رياضة

اللعبة الشعبية الأولى شهدت تحولات كبيرة وتسارعاً في تعديلاتها … بطولات كروية جديدة وأخرى نحو الزوال

| خالد عرنوس

على الرغم من المحاولات الحثيثة والدائبة لتغيير عدد من قوانين لعبة كرة القدم فإننا لم نشهد الكثير من هذه التبديلات خلال عقود طويلة حتى العقد الأخير الذي شهد ومازال الكثير من التعديلات الجديدة أو المستحدثة على صعيد القانون الأساسي للعبة القائم على 17 مادة مازالت تشكل العصب الرئيس فيها، التي لم تمس بجوهرها وإنما سعى المحدثون لتطوير بعضها بما يتماشى مع العصر في محاولة لحث اللاعبين على تقديم كرة قدم أكثر إمتاعاً على اعتبار أنها سلعة رائجة تجذب المليارات من جيوب المعلنين وعشاقها المتيمين في أرجاء الأرض.
وجرت بعض هذه التعديلات بشكل متسارع فأصبحت الاستعانة بتقنية الفيديو على سبيل المثال مطلباً شعبياً على مستوى المنافسات كافة لأنها أثبتت جدواها حيثما جربت، ولم يكن أحد من المهتمين وخاصة كبار السن منهم يتوقعون دخول التكنولوجيا بهذه السرعة والكثافة في صلب اللعبة ذلك أن تعديلات طفيفة كانت تأخذ الكثير من الجدل والنقاش في أوقات سابقة على حين الأمور تبدلت كثيراً في الآونة الأخيرة.

لكل شيخ طريقة

الأمر يبدو أنه لا يتعلق بزمن السرعة أو التطورات الكبيرة في عالم مشاهدة اللعبة فقط بل هناك دور كبير للأشخاص الذين يتولون أمر اللعبة ونخص هنا بالذكر رئيس الفيفا (أعلى هرم في كرة القدم) وكذلك اليويفا أي الاتحاد الأوروبي للعبة حيث الثقل المالي وحتى الفني عبر أنديتها التي تتحكم باقتصاد السوق وبالتالي فإنها تراعي مصالحها الذاتية أولاً ومن وراء الاتحادين العالمي والأوروبي الشركات الداعمة التي تبحث عن مكاسبها.
ففي زمن الراحل هافيلانج اعتبره كثيرون مغامراً عندما أدخل شركاء تجاريين مع المنظمة الدولية الأقوى لكنه أصر بعقليته الاقتصادية على تحويل مسار اللعبة من التجاذب بين الهواية والاحتراف إلى الاحتراف الكامل عبر الأموال الطائلة التي باتت تدرها من المعلنين ثم من جمهورها العريض مع شعار «ادفع لتشاهد»، ويمكن القول إن هافيلانج غير مسار اللعبة تماماً وباتت الأندية مؤسسات تجارية ضخمة تدار بعقلية اقتصاد السوق فأطلق العديد من البطولات العالمية التي مازالت قائمة لتتضاعف أرباح الفيفا وأصبحت توزع الملايين على أعضائها.
ورغم تهمة الفساد التي ما انفكت تطلق على تلك الحقبة وما بعدها فإن أن التاجر البرازيلي منح اللعبة بعداً جديداً وجاء خلفه بلاتر ليزيد من رقعة التجارة والعائد المادي ساعده في ذلك تطور النقل التلفزيوني بشكل رهيب، وذلك بالتزامن مع تقدم هائل للأندية على كل المستويات وخاصة الإعلانية والجماهيرية وأصبحنا نسمع تغريداً خارج السرب لعديد الأندية وخاصة صاحبة الجماهيرية الواسعة، فقد باتت تمحص في كل صغيرة وكبيرة وتعارض كل فكرة لا تتماشى مع سياساتها (المادية أولاً) وأصبحت تتدخل في كل شاردة وواردة وبات تمثيل المنتخبات الوطنية عبئاً حتى نالت تلك الأندية نصيبها من كعكة البطولات الكبرى حيث أصبح لكل ناد حصة مالية من عائدات المونديال حسب عدد اللاعبين الذين يمثلون هذا النادي أو ذاك.

رجل هذا الزمان

حقبة السويسري بلاتر شهدت انكشاف بعض حالات الفساد المتفشية منذ عهد سلفه رغم كل محاولاته بإقامة العديد من البطولات، فقد منح الأوروبيين كل التسهيلات وغض النظر عن كثير من المخالفات هنا وهناك لينتهي عهده بفضائح لم تنته توابعها بعد، ويأتي الدور على مواطنه (رجل الأعمال) جياني إينفانتينو ليتسلم التركة الثقيلة عام 2016، وبفضل انفتاحه الكبير على كل الآراء حتى تلك التي تمس قوانين اللعبة الرئيسية نجح حتى الآن بمهامه وخاصة مع التغييرات الكثيرة والتبديلات المثيرة التي أقرت في عهده حتى الآن وماتزال.
ففي السنوات القليلة الفائتة نجح أنصار التحديث بإدخال التكنولوجيا في اللعبة، فبعد إقرار تقنية الفيديو على خط المرمى (عين الصقر) أصبحت الإعادة التلفزيونية مرجعاً للحكام في بعض الحالات الجدلية وباتت بطولات الفيفا تعتمد تقنية (VAR) في اتخاذ العديد من القرارات المهمة لمساعدة الحكام رغم الجدل الذي شهدته التجربة في بدايتها إلا أنها أضحت مطلباً للسواد الأعظم بعدما أثبتت فائدتها في بعض المباريات وكانت سبباً في تغيير بعض النتائج.
ولم تقتصر التعديلات الجديدة على هذا الأمر بل دخلت في القوانين التي جرى تعديل بعض موادها مؤخراً، ويتعلق الأمر بركلة المرمى التي بات فيها يسمح للمدافع بلمس الكرة قبل خروجها من المربع، ولمسة اليد داخل الجزاء، وسيتم إيقاف اللعب وإلغاء الهدف واحتساب ركلة جزاء مع عقوبة الإنذار أو الطرد (حسب تقدير الحكم)، والتبديل والعقوبات الإدارية بحق المدربين الذين أصبحوا عرضة للبطاقات الحمراء بعدما كانت العقوبة تنفذ بالإشارة، وطالت الحكام بحيث لم يعد الحكم جزءاً من الملعب بل بات لزاماً عليه إيقاف اللعب وإجراء عملية إسقاط للكرة في حال ارتطمت في أي جزء من الملعب، والمعروف أن هذه التعديلات ستصبح موضع التنفيذ مطلع حزيران القادم.

انفتاح أم انفلات؟

على مستوى الشكل تبدو التغييرات الحاصلة ضرورية حسب البعض وحسب ما تقتضيه المصلحة العليا للعبة إلا أن التبديلات التي طبخت على نار حامية وجرى ويجري التخطيط لها على مقاس الأندية الكبيرة طالت شكل البطولات، وكانت البداية على مستوى دوري الأمم الأوروبية، البطولة التي أطلقها اليويفا العام الماضي كطريقة تعويضية عن المباريات الودية وجذب جديد للمعلنين وإلى الآن لم يتم تقييم التجربة الجديدة كلياً خاصة مع بقاء مباريات نصف النهائي والنهائي وموعدها حزيران القادم، ولن يقتصر الأمر على القارة العجوز فهاهو اتحاد الكونكاكاف يقتفي أثر القارة العجوز ويقيم دوري الأمم الخاص به، والحبل على الجرار.
ومنذ مدة يحاول الفيفا وعلى رأسه إينفانتينو زيادة عدد المنتخبات المشاركة في نهائيات كأس العالم (أهم بطولات الأرض على صعيد الرجال) وأفصحت مصادر الفيفا في وقت سابق عن أن نسخة 2026 تنتظر هذا الإجراء على أن تضم النهائيات 64 منتخباً دفعة واحدة على أن تقسم منافسات البطولة إلى قسمين، إلا أن أمراً ما دفع رئيس الفيفا للتسريع بالعملية (ربما مقابل فاتورة انتخابية) ليحاول زيادة عدد منتخبات البطولة إلى 48 بداية من النسخة القادمة في قطر 2022 ولذلك فقد طرح فكرة أن تدخل دولة أو دولتان جارتان لقطر على خط التنظيم واستقبال قسم من المباريات.

معارضة وأمر واقع

هذا الأمر عارضه البعض بشدة وخاصة الاتحاد الأوروبي الباحث عن مصلحة أنديته خاصة أن الموعد المنتظر لهذه البطولة هو الخريف حيث ستتعطل البطولات المحلية وحتى القارية فيها من أجل تفرغ اللاعبين للاستحقاق العالمي، ورغم ذلك فإن إينفانتينو العنيد لم يتراجع أو يركن إلى التهدئة بل وضع الأمر على طاولة البحث والبت فيه خلال مؤتمر الجمعية العمومية للفيفا على هامش مونديال السيدات في فرنسا بعد ثلاثة أشهر.
وبالطبع فإن إينفانتينو يعتمد على أصوات القارات الأخرى وخاصة مع الوعود بزيادة حصص القارات (على سبيل المثال آسيا وإفريقيا)، ولذلك فقد نرى الزيادة أمراً واقعاً بأسرع وقت ممكن.

القادم أعظم

والمثير في الأمر أن التغيير سيطول عدداً كبيراً في البطولات القارية والعالمية ولا شك أن أول الأحداث الكبرى التي ستشهد تطويراً جذرياً سيكون مونديال الأندية الذي سيصبح نهائيات متكاملة الأركان على غرار كأس العالم للرجال سابقاً على أن تقام كل أربع سنوات مرة بدءاً من عام 2021، وكرمى لعيون هذه الفكرة والبطولة وبالطبع إرضاءً لحيتان الأندية الأوروبية سيلغي الفيفا بطولة كأس القارات للمنتخبات التي قاتل بلاتر لاستمرارها وإعطائها الشكل الذي أصبحت عليه.
أما القنبلة القادمة فتتمثل ببطولة السوبرليغ التي تخص الأندية الأوروبية وهي فكرة قديمة سبق أن طرحها وعمل على إطلاقها ما يعرف بمجموعة الـ14 وهي عبارة عن عصبة الأندية الكبيرة في القارة العجوز وتضم حالياً 18 نادياً وتعثرت الفكرة غير مرة وسط معارضة شديدة من اليويفا والفيفا إلا أنها قد تصبح أمراً واقعاً خلال سنوات قليلة والأغلب أن نظامها سيكون على غرار دوري الأمم بطريقة الصعود والهبوط بعد تقسيم الأندية المشاركة إلى درجتين، والمثير في الأمر أن السوبرليغ ستتقدم على بطولات الدوري في أوروبا التي ستخضع لمقاييس هذه البطولة وستحدث بالتأكيد تبديلاً جذرياً على خريطة الكرة الأوروبية.

ماذا بعد؟

هذا غيض من فيض، وما كان صعب التغيير في عالم المستديرة أصبح سهلاً لأبعد الحدود مادامت الأموال الطائلة تهطل على الأندية الكبيرة، فعلى سبيل المثال إن المبلغ المتوقع من هذه البطولة الأخيرة يناهز ملياراً من اليوروهات فقط من حقوق النقل التلفزيوني سنوياً وسيوزع على الأندية المشاركة.
إذاً التبديلات والتغييرات قد تطول الكثير من البطولات الحالية وأقربها التصفيات المؤهلة للمونديال، وللقارئ أن يتخيل طريقة جديدة لإقامتها بحيث تضمن وصول الأفضل بغض النظر عن التقسيمات القارية،… ربما هي فكرة بعيدة إلا أننا في ظل المتغيرات الحاصلة قد تصبح أمراً واقعاً في وقت قريب.

لقاءات ودية

يقام اليوم عدد من المباريات الودية اللافتة وخاصة على الصعيد العربي، ففي طنجة بالمغرب يلتقي منتخبها أسود الأطلس نظيره الأرجنتيني للمرة الأولى بتاريخ المنتخبين ويغيب عن التانغو قائده ميسي للإصابة التي داهمته في لقاء فنزويلا ويومها خسر فريقه بنتيجة 1/3، وتأتي المباراة في إطار استعداد الأشقاء للنهائيات الإفريقية على حين المنتخب الأرجنتيني يتأهل لخوض كوبا أميركا، المباراة تنطلق في العاشرة إلا ربعاً بتوقيت دمشق.
وفي التوقيت ذاته يلتقي منتخب البرازيل نظيره التشيكي في براغ وكان السيليساو تعادل ودياً مع بنما 1/1 في حين خسر مضيفه بقسوة أمام إنكلترا صفر/5 ضمن تصفيات يورو 2020، يذكر أن لقاءً وحيداً جمع الفريقين منذ انفصال تشيكيا عن سلوفاكيا وذلك في نصف نهائي كأس القارات 1997 وانتهى برازيلياً بهدفين.
وضمن استعدادهما لكأس إفريقيا يلتقي منتخبا مصر ونيجيريا على ملعب ستيفن كيشي في مدينة أسابا النيجيرية وذلك في الخامسة مساءً، وتعد المواجهة بين النسور الخضر والفراعنة إحدى كلاسيكيات الكرة في القارة السمراء حيث تواجها 6 مرات في النهائيات القارية وتقاسما خلالها الفوز بواقع مرتين وتعادلا مرتين، يذكر أن المواجهة الأخيرة بينهما انتهت مصرية بهدف في تصفيات كأس إفريقيا 2016.
وعلى الصعيد ذاته يستضيف إستاد مصطفى شاكر في مدينة البليدة الجزائرية ديربياً على مستوى شمال إفريقيا يجمع محاربي الصحراء (الجزائر) ونسور قرطاج (تونس) بداية من الساعة 9. 45، وسبق للفريقين أن تواجها 10 مرات رسمياً منها مرتان في النهائيات القارية، الغلبة كانت للتونسيين، بنتيجة 1/صفر عام 2013 و2/1 عام 2017 وهي المواجهة الأخيرة بينهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن