ثقافة وفن

الاحتفاء العالمي بالسعادة … السعادة شعور نسبي يختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه وترتبط بالرضا والراحة

| وائل العدس

للسعادة مفاتيحها التي بقدر ما هي سهلة، بقدر ما تتطلب منك بذل مجهود إنساني لتحقيقها لك ولغيرك على السواء.
تعتبر السعادة من المفاهيم الأساسية في حياة البشر، ومن أهم الحقوق التي ينبغي أن يتمتع بها الفرد بغض النظر عن دلالات السعادة التي تختلف باختلاف البشر.
السعادة شعور غامر بالفرح والسرور، وهي كمية كبيرة من الطاقة الإيجابية التي تشعل فتيل الفرح في القلب وتجعله يرى الدنيا بمنظور أجمل، لهذا يبحث عنها الجميع.
وعلى الرغم من هذا فإنه لا يوجد تعريف واحد للسعادة، فالسعادة شيء نسبي يختلف تعريفه من شخص إلى آخر، فالبعض يرى السعادة في تحقيق المناصب، والبعض يراها في جمع الأموال، والبعض يرى السعادة في السفر أو في الزواج وإنجاب الأبناء، لهذا هناك كلمات كثيرة بمعان مختلفة تصف السعادة.
ويصادف 20 آذار، اليوم العالمي للسعادة، حيث يحتفل العالم بهذا اليوم بعد أن اعتمدت الأمم المتحدة هذا اليوم من كل عام يوماً دولياً للسعادة اعترافاً بأهمية السعي للسعادة، حيث تقرر هذا في 28 حزيران 2012 على هامش فعاليات الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعنوان «السعادة ورفاهية المجتمع والنموذج الاقتصادي الحديث».

مفهوم السعادة
يختلف منظور ومفهوم السعادة من فرد لآخر؛ إلا أنها شعور عام يشعر ويشترك الناس به؛ أي أنها متاحة في يد الجميع، فالناس تختلف في طباعها واتجاهاتها؛ حيث قد يرى البعض السعادة بالمال والبعض الآخر قد يرى السعادة بالإنجاز والنجاح، كما من الممكن أن الفرد ذاته قد تختلف نظرته للحياة وللمؤثرات التي حوله باختلاف أطواره الزمنية وظروفه وأحواله، ولكل طور زمنية أو مرحلة عمرية أفقها الخاص الذي يعيش الفرد بداخله، وفي الوقت الذي يحصل فيه الفرد على ما يلائمه وما يسعى إليه، فإنه يعيش بهذا التلاؤم شكلاً من أشكال السعادة بحصوله على ما كان يسعى إليه على الرغم من الصعوبات المختلفة التي واجهته.
وبشكل عام فإن السعادة هي شعور نسبي يختلف باختلاف قدرات الفرد وإمكاناته ودوافعه؛ إلا أنها تعتبر القَدَر أو الظرف المشترك بين الناس الذي يعود عليهم بالخير والمنفعة.
السعادة من المفاهيم التي ترتبط بالرضا والراحة؛ حيث تجد النفس البشرية الهدوء وراحة البال التي يلجأ إليها الناس من مثيرات العالم الخارجي الصاخبة، فالسعادة هي مفهوم من غير الممكن رؤيته ولمسه، بل يظهر على الفرد الذي يعيش داخل محيطها.
ومن الممكن تعريف وشرح مفهوم السعادة لغة على أنها بموقع الاسم الذي يعبر عن الفرح والابتهاج وكل ما يُدخل ويزرع الفرح والسرور على النفس البشرية.

ما السعادة؟
السعادة هي أن تسمع كل شيء يتحدث من حولك حتى الجمادات، تخبرك أنك تستحق الحياة، أن تؤمن أنك بطيبتك تستطيع تغيير أصعب الأشياء، وأهمها نفسك، وألا تتعب من عد النجوم، وأنت ترسم على وجهك ابتسامة لا يقتلها شحوب الليل أبداً، وتتلمس التجاعيد التي تغزوك كل يوم من دون أن تشعر أنك كبرت.. تكتفي بالتحدث إلى نفسك ساعات من دون الشعور بالوحدة.. تستمع إلى أغنية حزينة جميلة من دون أن تورثك غصة تطرق على جرحك المنسي بعنف.
السعادة أن تُحب بعفوية، من دون أن تتخذ من الحب وجبة يجب أن تنالها كما ينالها الآخرون، وتتذوقها كما يتذوقها الآخرون.. أن تُحب من دون مخططات وضمانات وخوف.
السعادة أن تضحك بلا حواجز، وأن تحرر الطفل الذي بداخلك الذي لا يدّعي المثالية التي يرتديها الكبار.. إلا تخجل من حزنك.. أن تطبطب عليه بحنان، متفهماً بشريتك التي تدعوك للبكاء أحياناً، محتوياً ضعفك الذي يجعلك تشتاق إلى قوتك أحياناً.
السعادة أن تُفرحك ضحكة طفل أو طعم قطعة حلوى صغيرة أو كوب قهوة ساخن مع كتاب يبحر فيك إلى العالم.. حتى لو كنت تملك مالاً أقل من الآخرين أن تحلق بك دعوة أو كلمة، أن يتلاشى هذا الكبرياء الذي يمنعك من الاستماع للآخرين، والكبر الذي يمنعك من تفهم أخطائهم.
السعادة ألا تعيش أنانياً من أجل نفسك ولا مضحياً من أجل الآخرين، بل أن تعيش إنسانيتك من خلال الآخرين. إذا أسعدت نفسك أسعدت من حولك.

عند الفلاسفة
اختلف تعريف السعادة عند الفلاسفة القدماء باختلاف آرائهم ونظرياتهم وتوجهاتهم.
فينظر أفلاطون إلى السعادة على أنها عبارة عن فضائل الأخلاق والنفس؛ كالحكمة والشجاعة والعدالة والعفة، كما أضاف بأن سعادة الفرد لا تكتمل إلا بمآل روحه إلى العالم الآخر.
وعرّف أرسطو السعادة على أنها هبة من اللـه وقسمها إلى خمسة أبعاد، وهي الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة بين الناس.
ويرى تولستوي أن واحدة من أول شروط السعادة، هي أن العلاقة بين الرجل والطبيعة يجب أن لا تكسر.

دراسات علمية
يرى الباحثون أن نحو 40 بالمئة من سعادتنا تتوقف تحت سيطرتنا الخاصة، كما يتم تحديد الباقي من الوراثة والعوامل الخارجية.
وتشير العديد من الدراسات إلى أن الأشخاص الأكثر سعادة يفضلون امتلاك الوقت أكثر من المال وتجعلهم أفضل رضا وسعادة.
ويقول الأطباء إن الشعور بالسعادة يعمل على تحسين معظم الحالات المرضية، نتيجة إفراز الجسم هرمونات السعادة (كالأوكسيتوسين والسيروتونين) التي تؤدي إلى عدم الشعور بالألم وتحسن الحالة المزاجية في الجسم وتقلل من انقباض الأوعية الدموية.
ويؤكدون أن إفراز هرمونات السعادة في الجسم تساعد على عمل الشرايين والأوعية بحالة جيدة وتحسن من ضربات القلب بصورة طبيعية وأمراض القلب الناتجة عن التوتر كحالات الذبحة الصدرية وارتفاع ضغط الدم، كما أنها تجنب من إجهاد عضلة القلب الناتج عن عدم انتظام ضربات القلب التي تحدث ضعفاً بعضلة القلب على المدى البعيد.
وأشاروا إلى أن هرمونات السعادة تساعد على تحسن إصابة الجدار الأملس المبطن للشرايين الذي تسببت هرمونات التوتر في تضرره، ومن الأمراض الأخرى التي تعمل على تحسينها السعادة السرطان وأمراض المناعة الذاتية.
كما أكدوا ضرورة الحرص على السعادة والاهتمام بالحالة النفسية الجيدة، لأن السعادة تقي من الكثير من المشاكل المرضية التي تسببها هرمونات التوتر والحزن.
من ناحية ثانية، اهتم علم النفس بدراسة السعادة وأثرها في النفس البشرية من خلال فرع من فروعه، وهو ما يطلق عليه علم النفس الإيجابي؛ حيث يعمل هذا الفرع على رفع مستوى أداء الفرد الوظيفي النفسي بشكل أعمق وأبعد من معنى الصحة النفسية؛ حيث عرّف السعادة من خلال محدداتها، والعوامل التي تسير بالفرد إلى العيش بسعادة وسرور؛ كالرضا العام عن الحياة، وإشباع الرغبات، والتمكن من تحقيق الأهداف المرجو تحقيقها، والوصول إلى الطموحات التي يسعى الفرد إليها، إضافة إلى القدرة على توظيف القدرات والاستعدادات للوصول إلى مرحلة الرضا عن الذات وعن الآخرين.
وبشكل عام فقد عرّف علم النفس السعادة من الجانب الانفعالي على أنها الإحساس باعتدال المزاج والحالة النفسية، ومن الجانب التأملي المعرفي فهي الوصول إلى مرحلة الشعور والإحساس بالرضا.

نصائح للسعادة
ركز الاختصاصيون النفسيون على الكثير من النصائح التي تمنح الناس قدراً كافياً من السعادة، لأن حصول الفرد على سعادته ليست كافية لاستمراريتها، بل هناك العديد من العوامل التي إذا استطاع الفرد تحقيقها والوصول إليها فمن الممكن أن تتحقق له ما يسمى السعادة، ومن أبرز هذه العوامل والنصائح:
– تخصيص من 10 إلى 30 دقيقة للمشي بابتسامة على الوجه.
– العيش بثلاثة أشياء هي الطاقة والحماس والعاطفة.
– قراءة كتب أكثر في شتى المجالات.
– قضاء بعض الوقت مع أشخاص أعمارهم تتجاوز الـ70 عاماً، وآخرين أعمارهم أقل من 6 أعوام.
– الحلم خلال اليقظة يجلب السعادة.
– الإكثار من تناول الأغذية الطبيعية والاقتصاد من الأغذية المعلبة.
– شرب كميات كبيرة من الماء.
– عدم تضييع الوقت الثمين في الثرثرة.
– لا تجعل الأفكار السلبية تسيطر عليك، بل وفر طاقتك للأمور الإيجابية.
– ليس من الضروري الفوز بجميع المناقشات والمجادلات، بل حاول التوقف عن الخطأ وعدم التمادي فيه.
– لا تفكر في الماضي بكل سلبياته؛ حتى لا يفسد مستقبلك.
– تصالح مع ما أنت عليه، حتى العيوب والأخطاء التي ارتكبتها سابقاً، ابدأ بداية جديدة من دون جلد الذات.
– لعل أكثر ما يمنحك السعادة هو مخالطة الأشخاص الإيجابيين والابتعاد عن السلبيين والسوداويين.
– الاهتمام بصحتك هو أساس السعادة.
– اقنع ذاتك بالفوائد الإيجابية وأهميتها في حياتك.
– تجنب المشاكل، فكلما ابتعدت عن الصِدام ازددت سعادة.
– قليل من البكاء لن يضر، لكن تجنب مسببات الحزن.
– استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بذكاء.
– كن ذكياً في علاقاتك العاطفية ولا تتعلق قبل أن تتأكد من كون الآخر يبادلك المشاعر ذاتها.
– الإيمان والروحانيات من شأنها منحك الكثير من السعادة، بغض النظر عن الديانة التي تعتنق، وأحسن الظن بالله.
– الرياضة تسهم في رفع مستوى هرمون السيرتونين المسؤول عن شعورك بالسعادة.
– احتف بملذات الحياة مثل الطعام والرقص والغناء.
– مارس عملك بتعقل من دون إدمان؛ حتى لا تصاب بحالة الاحتراق الوظيفي.
– بادل الآخرين الحب وستحصد بالطبع مقابل هذا حباً، وسيكون له كبير الأثر على شعور السعادة لديك.
– التأمل والطبيعة يساهمان بشكل كبير في شعور المرء بالسعادة.
– مساعدة الآخرين والأعمال التطوعية من الوسائل القوية التي تتحقق من خلالها السعادة.
– خوض مغامرات وتجارب جديدة كالتسلق أو الغوص يجعلك تشعر بالسعادة أكثر من اقتناء الأشياء الباهظة الثمن.
– التأمل والابتعاد عن صخب الحياة ومشاغل العمل يمنحانك شعوراً بالسعادة.
– الثقة بالنفس وتقدير الذات.
– الإحساس بإمكانية السيطرة والتحكم بحالة الحياة النفسية والذاتية للفرد.
– الإنجاز والقيام بالأعمال الجيدة والمفيدة باستمرار.
– تقبل الأمر الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن