ثقافة وفن

أريج بوادقجي لـ«الوطن»: مجلة «شامة» تحاكي أطفال الأزمة

| سوسن صيداوي

إبهار الطفل بصرياً عبر الألوان والرسومات، ومن ثم الاستحواذ على أفكاره واهتمامه بمطالعة كتاب مصوّر أو مجلة، مع دفعه بتلقائية ومن دون أي تردد بأن يقوم الطفل بتقليب الصفحات، ومن ثم الاستكانة لوقت طويل وهي بين يديه. هذا يا سادة يعتبر البداية في الإنجاز، ومن ثم هو اكتساب فعل عادة سيكتسبها الطفل ويقوم بها بتواتر منتظم، ومن بعدها سينقلها إلى رفاقه ومن ثم إلى أولاده وأحفاده.
اليوم في الدول المتقدمة يعتبر نشر الكتب والمجلات، من أهم الأمور المعنية بها الحكومة والمؤسسات وحتى الشركات الخاصة المهتمة بتحصيل الربح وجني رؤوس الأموال، كل تلك الجهات تُغرق وتسعى جادة وتتنافس أيضاً بين العام والخاص لتحقيق الغاية التي تحدثنا عنها أعلاه وهي إنجاز الإبهار واكتساب العادة كي يكون الكتاب والمجلة وفعل القراءة أسلوباً حياتيا يومياً. ونحن أيضاً وفي محاولات منا- ضمن ما هو متاح وما هو موجود مادياً وإبداعياً-تتقدّم التجارب على الرغم من كل المعوقات المقصودة وغير المقصودة، لتحقيق التعاون بين كل الوزارات والمؤسسات المهتمة بالطفل وحاجاته.
وللحديث عن هذه الإشكالية في مجال أدب الطفل ونشره، قمنا بمحاورة رئيس تحرير مجلة «شامة» أريج بوادقجي، حيث تحدثت عن الفئة العمرية للأطفال التي تتوجه إليها المجلة وهي بين 4 و 7 سنوات، وأضافت بالشرح عن أهم الركائز والمضامين والمعوقات وغيرها من المسائل التي تهتم بها المجلة أو تعانيها، والتي سنترك الاستفاضة حولها لكم من خلال الحوار التالي:

حدّثينا بداية وباختصار عن مجلة شامة وعن إصدارها من وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب.. كم عمرها.. وعن الشريحة التي تتجه نحوها من الأطفال… وسعرها وأين تتوافر.. وكيف يتم توزيعها؟
مجلة شامة هي مجلة صادرة عن وزارة الثقافة، الهيئة السورية للكتاب، مديرية منشورات الطفل، المجلة تصدر من عام2011 وتولى رئاسة التحرير فيها عدة شخصيات منهم: إنطوانيت القس، قحطان طلّاع. أنا استلمت رئاسة التحرير فيها منذ نحو ثلاثة أشهر، بمعنى أن عدد تشرين الأول كان أول عدد صادر وأنا رئيسة تحرير للمجلة. وحول سعرها يبلغ فقط50 ليرة سورية، ويتم توزيعها -حصراً- عن طريق المؤسسة العامة للتوزيع.

هل بإمكانك تعريفنا أيضاً بنوعية النصوص التي يتم نشرها بالمجلة وما المضامين والأهداف التي تحملها؟
منذ استلامي رئاسة تحرير مجلة «شامة»، كنت وما زلت مصرّة بالتركيز على القيم التربوية والمعرفية للأطفال، لأن الشريحة العمرية التي نتوجه نحوها كما ذكرت من أربع سنوات إلى سبع سنوات، وهذه الشريحة هي بأمسّ الحاجة للاهتمام والرعاية، وعلينا أن نقدم لهم محتوى فيه الكثير من القيم المضافة سواء أكانت هذه القيم تربوية أم معرفية أو فكرية أو حتى إنسانية، لهذا ركزت بأن يكون ضمن كل عدد، موضوع فيه قيمة تربوية حاملة لكل العدد، فعلى سبيل المثال في عدد المجلة لشهر تشرين الأول كان يحكي عن الصداقة، وركزنا على قيمتها بشكل عام، وكيف يتم اختيار الصديق، وكيف تكون البيئة صديقتنا… إلخ من العناوين والمواضيع المتنوعة والمتعلقة بالوقت نفسه بالصداقة. وأيضاً كمثال آخر تحدثنا في عدد تشرين الثاني عن قيمة القراءة، بالشعر وبالقصص وبالسيناريوهات المنشورة في عدد المجلة، إذاً كلّها كانت تركز على أهمية القراءة عند الطفل وماذا تضيف القراءة للأطفال في حياتهم. وأحب أن أشير هنا إلى التركيز على أهمية الدقة في الرعاية لهذه الشريحة العمرية وذلك يكون من خلال إبراز القيم التربوية وصياغتها بأسلوب جدّ بسيط ومقرّب للطفل، مع الاهتمام الكبير بالرسوم، لأن الطفل في هذه المرحلة العمرية هو طفل بصري، ولابدّ من جذبه عن طريق الرسوم والألوان المميزة التي تلامس حاجاته الإبداعية والجمالية والفكرية. طبعاً المضامين بالقصص والسيناريوهات أهدافها كلّها إنسانية وتربوية لخلق طفل مبدع وطموح ومحب للحياة وللآخرين ويعيش في توافق وسلام معهم.

كخريجة في كلية الآداب قسم اللغة العربية… إلى أي مدى أنت معنية بالتمسك بلغتنا العربية الفصيحة وبأن تكون جودة النصوص المختارة وبلاغتها عالية؟
الكتابة للأطفال مجلة «شامة» هي من السهل الممتنع، وخاصة أن هدفنا الأساسي هو التمسّك باللغة العربية الفصيحة، ونحن جداً حريصون بأن تكون النصوص سليمة ومناسبة، وبصراحة أنا متمسّكة جداً باللغة العربية وبضرورة أن يكون النص بسيطاً في الوقت نفسه، هذا طبعاً لكون المجلة صادرة عن وزارة الثقافة، الهيئة العامة للكتاب، ويجب أن تكون ضمن معايير لغوية سليمة، لا يمكننا أبداً أن نتنازل عنها.

برأيك كيف ستحاكي المجلة طفل الأزمة أو ستتدخل ببنائه لتصحيح ما اكتسبه -مرغماً- من مفاهيم مغلوطة؟
مجلة «شامة» موجهة لأطفال 2018، إذاً هي على الأكيد ستحاكي طفل الأزمة الذي خلق وعاش وتربى في ظل أزمة إنسانية وفكرية، وفي جو تشويه بصري بالغ، لهذا نحن نحاول كما ذكرت أن نرّكز على القيم الجمالية والتربوية والأخلاقية، مع خلق الطموح وخلق الأمل والتفاؤل عند هذا الطفل، وفي المقابل سنبرز حالات جمالية ستقوّم الفكر البصري عند الطفل، مع تسليط الضوء على مواضع الجمال والفرح والبهجة في الفن، بغض النظر عن التراكمات التي خُلقت في نفسية الطفل لكوننا أخيراً نعترف بها ولكننا سنعالجها بطريقة إيجابية.

الإرشاد النفسي في هذا الوقت ضروري أكثر من أي وقت… من المختص في المجلة حول هذا الموضوع؟
في المجلة لدينا هيئة تحرير متخصصة، تشكلّت منذ أن استلمت رئاسة التحرير، تضم الهيئة أسماء لها باع طويل في التربية والفنون والآداب وطبعاً كل هؤلاء الأشخاص يُستشارون في النصوص المقدمة، ولهم رأي وأيضاً تقييم لكل نص يقدّم.
هل يكفي إصدار المجلة من وزارة الثقافة- الهيئة العامة للكتاب… برأيك أليس من الضروري أن يكون هناك خطط للتشبيك مع وزارة التربية وكل المؤسسات المعنية بالطفولة السورية.. من حيث توزيع المجلة على المدارس وشرح بالمواد الموجودة فيها من مندوبين من المجلة نفسها؟
دائما كان طموحنا سواء في مجلة «شامة» أم مجلة أسامة، بأن تصل المجلة لأكبر شريحة ممكنة لأطفال سورية، وهذا هدف من أهداف المجلة. حاولنا سابقاً كثيراً التواصل مع وزارة التربية ولكننا لم نستطع التوصل إلى حل مناسب، باعتبار أن الوزارة كانت مشغولة بموضوع المناهج وغيره من الأمور. وبصراحة لا يمكننا أن نخلق ثقافة صحيحة للطفل إلا من خلال تعاون بين وزارة الثقافة والإعلام والتربية وكل مؤسسة مهتمة بالطفل كي نصل إلى كل طفل سوري، فجهودنا بأن نصدر مجلة، وحدها لا تكفي، بل نحن بحاجة لكل الأشخاص والجهات العاملة والمهتمة بالطفل كي نشبّك مع بعضنا ونصيب أكبر شريحة ممكنة من الأطفال لتحقيق أوسع إفادة.

هل في المجلة لجنة رقابية تقيّم النصوص والرسوم؟
نعم، لدينا في المجلة لجنة رقابية، وهي لجنة قديرة وتضم أسماء معروفة منها: الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل، الأديب والتربوي موفق نادر، والمترجمة سلام عيد، والفنانة التشكيلية سهير خربوطلي. طبعاً كل النصوص والرسوم التي تأتينا، خاضعة لرقابة هيئة التحرير ورئاسة التحرير.

لنتوقف عند الإبهار البصري قليلاً.. ما الحلول التي تقومون بها بحيث تكون المجلة مصورة جاذبة ومسلية وبعيدة من التلقين الجاف؟
في الأعداد الثلاثة الأخيرة الصادرة للمجلة أصبح هناك تغيير في الهوية البصرية أو الهوية الفكرية أو الإنسانية، فالنصوص ترّكز على الفكرة أكثر من موضوع التلقين النظري، كما تحاكي فكر الطفل وشغفه وتطلعاته وحاجاته والتركيز على الأمور البصرية من منابع ومضامين فكرية وإنسانية.

للتوضيح أكثر… الجانب البصري… من تصميم رسوم وألوان… من المختص فيه؟ وهل هناك استقطاب لمواهب شابة في مجال الفن التشكيلي؟
في المجلة الغلبة للوحات الفنية، ونحن نستعين بخبرات فنية عالية المستوى وبالشباب الذين لديهم رغبة في تطوير أعمالهم، إلى جانب مساهمة هيئة التحرير بتطوير النصوص، كل هذه الجهود تتضافر لإصدار مجلة «شامة» بحلتها الجديدة القريبة من الطفل، من خلال السيناريوهات البسيطة والنصوص القصيرة ذات القيمة المهمة.

السؤال الأخير… هل أجور الكتّاب والرسامين مشجعة.. وهل هناك بوابة تفاعل بين الأطفال والمجلة؟
الأجور هي أجور الهيئة العامة السورية للكتاب وبالتالي تنطبق أجور مجلتنا على الأجور نفسها. طبعاً نأمل ونتمنى زيادة الأجور لكل الكتّاب والفنانين، ونسعى دائماً، ولكننا مصرّون ونعمل ضمن الإمكانات الموجودة لإنجاح مجلة «شامة» بغض النظر عن المردود المادي. وأخيراً أحب أن أختم بأنه ابتداءً من عدد الشهر الحالي قمنا بنشر بطاقة بريدية لقراء مجلة «شامة»- هي بوابة التفاعل بين الأطفال ومجلتهم- كي يتمكن قراؤنا الصغار من التواصل معنا، ويرسلوا لنا مساهماتهم، سواء من كتابات لقصص أم رسومات، أو لنشر صورهم ضمن فقرة «يومياتي» التي تركز على الأطفال القدوة في المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن