ثقافة وفن

دراسة في الأنواع الجديدة للجملة العربية … د. محمد عبدو فلفل: بحث الظاهرة اللغوية ليس محكوماً بالمستوى النحوي… فيُبدأ من البسيط إلى المركب أو بالعكس

| سوسن صيداوي

في ظل التطورات التي تأخذ بحياتنا نحو عولمة جاذبة ومسيطرة على العقول، لابدّ من الوقوف بحزم بوجهها وبوجه كلّ تنوعاتها، كي نحافظ -بداية- على عروبتنا اللغوية، سواء من حيث النحو أم من حيث التقسيمات الجديدة للجملة العربية التي فرضها واقع التقسيم النحوي اللغوي العربي الحديث، المتأثر بالنحو اللغوي الغربي والمقصود به هنا(اللسانيات)، لهذا تأتي هذه الدراسة لبيان ولمناقشة الأسباب والمقومات والمفاهيم التي اعتُمد عليها في القول بهذه الأنواع الجديدة للجملة العربية، وبالطبع الدراسة من تأليف د. محمد عبده فلفل وصادرة حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب. جاءت بعنوان: (مراجعات في النحو العربي) بواقع 283 صفحة من القطع الكبير، مقسمة على تسعة بحوث.

في المقدمة
ابتدأ المؤلف بحثه بمقدمة باشرها بالتالي «لعله من المسلم به أن خصوصية رؤية الباحث لما يُعنى بدراسته، إنما تتأتى في جانبها المهم والأساسي، من المرجعيات المعرفية التي يصدر عنها في دراسته لما يدرس، يضاف إلى ذلك ما يجب أن يتحلى به الباحث من موضوعية وعقلية نقدية بناءة، لا تكتفي بترديد المقولات وتسطيرها، مهما كان حظها من الشهرة والشيوع. ولعل في ذلك ما يفسر تطور العلوم، واستمرار مسيرة البحث العلمي التاريخية في مختلف الميادين.
فالمراجعات النقدية للمنجزات السابقة تبعث، كما يقال، الحياة في البحث العلمي الذي قد لا يعدو أن يكون مراجعة مستمرة لما أنجزه السابقون. وبهدي من هذه الرواية تعاود هذه المراجعات القول في مسائل أساسية ورائجة في النحو العربي، وفي درس اللغة العربية ونحوها، كعلاقة الإعراب على اختلاف مفهوماته بالمعنى، والدلالة الإفرادية للفعل، وعدم كفاية القول بدلالاته على الحدث والزمن، والقسمة الثلاثية لأضرب الخبر وعدم كفايتها في استيعاب مختلف ضروب التراكيب الخبرية في اللغة العربية».

المبحث الأول… في نشأة النحو العربي

يرى المؤلف محمد عبدو فلفل أن هذا البحث ينظر إلى نشأة النحو العربي أصيلاً أو متأثراً في نشأته الأولى بمسترفدات من الأمم السابقة، وإلى الواضع الأول له، متابعاً «وذلك بتوسيع زاوية النظر من الناحيتين التاريخية والعلمية، أما الناحية التاريخية فالمراد بها احتمال أن يعود التفكير اللغوي عند العرب إلى العصر الجاهلي. وذلك خلافاً لما يلاحظ في الدراسات المعنية من الاقتصار على البحث عن نشأة النحو العربي في القرن الأول للهجرة، وأما الناحية العلمية فهي ضرورة البحث في نشأة التفكير النحوي عند العرب في سياق البحث في نشأة تفكيرهم في البحث اللغوي عامة، وذلك لسببين: أولهما تكامل مستويات الدرس اللغوي، وثانيهما أن دراسة الظاهرة اللغوية عملياً ليست محكومة دائماً بالبدء بالمستوى النحوي، فقد يُبدأ في ذلك من البسيط إلى المركب، وقد يبدأ بعكس ذلك».

المبحث الثاني… محدثات في الجملة العربية
يعتبر د. فلفل أن الهدف الرئيسي من هذا البحث، هو مناقشة تقسيمات جديدة للجملة العربية عند أبرز القائلين بهذه التقسيمات في الدرس النحوي اللغوي العربي الحديث. ويضيف: «فقد جاء هذا الدرس لأسباب عدة في مقدمتها التأثر بالدرس اللغوي الغربي، أي(اللسانيات) لأنواع للجملة غير اللغة العربية، لم تعرفها من قبل النظرية النحوية العربية القديمة. وأبرز هذه الأنواع هي الجملة الوصفية والجملة غير الإسنادية والجملة الوحيدة الركن، فقد حاولت هذه الدراسة بيان ومناقشة الأسباب والمقومات والمفاهيم التي اعتُمد عليها في القول بهذه الأنواع الجديدة للجملة العربية عند أشهر القائلين بها، أو ببعضها من اللغويين العرب المحدثين وهم: إبراهيم مصطفى، وإبراهيم أنيس، وإبراهيم السامرائي، وعبد الرحمن أيوب، وتمام حسان، وعلي أبو المكارم، ومحمد حماسة عبد اللطيف، وأخيراً شعبان صلاح».

المبحث الثالث…
التوكيد من الوجهة الوظيفية
يعاود هذا البحث القول في مسائل من مبحث التوكيد في العربية. وذلك لما تراءى للمؤلف من عدم الكفاية في التقسيم الثلاثي لأضرب الخبر في البلاغة العربية، وعدم الكفاية أيضاً في بيان المراد من توكيد بعض التراكيب، وفي نسبة التوكيد إلى بعض الأدوات، شارحاً د. فلفل «وبناء على ذلك سيدور هذا الحديث حول محاور ثلاثة. يسلّط أولها الضوء على مدى كفاية تقسيم أضرب الخبر في البلاغة العربية إلى ثلاثة: ابتدائي وطلبي وإنكاري. والمرجو في هذا الصدد هو القول بضرب آخر يمكن تسميته الخبر الانفعالي، وذلك عندما لا يراد بالتوكيد مراعاة حال المخاطب فيما نود الإخبار به، بل يراد به التعبير عن الحالة النفسية أو الانفعالية التي يصدر عنها المتكلم، أي عندما يهيمن على الحدث الكلامي الوظيفة الانفعالية النفسية للغة، وهو ما يبدو جلياً في توكيد الجملة المضارعية الاستفهامية وهذا هو المحور الثاني، أما ثالث هذه المحاور فهو النظر في نسبة التوكيد إلى السين وسوف ولن، فالراجح في ضوء الاحتكام إلى التوكيد مفهوماً ووظيفة أنه ليس من دلالات هذه الأدوات، والراجح أيضاً أن الدليل النصي القرآني وُظف في هذا السياق للاستدلال على ما لا يدل عليه».

المبحث الرابع…
الإعراب من الوجهة الوظيفية
في هذا البحث يوجه المؤلف دعوة صريحة إلى ضرورة ترشيد العناية بالإعراب، بمعنى التحليل النحوي في دراسة العربية وتدريسها، سواء أكان الغرض من هذه الدراسة علمياً أم تعليمياً «وذلك في ضوء حقيقة مفادها أن الإعراب بهذا المفهوم لا يسهم دائماً في توضيح معنى التركيب المعرب، ما تنتفي معه في هذه الحالة أن تكون الوظيفة الأساسية للإعراب إنما هي توضيح المعاني والإعراب عنها، ما يفضي بالإعراب في مثل هذه الحالة إلى أن يكون مجرد محاولة يائسة لتأكيد شمول نظرية العامل في العربية لكل ما جاءت به مدونتها اللغوية وذلك على اختلاف مصادر هذه المدونة».

المبحث الخامس..
في الدلالة الإسنادية للفعل
هذا البحث إسهام في التدليل على أن ما شاع عند دارسي العربية محدثين وقدماء من دلالة الفعل الإفرادية على الحدث والزمن فقط ليس هو المقولة الوحيدة في تحديد معنى الفعلية في اللغة العربية، فقد بيّن هذا البحث أن من المقولات المطروحة قديماً وحديثاً في تحديد هذا المعنى رأياً، مفاده أن الفعل يدل على حدث وزمنه وفاعله، أي إن من مكونات الدلالة الإفرادية للفعل في العربية دلالته على معنى الإسناد.

المبحث السادس..
نظرية العامل في النحو العربي
هذا البحث هو نقد وتعريف لكتاب «نظرية العامل في النحو العربي؛ تقعيد وتطبيق» للدكتور رياض حسن الخوام. وذلك مع النظر إلى نظرية العامل في موازين نماذج من آراء مؤيديها ومعارضيها، والقانعين بها مع إقرارهم بما عليها من المآخذ التي تستوجب إعادة النظر فيها.

المبحثان السابع والثامن
يتضمن هذان المبحثان نظرات في قرارات مجمعية(1) ونظرات في قرارات مجمعية(2) وهما استجابة لرغبة مجمع اللغة العربية بدمشق، في مراجعة بعض القرارات التي اتخذها مجلس المجمع، قبل اتخاذه القرار النهائي تجاهها.

المبحث التاسع والأخير
تطرق د. محمد عبدو فلفل في مبحثه الأخير إلى انزياحات دالة في الشاهد الشعري. وبرأيه هذا إسهام في تلمس معالم الجمالية أو الشعرية المعبّر عنها بالانحرافات اللغوية التي جاءت بها بعض شواهد النحو الشعرية «وذلك بالنظر إلى المحمولات الدلالية والانفعالية لهذه الانحرافات في ضوء العلاقات السياقية النصية العامة للنصوص التي تنتمي إليها هذه الشواهد. وستتمثل الانحرافات التي وقفنا عليها، والتي ستشكل مادة هذه الدراسة، بالانحراف على المستوى الصوتي والصرفي والنحوي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن