وتتوقع بقاء أسعار اللحوم والفروج مرتفعة حتى عيد الأضحى … هيئة حكومية تدعو إلى استيراد اللحوم لخفض الأسعار .. لم يساهم القطاع العام عبر مؤسساته في تخفيف ارتفاع الأسعار ولا سيما الفروج
| راما محمد
اقترحت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار السماح باستيراد اللحوم الحمراء المثلجة والمبردة بأقصى سرعة ممكنة لسد النقص الحاصل والفجوة القائمة ما بين العرض والطلب عليها، إلى جانب تخفيض التعرفة الجمركية للحوم المستوردة بكافة أشكالها وأنواعها الحية والطازجة والمبردة والمجمدة لتصبح 1 بالمئة بدلاً من التعرفة السائدة وهي 5 بالمئة للحوم الحية و10 بالمئة للطازجة والمبردة والمجمدة.
ورأت الهيئة في دراستها لمادة اللحوم الحمراء والفروج في الأسواق المحلية (والتي حصلت الوطن على نسخة منها) ضرورة متابعة الكميات المهربة من مادة الفروج من حيث صلاحيتها للاستخدام من عدمه ليصار إلى زيادة التوريد للأسواق ضغطاً للأسعار والحد من ارتفاعها، ريثما يجري طرح الأفواج التي تم البدء بتربيتها نتيجة ارتفاع أسعار الفروج والتي من المتوقع أن تطرح بعد حوالي 40 يوماً.
وأعادت الدراسة ارتفاع أسعار اللحوم محلياً نتيجة جملة من العوامل المؤثرة بالسعر كتطورات أسعار صرف الليرة السورية مقابل القطع الأجنبي، موضحة أن انخفاض سعر صرف الليرة أمام الدولار يجعل من سعر اللحم محلياّ منخفضاً ما يحفز على التهريب للجوار، ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع السعر -لنقص العرض- إلى المستوى الذي يصبح فيه تهريبه غير مجدٍ نتيجة توازن السعر المحلي وتكاليف التهريب مع سعر الجوار، مشيرة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات التربية من أدوية ولقاحات وفيتامينات وغيرها والمستوردة جاهزة من الخارج أو كمواد أولية للتصنيع المحلي.
وأضافت الدراسة إلى ما سبق من أسباب ارتفاع الأسعار، ارتفاع تكاليف ومستلزمات النقل وظروف المناخ وحالة الموسم وفترات الأعياد، إضافة إلى أن ارتفاع أسعار نوع من اللحوم كالغنم يدفع المستهلكين للتحول إلى البدائل كلحوم العجل والبقر والفروج ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع أسعارها، مشيرة إلى أن العامل الأكثر تأثيراً كان نقص أعداد الثروة الحيوانية الذي أدى إلى نقص العرض فيها، منوهة باختلاف الأسعار بين المحافظات نتيجة انخفاضها في المحافظات المنتجة للحوم مقارنة بالمحافظات المستهلكة.
ولفتت الدراسة إلى غياب وعدم مساهمة القطاع العام عبر مؤسساته ومهامه في المنع أو التخفيف من ارتفاع الأسعار ولاسيما الفروج، إلى جانب عدم تدخل المؤسسات الحكومية التي يتوافر لديها كل المستلزمات من برادات وسيولة مالية وغيرها للتدخل والشراء والتخزين عند تدني الأسعار عن السعر العادل للطرفين المنتج والمستهلك، وذلك للحد من تدهور الأسعار ومنعاً من خروج المنتجين من السوق وضمان استمراريتهم فيه عبر طرح ما يجري تسويقه وتخزينه في حال انخفاض التوريد ما يؤدي بدوره للحفاظ على استقرار الأسعار والحد من ارتفاعها، منوهة بأنه في هذه الحالة يمكن تسمية المؤسسات بمؤسسات التدخل الإيجابي أي حماية للمنتج مرة وللمستهلك مرة، مؤكدة عدم حصول ذلك ما دفع الكثير من المربين للخروج من الأسواق.
وبينت الدراسة أن توريد اللحوم الحمراء والفروج للأسواق المحلية هو من الإنتاج المحلي فقط باعتبار أن الاستيراد النظامي غير مسموح به سوى لمعامل المعلبات، وبالتالي لا يوجد أي مصدر بديل سوى ما يجري تهريبه من مادة الفروج المجمد من دول الجوار، مؤكدة أن السيطرة على أسعار اللحوم أو تخفيضها أو تأمين استقرارها بالحد الأدنى يمكن تحقيقه من خلال توازن العرض والطلب من خلال توفير البدائل بنوعية مرغوبة وأسعار منافسة.
واعتبرت الدراسة أن حماية المربين وتلافي خروجهم من السوق أكثر أهمية وفائدة من دعمهم ومساعدتهم للعودة إلى الإنتاج والتوريد مجدداً بعد خروجهم منه، كون ذلك يحتاج وقتاً للحد من آثار نقص التوريد عدا عن فقدان استقرار الأسواق ومعاناة المستهلك.
الدراسة السعرية للحوم الحمراء
بينت الدراسة أن أسعار مادة اللحوم الحمراء شهدت استقراراً خلال الفترة الممتدة من تشرين الأول وحتى كانون الأول من العام الماضي لانخفاض الطلب وزيادة العرض، لتعاود الارتفاع مع بداية العام 2019 ليصبح سعر الكيلو الغرام الواحد من لحم العجل هبرة 4200 ليرة ولحم الغنم هبرة 5350 ليرة ولحم الغنم قائم 1725 ليرة، ثم شهدت ارتفاعا آخر في شهر شباط الماضي لتصل إلى ما يزيد عن 6500 ليرة للحم الغنم هبرة و4200 ليرة للحم العجل هبرة و1850 ليرة للحم الغنم قائم، لتتجاوز بذلك أعلى الأسعار المسجلة في العام 2018 بنسبة 16. 8 بالمئة، معيدة السبب في ذلك إلى ارتفاع كميات هطل الأمطار العام الحالي وتوفر المراعي الطبيعية وانتشارها ما دفع باتجاه التربية والتسمين والإحجام عن البيع ما يخفض بشكل كبير من عرض المادة ويؤدي لزيادة أسعارها للحد الذي يتوازن فيه العرض مع الطلب.
ورجحت الدراسة استمرار زيادة الأسعار أو على الأقل استقرارها بأسعار أعلى من الحالية خلال الفترة المقبلة وحتى منتصف شهر آب أي عند انتهاء عيد الأضحى، معيدة السبب في ذلك إلى حلول شهر رمضان مع بداية شهر أيار؛ كونه موسم يزداد فيه الطلب على المادة ما سيحد من تأثير بداية جفاف المراعي في شهر أيار والتحول إلى الأعلاف المركزة المكلفة للمربي والتي تدفعه إلى الإحجام عن التربية وزيادة عرض المواشي للذبح، إلى جانب تأهب المربين للإحجام عن البيع وطلب الأغنام للتربية والتسمين، لتبدأ الأسعار بعدها بالانخفاض بشكل واضح.
وأكدت الدراسة أن أسعار لحم العجل بقيت مستقرة خلال فترة الدراسة؛ لتوازن العرض والطلب ما يظهر أن ارتفاع أسعار لحم الغنم الهبرة جعل من مادة الفروج بديلاً عنها وليس لحم العجل.
وأشارت الدراسة إلى أن أسعار اللحوم الحمراء في الأردن أكثر انخفاضاً مما هي عليه في الأسواق المحلية؛ لتوفرها بأشكال مختلفة وبالتالي فإن التهريب إلى الأردن سيكون محدوداً جداً ما لم تكن الأردن دولة عبور، بالمقابل فإن الأسعار في لبنان أعلى بنسبة واضحة عن الأسعار المحلية ما يشير إلى أن دوافع وحوافز التهريب إليها موجودة، ما يؤدي بدوره إلى زيادة نقص العرض في الأسواق المحلية.
الدراسة السعرية للفروج
لفتت الدراسة إلى أن ارتفاع أسعار مادة الفروج جاء نتيجة الانخفاض الكبير في العرض مقابل الطلب، معيدة السبب في ذلك إلى التشدد في مكافحة التهريب والحد منه، مشيرةً إلى أن أسعار تداول الفروج خلال الأربعة الأشهر الأخيرة من العام الماضي لم تكن عادلة فزيادة العرض الناجمة عن زيادة الإنتاج إلى جانب توفر الفروج المهرب أدى إلى تدنٍ كبير في الأسعار، ما حجب بدوره الربح عن المربين وأخرج بعضهم من السوق، يضاف إلى ذلك البرودة الشديدة لشتاء هذا العام ما يستلزم التدفئة وبالتالي المزيد من المصاريف، إلى جانب انخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج والذي أدى بدوره إلى زيادة عدد المربين الخارجين من السوق.
وبينت الدراسة أن ارتفاع الأسعار بشكل مطرد جاء ليحقق التوازن بين الكميات المعروضة والطلب، إذ وصل سعر الفروج المنظف إلى 1300 ليرة.
وتوقعت الدراسة أن السعر يتجه للارتفاع أقله خلال الأربعين يوماً القادم، كونها الفترة اللازمة لعودة المربين الخارجين من الإنتاج إلى التربية وطرح إنتاجهم في السوق نتيجة ارتفاع أسعار الفروج ما يشجع ويحفز على التربية.
ونوهت الدراسة بأن أسعار مادة الفروج في الأردن متقاربة مع الأسعار المحلية، وبالمقابل فإنها في لبنان أعلى مما هي عليه في الأسواق المحلية، الأمر الذي يشجع على التهريب إليها ونقص العرض محلياً.