رياضة

هل نجح اتحاد السلة بتحديد الأعمار؟ وهل يمكنه تشكيل فئة جديدة؟

| مهند الحسني

توسمنا خيراً من قرار اتحاد كرة السلة الذي حدد أعمار اللاعبين الشبان، ومدى مشاركتهم مع فرقهم هذا الموسم، وخلنا في أنفسنا أننا لابد من أن نرى تطوراً ملحوظاً بمستوى اللاعبين الشبان الذين يرغبون في مقارعة الكبار، وأخذ مكانهم مع فرقهم، وبالتالي سينعكس ذلك على تطور مستوى اللاعبين الكبار ليكونوا أهم خيارات المدرب، لكن تفاؤلنا هذا لم يدم طويلاً بعدما وجدنا ولمسنا أن هذا القرار لن تكون له نتائج ايجابية على أرض الواقع، ولن يطور مستوى أنديتنا لأن آلية التطبيق لم تأت جدواها.

نتائج
من الطبيعي أن يأخذ اللاعبون الصغار الفرصة مع تطبيق هذا القرار لتأكيد جدارتهم، وسوف يظهر حقيقة مستواهم، وسيكون لهذا القرار في حال تنفيذه على أرض الواقع بشكل جيد انعكاسات ايجابية على جميع مفاصل السلة السورية، وسوف نرى جيلاً سلوياً مشرقاً ينسينا شر الهزائم والنكبات المريرة، لكن الأمنيات شيء، والواقع شيء آخر.
فاللاعب الشاب الذي بات بموجب هذا القرار ضمن خيارات مدربي الأندية، ومشاركته باتت واجبة وإجبارية، لم يعد يهتم بتطور مستواه، بعد أن ضمن مشاركته لأن اتحاد السلة سيرفع عصا المحاسبة بوجه الأندية في حال غاب هذا اللاعب عن المشاركة، وكان حرياً باتحاد السلة وضع ضوابط لمشاركة هؤلاء الشباب، بأن يلعب على وتر تحفيزهم، بحيث تكون مشاركتهم مع فرق الرجال واجبة في حال ارتقوا بمستواهم الفني نحو الأفضل، وكانوا عند حسن ظن مدربهم، وكان من الواجب ألا ينظر اتحاد السلة إلى اللاعبين الشباب فقط، رغم أهمية الاهتمام بهم، وتأمين المناخات المناسبة لهم، ولكن بالمقابل صفوف أنديتنا بدأت تعج باللاعبين الكبار الذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً على أنديتنا، ولن نذكر أسماء أحد منهم حتى لا يقال عنا إننا نتصيد أي لاعب، لكن أليس من المعيب أن نصدر قرارات تخص اللاعبين الشباب، دون أن نصدر قرارات تحد من وجود اللاعبين الكبار ضمن أنديتنا، لو كان مستواهم الفني والمهاري يؤهلهم لذلك لكان ذلك أهون من أن يكونوا عبئاً على أنديتهم التي لم تعد تستفيد منهم بشيء سوى دفع الرواتب ومقدمات العقود، فأنديتنا لن تتطور ما دامت تسعى للتعاقد مع لاعبين كبار تجاوزوا الخامسة والثلاثين، ولن تتطور ما دامت لا تسعى بشكل جدي لتطوير مستوى اللاعبين الشباب بشكل جدّي وبطريقة مثالية.

اقتراح الرديف
نذكر قبل سنوات أن اتحاد كرة القدم فرض على أنديته الاهتمام بجميع فئات اللعبة، ووجد حينها ضرورة اعتماد فئة الأولمبي أسماها ( الرديف) وكانت تشارك في الدوري مثل أي فئة، وكانت نتائجها جيدة، حيث ساهمت في خلق فرصة لعب للاعبين بهذا العمر بدلاً من تركهم على دكة الاحتياط، وفي الوقت نفسه عملت الأندية على انتقاء الأفضل منهم لضمهم لفريق الرجال، وبهذه الطريقة كان اللاعب يلعب بدوري الرجال، وهو في مستوى جيد، بفروقات بسيطة بينه وبين لاعب فريق الأول.
فلماذا لا يلجأ اتحاد السلة إلى فكرة تشكيل فئة جديدة تضم هؤلاء اللاعبين في هذا العمر، ويلزم الأندية بها بدلاً من اختراع قرار تحديد الأعمار، وفرضها على الأندية بطريقة ممجوجة، فالتجربة مشروعة وقائمة عسى أن نجد أنديتنا تعمل بطريقة جيدة ومثالية تساهم في رفد المنتخبات الوطنية بلاعبين متميزين، مع إمكانية وضع نظام دوري قوي ومتطور لهذه الفئة التي ستكون الرافد الأساسي لفرق الرجال، ومن ثم سيكون الاهتمام بها من الأندية كبيراً.

الأندية
ليس كل تراجع بمفاصل اللعبة تقع مسؤوليته على اتحاد السلة، فهو عمل حسب خبرته وطاقته، لكن هناك من يشاركه في عمليتي التراجع والتطوير إن وجدت، والتطور يبدأ من أنديتنا، ولو كانت هذه الأندية تسير ضمن خطط مدروسة وممنهجة، وتقودها إدارات محترفة لا منحرفة، بأشخاص رياضيين وفنيين بعيداً عن الانتخابات التي تفرز أشخاصاً لا ينتمون للرياضة بأي صلة، لكانت عملت وهي في معترك الأزمة على قواعدها بشكل صحيح، وساهمت في وضع الإمكانيات المالية الممكنة للصرف عليها، وإعدادها بطريقة علمية، ولكانت أنديتنا حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب القادرة على المنافسة الحقيقية حتى على الصعيد الخارجي، لكن عبثاً فغياب التخطيط الممنهج لدى جميع أنديتنا بات واضحاً، وزاد من همومها دخول الاحتراف بطريقة عشوائية ساهم في هموم وشجون الأندية.
الدوري القوي
لا شك بأن الدوري القوي لابد أن يفرز منتخبناً قوياً، غير أننا منذ ثماني سنوات لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه، حيث تمكن اتحاد السلة من الإبقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، عندما كان للاعب الأجنبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي، وضعف مسابقاتنا كان لهما نتائج سلبية على إعداد وصناعة لاعبنا الوطني، الذي غابت عنه المباريات القوية.

خلاصة
تطور السلة السـورية ليــس مســؤولية اتحاد السلة فقط، وإنما هو عملية تشاركية، وحلقة متكاملة، وعلينا جميعاً أن نقف وقفــة صادقــة بنيات طيبــة، في ســبيل تقديــم الأفضـل لسلتنا بجميــع مفاصلها، ولا بــد لجهودنــا أن تثمــر مهما كانت الصعوبات والمنغصات، فلا توجد عقبة تقف أمام إرادة الرجال، فهل من مستجيب؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن