ثقافة وفن

لماذا يرفض ابنك الذهاب إلى المدرسة؟!

| هبة اللـه الغلاييني

تكثر نسبة الغياب عند الأطفال قبل سن السادسة عنها في السابعة والثامنة، وهناك أسباب عديدة تجعل الطفل يكره الذهاب إلى المدرسة، ويفضل الغياب، منها ما يتعلق بالحالة الصحية والنفسية لطفلك، ومنها أسباب تعود للبيت، أو المدرسة، ويجر الغياب عن المدرسة وراءه مشاكل كثيرة، منها مشاكل تربوية واجتماعية واقتصادية تثير قلق الوالدين والمدرسين والمجتمع.
يعتبر الغياب والتأخر عن المدرسة من علامات سوء تكيف طفلك مع المدرسة، كما أنهما من المشكلات التربوية التي تتطلب التوجيه والعلاج، وعادة يقبل طفلك على المدرسة إذا كانت تشبع رغباته وتنمي قدراته، وإذا توافقت مناهجها وطرق تدريسها مع عمره وميوله.
تشتكي السيدة (وصال) وهي ربة منزل، وأم لأربعة أطفال، من أن طفلها الصغير البالغ من العمر ست سنوات كان ينتظر الصباح بفارغ الصبر حتى يذهب إلى المدرسة، ويلتقي برفاقه، غير أنه في الأسابيع الماضية بدأ يتكاسل بالاستيقاظ، ويدعي المرض، ويترجاها ألا ترسله إلى المدرسة!

ومن جهة أخرى تحاول السيدة (ربا)، وهي امرأة عاملة، وأم لطفلين في سن المدرسة أن تفهم سبب تقاعس طفلها الصغير في الصف الثاني الابتدائي عن الذهاب إلى المدرسة فتقول: (في بداية العام الدراسي كان ابني كريم متحمسا لبدء العام الدراسي، ومتشوقا لملاقاة رفاقه، لكن منذ فترة لاحظت فتور همته في الدراسة، وعدم رغبته في الدوام في المدرسة، استغربنا أنا ووالده من تغيره، واختلاف مشاعره بالنسبة لمعلمته ورفاقه. وأخذت إجازة من عملي لأتفرغ له وأفهم منه الأسباب!
أسباب الغياب المتكرر والتأخر عن المدرسة:
يرجع غياب طفلك المتكرر لعوامل عدة، منها ما يعود لشخصية طفلك، وهي أسباب خاصة، وأسباب تعود للمدرسة، وأخرى تعود للبيت وهي أسباب عامة.
أولا: أسباب نفسية تعود لطفلك:
١- شخصية طفلك وتركيبته النفسية، وما يمتلكه من استعدادات وقدرات وميول تجعله لا يتقبل الأعمال المدرسية ولا يقبل عليها.
٢- الإعاقات الصحية والنفسية الملازمة للطفل، والتي تمنعه عن مسايرة زملائه فتجعله موضعا لسخريتهم، فتصبح المدرسة بالنسبة إليه مكانا غير سار، بل مزعج، ما يدفعه إلى البحث عن وسائل يحاول عن طريقها إثبات ذاته.
٣- عدم قدرة طفلك على استغلال وتنظيم وقته، وجهله بأفضل طرق الاستذكار، ما يسبب له إحباطا وإحساسا بالعجز عن مسايرة زملائه وإحراز نتائج جيدة.
٤- الرغبة في تأكيد الاستقلالية وإثبات الذات، فيظهر الاستهتار والعناد وكسر الأنظمة والقوانين التي يضعها الكبار (المدرسة والمنزل) والتي يلجأ إليها كوسائل ضغط لإثبات وجوده.
٥- ضعف الدافعية للتعلم، وهي حالة تتدنى فيها دوافع التعلم فيفقد الطفل الاستثارة ومواصلة التقدم، ما يؤدي إلى الإخفاق المستمر وعدم تحقيق التكيف الدراسي والنفسي.
ثانيا: الأسباب التي تعود للمدرسة:
وهي عوامل تعود لطبيعة الجو المدرسي والنظام القائم، والظروف السائدة التي تحكم العلاقة بين طفلك والمدرسة مثل:
١- الصرامة والقسوة وسيطرة العقاب كوسيلة للتعامل مع طفلك.
2- سيطرة بعض أنواع العقاب بشكل عشوائي وغير مقنن، مثل تكليفه بكتابة الواجب مرات عدة، والحرمان من بعض الحصص الدراسية (كحصة الألعاب، أو الموسيقا، أو الرحلات) والتهديد بالإجراءات العقابية الأخرى…. الخ.
3- عدم الإحساس بالحب والتقدير والاحترام من المعلمين أو من الزملاء، حيث يبقى قلقا متوتراً فاقداً الأمن النفسي.
4- عدم توافر الأنشطة الكافية والمناسبة لميوله وقدراته واستعداداته التي تساعده على خفض التوتر لديه وتحقيق المزيد من الإشباع النفسي.
5- كثرة الأعباء والواجبات المدرسية المنزلية التي يعجز طفلك عن القيام بها.
٦- عدم تقبله من زملائه أو من معلميه، والبحث والتعرف إلى مشكلاته ووضع الحلول المناسبة لها، ما يجعله يفقد الثقة بالمدرسة ومن يعمل بها، واللجوء إلى مصادر أخرى لتقبله.
ثالثا: الأسباب التي تتعلق بالأسرة:
1- كثرة الخلافات والمشاجرات بين أفراد أسرتك، ما يشعره بالحرمان وفقدان الأمن النفسي.
2- ثقتك المفرطة فيه، أو إهمالك وانشغالك عن متابعته، ففي الحالتين يتأثر طفلك سلبيا فلا إفراط ولا تفريط في متابعته والاهتمام به.
3- سوء المعاملة التي تتأرجح بين التدليل والحماية الزائدة التي تجعله اتكالياً سريع الانجذاب وسهل الانقياد لكل المغريات، وبين القسوة الزائدة والضوابط الشديدة التي تجعله محاطا بسياج من الأنظمة والقوانين المنزلية الصارمة، ما يدفعه للبحث عن متنفس آخر بعيداً عن المنزل والمدرسة.
4- الوضع المادي المتدني للأسرة والذي لا يمكن الوالدين من توفير احتياجات الطفل المدرسية، ما يدفعه لتعمد الغياب منعا للإحراج، ومحاولة للبحث عما يوفر له متطلباته.
5- رابعاً: عوامل أخرى:
١- الأصدقاء والرفاق وما يقدمونه لطفلك من مغريات تدفعه لمجاراتهم والانصياع لرغباتهم في الغياب والهروب من المدرسة وشغل وقته في اللعب والمتع.
٢- عوامل الجذب المختلفة التي تتوافر للطفل في مرحلة المراهقة وتصبح في متناول يده بمجرد خروجه من المنزل، مثل الأسواق العامة وشواطئ البحر، وأماكن التجمع ومقاهي الانترنت وغيرها.
مقترحات تقلل من غياب طفلك عن المدرسة:
١- توثيق العلاقة بينه وبين المعلمين من جهة، وبينه وبين زملائه من جهة أخرى عن طريق الاشتراك في الأنشطة الجماعية واللقاءات ذات الفائدة.
٢- استيعاب ميوله ورغباته وإيجاد متنفس لها كإشراكه في ناد أو في لعبة أو رياضة جماعية مثل كرة القدم.
٣- تهيئة الجو المناسب للمذاكرة في البيت، ومراعاة ظروف سن المراهقة.
٤- معرفة الأسباب التي تجعله يحاول الغياب والهروب من المدرسة ووضع الخطط لحلها.
٥- تشجيع طفلك على الدراسة واستخدام الوسائل الحديثة الممكنة التي تبسط له العمليات التعليمية كالأقراص الممغنطة، عبر المواقع الالكترونية التي تعج بالدروس في جميع المواد بشكل يجعل العملية التعليمية ممتعة.
مقترحات تقوم بها المدرسة لمعالجة مشكلة الغياب:
١- تطبيق نظام المقررات الاختيارية في المدارس.
٢- توعية الأطفال عن طريق وسائل الإعلام.
٣- منح الجوائز للطلاب المتفوقين.
٤- التوسع في الحفلات الترفيهية والأنشطة المناسبة لميول الأطفال.
٥- إدراك ومراعاة الفروق الفردية بين الأطفال.
٦- العمل على استخدام أساليب التعزيز المناسبة.
٧- العمل على عدم إرهاق الطفل بالواجب المنزلي.
8- الدقة في وضع درجات التحصيل.
٩- التعاون بين إدارة المدرسة وأولياء الأمور لعلاج صعوبات التعلم لدى بعض الأطفال.
مقترحات بشأن المناهج المدرسية:
١- الاهتمام بالكيف وتخفيف الكم في المناهج.
٢- تبسيط المناهج الدراسية ومناسبتها لقدرات وميول الأطفال.
٣- يجب أن تتضمن المناهج الدراسية بعض الأنشطة التعليمية.
٤- ربط المناهج بالبيئة المحلية للطفل.
٥- ينبغي مراجعة المناهج بشكل دوري وتجديد الموضوعات.
… وأخرى بشأن البيئة المدرسية:
١- الاهتمام بالإرشاد الطلابي وتفعيل دوره.
٢- تفهم ظروف الأطفال الذين يتغيبون عن المدرسة وعلاجها.
٣- تحسين الوسائل المساعدة لعملية التعليم.
٤- التوسع في إنشاء المباني المناسبة المهيأة واستخدام الوسائل الحديثة.
٥- تحسين العلاقة مع الأطفال ومنع العقاب البدني.
٦- توعية الآباء بأهمية انتظام أبنائهم في المدرسة.
٧- استمرار الاتصال والتواصل بين البيت والمدرسة.
٨- توفير وسائل مواصلات آمنة للأطفال من وإلى المدرسة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن