من دفتر الوطن

هدنة مع الحزن!!

| عبد الفتاح العوض

يساورني شعور قوي أن أحد أسباب اجتهاد البشر في إقامة الأعياد واتخاذ أيام مناسبات سنوية يحتفى بها، إنما ليعملوا «هدنة مع الحياة».
لا أحد من الفلاسفة ولا المفكرين ولا من الأدباء على مر التاريخ عرف عنه الفرح والابتهاج بالحياة. كذلك عرف عن الأنبياء أنهم أهل ابتلاء وحزن.
في أغلب الأحيان وبالأرقام لم تنقص نسبة الفقر بشكل كبير وكذلك لم تنقص نسبة الأمراض وكذلك لم تنقص الفوارق بين الأغنياء والفقراء بشكل يمكن أن يلحظه البشر.
يحدث تغيرات بين الشعوب فقد يكون الفقر في مكان وينتقل إلى مكان آخر وقد تتغير الأمراض وما إن يتم السيطرة على مرض حتى تظهر أنواع أخرى وبالمحصلة اعتادت الشعوب أوجه القصور في حياتها.
حتى على مستوى الأفراد نقول بالحس الشعبي إنه لا أحد «تكمل معه».. لا شك أن ثمة أفراداً أفضل من غيرهم ظروفا وحياة لكن لو وجدنا مقياساً مثل قياس ضغط القلب لوجدنا الأشخاص لديهم معدل حزن طبيعي أو معدل مشاكل طبيعي وأغلب الناس يقعون ضمن المعدل.
طبعا لا شك أنه سيكون منا من لديه ارتفاع ضغط الحزن… وسيكون لدينا فعلا مرضى مشاكل.
لكل هذا ومن خلال معرفة البشر بمدى انتشار الأحزان فيما بينهم وجدوا واحدة من الطرق المباشرة للتخفيف منها وعقد هدنة مع الأحزان لفترات معينة.
في هذه الفترات يتم تأجيل الحديث في المشاكل والتفوق عليها بتجاهلها واستخدام الزمن في المعركة معها.
عندما بدأت الشعوب بإعلان الأعياد كانت تتماهى مع الطبيعة.. عيد البذار وعيد الحصاد وعيد القمر و… في فترة أخرى كانت أعياد دينية، وهي الأكثر شيوعا لكن مع وجود الدول القومية أصبحت هناك أعياد ومناسبات وطنية.
وفي الوقت ذاته استمرت أعياد غرائبية مثل عيد ضرب الجيران… وهناك عيد للتأمل حيث يمنع فيه حتى الكلام.. بالمحصلة الشعوب تفننت في خلق الأعياد.
ولعل عيد رأس السنة واحد من الأمثلة التي يتعامل معها الناس بشكل خاص .. يصنعون أو يتصنّعون فيه الفرح.. وغالبا يتم التعامل معه على أنه عنوان البدايات الجديدة والتفاؤل بالقادم من الأيام.
بينما إذا نظرت إليه بواقعية مفرطة فليس هو أكثر من موعد ليوم تال لا أكثر واقتراب من النهايات… النهايات النهائية.
كل ما يتعلق بالأعياد يمكن أن تنظر إليه من زوايا مختلفة لكن اختار البشر طريقة جميلة للتعامل مع الأعياد على أنها مناسبة للفرح وهدنة مع الحزن.
وهذه واحدة من الطرق التي يتحايل فيها البشر على الحياة.. أيها المحتالون على الحياة…. كل يوم وأنتم في عيد.

أقوال:
• قلبي الذي لم يزل طفلاً يعاتبني.. كيف انقضى العيد وانفضّت لياليه؟
يا فرحة لم تزل كالطيف تُسكرني.. كيف انتهى الحلم بالأحزان والتيه؟
«فاروق جويدة».
• هل تعرف كيف صدر الأمر بحرماننا من السعادة؟ – بهاء طاهر
• في العيد تؤلمني تهاني العيد.. يدعى سعيد فيه غير سعيد – النجفي
• يقيم المجانين الأعياد ليستمتع بها العقلاء – حكمة ايطالية

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن