ثقافة وفن

«فنانات أوغاريت» يحتفلن بالمرأة في شهرها الربيعي … الفن التشكيلي ناطق بأنثوية غارقة بلوحات ومنحوتات تعبيرية عميقة التفاصيل

| سوسن صيداوي- أسامة الشهابي

في شهر المرأة وتكريماً لعطائها وتضحياتها في بذل نفسها لأجل أبنائها ووطنها، اجتمعت سبع فنانات تشكيليات -فنانات أوغاريت- في معرض بصالة عشتار في دمشق، الذي ضم أعمالاً نحتية إلى جانب لوحات، معنية بالمرأة، بقضاياها، بمشاعرها، بأفكارها، كلّ ذلك وفق أسلوب وتقنية تميّز كل فنانة عن الأخرى. ومن الأسماء التي شاركت: النحاتة أمل زيات بثمانية أعمال نحتية بخامة الخشب، التشكيلية غادة حداد بست لوحات بأحجام متفاوتة بين الكبيرة والصغيرة، النحاتة ربى كنج شاركت بستة أعمال نحتية بخامة البرونز، وضم المعرض أيضاً أربع منحوتات للنحاتة علا هلال، ومعها أربع منحوتات أخرى للنحاتة يسرى محمد، إضافة إلى ثلاث لوحات للتشكيلية سراب الصفدي، وخمس لوحات للتشكيلية لينا ديب. «الوطـن» التقت بعضاً من المشاركات اللواتي تحدثنّ عن الأعمال، وللمزيد إليكم التفاصيل.
الخروج من الشرنقة

شاركت النحاتة ربى كنج بستة أعمال نحتية مصنوعة من البرونز، تجسد حالات تربط بين المرأة والطير، تعبيراً عن حياة الأشخاص وما يشعرون به خلال الظروف المحيطة والمشتركة عند الجميع، وبتفصيل أكبر عن الأعمال تقول كنج: «أعمالي دائماً تخص المرأة والطير، وهي تمثلنا كلّنا وتعبر عنا جميعاً، بمعنى أن كل واحدة من المنحوتات تمثل حالة ما يمكنني أن أعبر عنها بالتعبير(الخروج من شرنقة)، وأجسد تفاصيل دقيقة تصف هذا الخروج، وممزوجة بالخوف سواء من الضوء أم من الواقع، بمعنى حاولت أن أجسد في الأعمال التأثيرات المنعكسة علينا من الظروف المحيطة، ففي كل منحوتة أمر يشبهني حتى لو اختلفت الحالات. وأحب أن أشير هنا إلى أن الطير ليس بالضرورة أنه يعبّر عن الحرية، فمثلاً يعبر بإحدى المنحوتات وهو واقف على رأس المرأة، عن فكرة ضاغطة، والمرأة غير قادرة على الخروج منها. الأعمال كلّها من مادة البرونز، والجديد بالمنحوتات في التفاصيل كأن مثلاً تفتح أعينها وهي تخرج من الشرنقة إلى الضوء بطريقة ما، أو حركات أذرعها وشدّها على عضلاتها في مواجهة الخوف. كما أحب أن أشير إلى أن المنحوتات تمثل الحرية غير المبتذلة، بعكس المفهوم الخاطئ والمنتشر بين الناس، لذلك نلاحظ المرأة بالمنحوتة بكل تفاصيلها سواء بأعينها أم أصابع أيديها وفي حركاتها-حتى لو كانت عارية- ولكن لا يمكن للمشاهد أن ينظر للعري بطريقة غير مستحبة». وعن المشاركة في المعرض تختم النحاتة كنج: «وأخيراً هذا المعرض هو الثالث لنا كمجموعة فنانات تشكيليات -نحن ثمانية- لنثبت قدرة المرأة السورية وقوتها، وكل واحدة حسب موقعها واختصاصها، ونحن نحاول في كل ملتقى أو معرض بأن نبقى معاً، بل أن تنضم إلينا أسماء جديدة من الفنانات التشكيليات».

الوجوه مبسّطة
شاركت النحاتة أمل زيات بثمانية أعمال نحتية بخامة الخشب، متفاوتة في الزمن من حيث تعبير الوجوه عن الحالات الإنسانية التي تمر بنا، مع تبسيط بالملامح المعبّرة تبعاً للظروف الحالية فتقول: «بداية هذه ليست أول تجربة جماعية لنا، وبالأساس نحن الفنانات التشكيليات صديقات ولا يجمعنا فقط الفن التشكيلي، ومن الجميل بأن يكون أصدقاء المرء هم أنفسهم زملاءه بالعمل. أما بالنسبة للأعمال فأنا أحب كثيراً أن أعمل على الوجوه البشرية، لكونها الأكثر تعبيراً عما يدور بداخلنا، وأسلوبي تعبيري، ويمكن للمشاهد أن يلحظ أنني عملت على الوجوه خلال مراحل زمنية مختلفة، ففي مراحل اتجهت بالمنحوتات من التجريد إلى التبسيط والسطوح في المساحات، كما الواقع كوننا كنا في فترات سابقة نعقّد الأمور، واليوم أصبحنا نتجه نحو التبسيط، فمن هذا المبدأ انطلقت في المساحات للوجه المنحوت».

لا محدودية المرأة
بدورها حدثتنا التشكيلية غادة حداد عن أعمالها وهذا التجمع التشكيلي قائلة: «نحن كفنانات علينا أن نتمسك بدورنا ونتحدى هذا الزمن، والمرأة السورية ليست ضعيفة بل لديها عنفوان وإباء، ولديها الكثير مما تقدمه، ومن هذا المعرض كفنانات نقدم شيئاً لنثبت أننا موجودات». هذا وعن مشاركاتي أضيف: كما يتطور شكل المرأة عبر الزمن، كذلك تتطور ثقافياً، اجتماعياً، ومعنوياً. وجاءت لوحاتي الست المتنوعة الأحجام كلها كي تعبر عن المرأة بأسلوب واقعي، وبكوني أنا أنثى فأنا أستطيع أن أعيش ما تعيشه بشكل قوي وفي كل الأماكن أراقبها وأحب أن أعمل على نظرة عيونها بشكل كبير. والمرأة هي موضوع غني جداً ومتنوع كثيراً ومستقطب للجمهور، بمعنى هي موضوع خصب جداً بالحالات، فهي تشبه البحر والطبيعة، وبالنسبة لي هي لا محدودة بأفقها الواسع، ودائماً عندما أنهي أي عمل، أشعر بأنني مقصرة وهناك الكثير مما ينقصه، إذاً أنا لا أعمل فقط على الشكل الخارجي للمرأة بل يهمني كثيراً أن أجسد الحالات الروحية لها لأنها تمثل جزءاً مني، وأدعو هنا المرأة إلى أن تعود إلى أنوثتها وألا تأخذ دور الرجل، فلديها أمور لا يملكها أي مخلوق غيرها في العالم».

كوني أنت
من جانبها شاركت النحاتة علا هلال بأربع منحوتات أنثوية تتصف بأسلوب تعبيري، وعن أهمية المشاركة لها كونها أتت من محافظة طرطوس تقول: «أنا سعيدة بمشاركتي زميلاتي الفنانات بهذا المعرض الذي يغنيني روحياً وثقافياً، كما أتمنى بأن تكون المشاركات تنطلق إلى كل المحافظات السورية. ومن خلال هذا المعرض أقول للمرأة السورية كوني أنت، وعبّري دائماً عما يدور بداخلك، وانهضي بكل عنفوانك مما يمكن أن يقيدك. أعمالي التي شاركت بها تجسدها المرأة وهي تمثل الواقع، ولكل حالة موضوع، فتحدثت عن الحب، وعن بذل الأم لأولادها، وكذلك المرأة التي تصارع واقعها وتحاول أن تخرج منه».

المعرض منحنا الحافز
ختاماً التقينا بالتشكيلية سراب الصفدي التي شاركت بثلاث لوحات: «أنا أقول إن المرأة عندما منحوها الحرية وقالوا إنها أصبحت حرة، لقد ظلموها أكثر، فوقع على عاتقها مسؤوليات أكبر، لهذا أنا أبقى مناصرة للمرأة، وأنا أراقبها بشكل دقيق كي أعيش حالاتها وأفكارها وأشعر بشعورها، لهذا أهتم كثيراً بتفاصيل حياتها، لأن المرأة تعاني حتى لو تم تأمين كل حاجياتها. وأنا سعيدة جداً بهذا النشاط الذي يربطنا مع بعضنا كفنانات تشكيليات لأنه أعطانا حافزاً قوياً كي نعمل بشكل غزير وننتج أكثر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن