثيف الطاقة، وأساليب الإنتاج الأحادية والصناعية المدمرة.
ولفت مرزوق إلى وجود بعض السياسات العاجلة والمطلوبة لمرحلة ما بعد الحرب، ومنها وضع خطة استجابة للعوامل المناخية التي أثرت في الإنتاج الزراعي على المدى القصير، وإعادة تأهيل أنظمة الري والسدود والآبار الجوفية والارتوازية وتوفير المواد الأولية اللازمة لضخ المياه كالطاقة الكهربائية والفيول لإعادة العمل بالمضخات بأسعار مدعومة، إضافة إلى استئناف العمل بمشروعات الري الحديث وتوسيعها.
إضافة إلى ضرورة توفير البذار والأسمدة للفلاحين والأعلاف للمنتجين الزراعيين وإعادة تأهيل المداجن وزرائب الماشية التي تعرضت للتدمير أثناء الحرب، ومراجعة السياسات الزراعية التي انتهجتها الحكومة وإعادة تفعيل عمل صندوق الدعم الزراعي بهدف المساعدة على تنفيذ السياسات الزراعية والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي ورفع الكفاءة الاقتصادية للإنتاج وتعزيز قدرات المزارعين وتحسين شروط معيشتهم لتحقيق استدامة للأمن الغذائي.
بدوره أشار الباحث الزراعي حسان قطنا إلى تراجع المساحة المزروعة خلال الفترة من العام 2011 إلى العام 2017 من 4.57 ملايين هكتار إلى 4.18 ملايين هكتار بواقع انخفاض 403 آلاف هكتار فقط، على حين تراجعت المساحة المروية خلال الفترة ذاتها من 1400 آلاف هكتار إلى 980 ألف هكتار، بواقع تراجع 452 ألف هكتار وتوزعت إلى 58 بالمئة على الآبار، 60 بالمئة منها في الحسكة و14 بالمئة على الأنهار، 38 بالمئة منها في حلب و28 بالمئة على شبكات الري، 51 بالمئة منها في حلب وتوزعت على مستوى المحافظات إلى 46 بالمئة في الحسكة، 21 المئة في الرقة، 3 المئة في دير الزور، 43 المئة في حلب، 30 بالمئة حمص، 17 بالمئة في حماة والغاب، إدلب 13 بالمئة، حمص 30 بالمئة، درعا 42 بالمئة.
موضحاً أنه للوصول إلى استقرار وجود الغذاء، يجب الوصول إلى الغذاء وتوفيره في جميع الأوقات وتوفر المخزون الغذائي والتخفيف من الكوارث والإجراءات القائمة على آليات السوق لإدارة المخاطر، حيث يتم قياس استقرار المعروض من الغذاء وإمكانية الوصول إليه من خلال ديمومة الإنتاج والتجارة والمخزون، والتغيرات في الاستهلاك، والتغيرات في الدخل، والجوع المؤقت أو المزمن، واستخدام وسلامة الغذاء.
ونوه قطنا بأن دراسة الأمن الغذائي في سورية في منظور كلي للعام 2017، بحسب مركز دمشق للأبحاث والدراسات خلصت إلى أن 33.4 بالمئة من السكان هم فاقدون لأمنهم الغذائي، وبحسب تقرير برنامج الأغذية العالمي «WFP» 21/5/2018، فإن 65.5 ألف طفل تحت سن الخمس يعانون سوء تغذية، على حين يعاني 18.700 طفل دون سن الخمس أيضاً من سوء تغذية حاد، وأن 6.5 ملايين شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي، وأن 10.5 ملايين من السكان بحاجة إلى دعم الغذاء وسبل العيش، على حين يعيش 2.3 مليون شخص في مناطق يصعب الوصول إليها في سورية.
أما في تقرير منظمة الأغذية والزراعة للعام 2017 فتم تقدير الاحتياجات الإنسانية بين 70 بالمئة حتى 80 بالمئة من سكان سورية يحتاجون إلى تلك المساعدات، وأن نصف عدد سكان سورية بالكامل بحاجة إلى مساعدات غذائية تحديدًا، على حين أشار المكتب المركزي للإحصاء إلى أن 31 بالمئة من سكان سورية غير آمنين غذائياً في دراسته لكانون الثاني 2017، على حين يعتبر 45 بالمئة ضمن فئة المعرضين لانعدام الأمن الغذائي مهمشين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن