ثقافة وفن

المناورة – الرياء

| د. اسكندر لوقا

موضوعياً يمكننا القول إن البعض من الناس يلجؤون إلى المناورة في سياق تعاملهم مع الآخرين، ربما حرصاً على تأمين مصالحهم الشخصية أو دفاعاً عنها. ولكنهم، أحياناً كثيرة، يلحقون بالآخرين أضراراً حتى إذا هم لم يتعمدوا إيذاءهم.
إن المناورة عندما تكون نابعة من إرادة تخطي الحقيقة الموضوعية أو الواقع عن عمد وسابق تصور، عندئذ تنتقل فرضية المناورة البريئة من موقعها لتستقر في موقع آخر أقل ما يوصف به أنه موقع الرياء والمداهنة لا أكثر. وفي هذه الحالة يكون المناور من الناس، كما الممثل الذي يؤدي دوراً على خشبة المسرح يتعارض تماما مع حقيقة شخصيته، ولكن يغريه دوره فيمارسه على أرض الواقع بين الناس. وبذلك تسود النفعية وتكون الغلبة لمن هو الأقدر على القيام بدور الممثل خارج قاعة المسرح مدعياً أن هذه هي شخصيته على حقيقتها.
في الحالات الطارئة، كما في حالة تعرض هذا البلد أو ذاك لتداعيات أزمة ما لم تكن متوقعة، كثير من الناس، تغيرت سماتهم وبات صعبا على الإنسان التمييز من هو على حقيقته ومن هو يمثل دوراً على أرض الواقع مستنجداً بقناع أو بلبوس مستعار على سبيل المثال.
ومثل هذه الوقائع التي ترى أمامنا على الأرض تزداد حضوراً في المجتمعات التي تكون مهيأة نفسيا لتقبلها. وبذلك تكون الغلبة لمن يتقن فن المناورة إن صح التعبير وبالتالي تغيّب الحقيقة ويسقط المجتمع المصاب بهذه الخصلة في أحضان التجربة التي تبعده حتى عن تاريخه لاعن حاضره فقط. ولهذا يصح القول إن الرياء، من حيث نتيجته هو تكريم الباطل بشكل غير مباشر إرضاء لنزعات مرضية في نفس البعض من الناس تظهر علانية في أوقات لم تكن محسوبة في كثير من الأحيان، وبالتالي يتم تشويه وجه البلد والإنسان في ربوعه وإلى مدى لا يمكن تحديد أبعاده أو تبعاته في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن