من دفتر الوطن

وسام الصبر

| عبد الفتاح العوض

لو أردنا أن نعلق وسام الصبر وجائزة أيوب فإن الكثير من السوريين يستحقونهما.
لعل الحديث عن الصبر يأخذنا باتجاهات كثيرة، لكن الصبر بالمفهوم العام ليس مجرد صفة سهلة يمكن اكتسابها ببساطة، فلاشك أنها من أصعب الصفات التي يمكن للإنسان أن يتحلى بها.
ورغم أن أدبياتنا تحض كثيراً على الصبر وتجعله قيمة عليا وتصل فيه إلى مراتب خاصة فإنه في حياتنا اليومية قليل الاستعمال.
في أحاديثنا اليومية ونصائحنا المعتادة، الكل يدعو الآخر للصبر لكن عندما يصبح الأمر يتعلق بالشخص نفسه فإن فضيلة الصبر توضع جانباً، ويصبح الإنسان عارياً من الصبر وتأخذه انفعالاته باتجاهات مختلفة ليس الصبر واحداً منها.
وهذا الأمر يتعلق بنقطتين أساسيتين: الأولى أنه فعلاً لا يستطيع معظم البشر التحمل وغالباً ردات فعلهم الأولية هي الأكثر انسجاماً مع طبائعهم.
النقطة الثانية أن كثيراً منا لديه من النفاق الداخلي الكثير فهو يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر.
وإن كنت أميل إلى التفسير الذي يتعلق بقدرة الناس على الصبر لأن عقلك يقول لك: اصبر.. وانفعالاتك لا تستطيع أن تنفذ هذا الطلب.
من الأشياء المهمة التي يتحدث عنها علماء الاجتماع تلك التي تتعلق بتعلم الصبر.. وهنا الأمر يخص السوريين بصورة أكثر.. فهناك ما يسمونه «التصبر» أي أن تبدو «صابراً» رغم أنك ليس على هذا الحال، ولعل المجتمع السوري «ومجتمعات أخرى» معروف بأنه يفعل كثيراً من الأشياء إرضاءً للمجتمع وتجنباً لكلام الناس أو لشماتتهم.
وإظهار الصبر، وكأن شيئاً لم يكن إلى حد القدرة على الابتسامة في أوقات حزينة، هو واحد من الأشياء التي يتقنها كثيرون، وكثير من علماء النفس لديهم تقنيات لتعلم الصبر لكن في الواقع العملي يصعب تطبيقها.
لكن وسام الصبر الذي يستحقه السوريون بجدارة إنما يأتي من خلال تلك القدرة على التحمل التي رافقتهم خلال الحرب الصعبة التي مروا بها وما زالوا يعيشون آثارها ودمارها.
دوماً أركز على الحياة المعيشية التي تعتبر المقياس الأكثر صدقاً، وهنا نتحدث عن حقيقة يدركها الجميع أن مداخيل الأسرة السورية شحيحة ولا تكاد تغطي ثلث ما تحتاجه، لكن الصبر والقدرة على التحمل والاقتصاد المنزلي والتعاون الأسري تمرر هذه الظروف الصعبة.
لا يمكن أبداً تجاهل المعاناة من جوانب كثيرة، منها عدم الأمان الذي عاشه السوريون على مدار الحرب، والآثار النفسية الصعبة وزيادة الجرائم، وفقدان كثير من الاحتياجات الرئيسية وخيبات الأمل بالناس والحياة.
كل هذا واستطاع السوري أن يمر به وأن يتحمله وأن يصبر عليه.
إن جزءاً من التفاؤل أن شعباً لديه القدرة على تحمل كل هذه المصاعب التي مر بها هو شعب قادر على صناعة المعجزات.
انتظرونا.. نحن أبناء الصبر.

أقوال:
الوهم نصف الداء، والاطمئنان نصف الدواء، والصبر أول خطوات الشفاء.
ثلاث يعز الصبر عند حلولها ويذهل عنها عقل كل لبيب
خروج اضطرار من بلاد يحبها وفرقة إخوان وفقد حبيب
إذا كان هناك سمة تميز الكبار عن الصغار فهي القدرة على الصبر.
إني رأيت وفي الأيام تجربة للصبر عاقبة محمودة الأثر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن