ثقافة وفن

طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية يحتفون بيوم المسرح تمثيلاً ورقصاً وغناء … معاون وزير الثقافة لـ«الوطن»: نبارك لأهل المسرح والمخرجين والكتاب والتقنيين وللجمهور الوفي

| سارة سلامة- طارق السعدوني

يحتفل العالم في السابع والعشرين من شهر آذار كل عام بيوم المسرح العالمي عبر تنظيم عروض وملتقيات مسرحية ومعارض فنية وندوات ثقافية في مختلف أنحاء العالم وقراءة رسالة يوم المسرح العالمي. وأطلق المعهد العالي للفنون المسرحية احتفاليته في دار الأسد للثقافة والفنون تحت شعار «يوم المسرح.. فن الحياة».
وبحضور جمهور المسرح في القاعة المتعددة الاستعمالات الذي جاء تواقاً لرؤية العرض الخاص لطلاب المعهد بيوم عيدهم عيد المسرح، فهمّ الطلاب من جميع السنوات والاختصاصات واستعرضوا قدراتهم وأفضل ما لديهم سواء في التمثيل والرقص والغناء والفنون القتالية. فتميزوا مجدين وحالمين أن يكونوا بيوم نجوماً في فلك مسرحهم. وكانت كلمة المعهد بأمانة عميده الدكتور ماهر الخولي الذي قال: (عندما نستعرض مسيرة العاملين في المسرح، منذ نشأته وحتى اليوم، ندرك أن الدرب لم يكن مفروشاً بالورود، وأن ما يعيق كان أكثر مما يدفع إلى الأمام، كان الفكر الإلغائي، الإقصائي أكبر الأخطار التي هددت المسرح، وما دعوات ومحاولات قتل نور التنوير المتأصلة فيه إلا أمثلة على هذا التهديد الذي لامس الوجود.. أكثر من مرة! المسرح رحابة واتساق وآفاق مفتوحة على الجمال والأحلام بالتغيير، وتواصل إنساني عميق، وتطلع إلى الأرقى والأحلى في الوسائل والغايات، والإلغاء ضيق وتضييق وحصار وانحصار في الجحور التي لا تراها.. الشمس!).
وتم افتتاح معرض الكتاب من مكتبة المعهد العالي للفنون المسرحية ومعرض بورتريه بمنزلة تحية إلى المربين وأساتذة المعهد والمسرحيين بريشة الفنان نضال خليل. إضافة إلى معرض فني لطلاب قسم السينوغرافيا، وعرض فيلم (الإطار الماضي) للطالبين طاهر سلوم ومنتجب عيسى من قسم التقنيات المسرحية.
وتخللت برنامج الحفل عروض مسرحية لطلاب المعهد عبر فقرات متنوعة في الغناء والرقص والقتال المسرحي ومشاهد تمثيلية بعنوان (العنبر رقم 2) حيث ضم كل ما يتصل بفنون الأداء الجماعية وشارك فيه طلاب التمثيل والرقص والسينوغرافيا والتقنيات والدراسات المسرحية بيد المخرج مأمون الخطيب.

كلمة يوم المسرح

وألقى كل من الطالبين مرح حسن وعلي محفوض كلمة اليوم العالمي للمسرح التي كتبها أستاذ المسرح بجامعة هافانا المخرج والدراماتورج كارلوس سيلدران. حيث أكد سيلدران خلالها أن «أساتذة المسرح كانوا قد بنوا إقامتهم ومناهجهم الشعرية على بقايا حياتهم الشخصية، والكثير منهم الآن غير معروفين لأنهم كانوا يعملون بصمت وفي قاعات التدريب المتواضعة داخل مسارح مزدحمة وبعد سنوات العمل والإنجازات الرائعة راحت أسماؤهم تتوارى تدريجياً ثم اختفوا، معتبراً أن موطن المسرحي هو لحظة اللقاء بالجمهور لكي يرافقنا ويتقاسم معنا بعض الساعات والدقائق ومن هذه اللحظات المنفردة تتكون حياتي».

سورية عريقة بفنها

وفي تصريح لها بينت معاون وزير الثقافة المهندسة سناء الشوا أن: «المثقفين والمسرحيين اليوم يحتفلون بيوم المسرح العالمي، الذي انطلق في العام 1961 بمبادرة من المعهد الدولي للمسرح، حيث تقوم 92 دولة من الدول المنتمية للمسرح بالاحتفال وفتح المسارح والصالات أمام الجمهور وإلقاء كلمة للمسرحيين تلقى على المسارح كافة، وهنا لا ننسى المبدع سعد اللـه ونوس الذي كان له شرف المشاركة قبل عام من وفاته وكتب كلمة: نبارك لأهل المسرح والمخرجين والكتاب والتقنيين ولجمهور المسرح الوفي الذي بقي رغم الظروف والأزمة وفياً له، وسورية تبقى عريقة بفنها وفن المسرح الأصيل يستحق الاحتفاء به ليس يوماً في العام إنما بشكل مستمر ودوري».

أبرزت نشاطات الطلاب

بينما يؤكد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور ماهر الخولي أن: «هذه الفعالية الثقافية أبرزت نشاطات الطلاب بعيد المسرح، ومتنت ما يقومون به من جهود ضمن العملية التدريسية، هي تحية من طلبة وأساتذة المعهد إلى جمهورهم على اعتبار أن هذا اليوم تفتح فيه صالات المسارح في المعهد وفي القاعة المتعددة الاستعمالات بدار الأوبرا لخلق حوار مع الجمهور، وهذا ما ينتظره الطلبة ليلمسوا ردة فعل الجمهور تجاه مادتهم الدرسية، وقمنا هذا العام بتوجيه تحية إلى جيل المربين والمؤسسين في المعهد من خلال معرض بورتريه للأساتذة بريشة الفنان نضال خليل، وتلتقي هذه الاحتفالية مع احتفاليات الأعوام السابقة في الخط العام، لكن الجديد هو إبداع الطلبة وإنجازاتهم».

طاقات واعدة

وبيّن مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين أنه: «كان واضحاً جداً الهمة التي قام بها طلاب المعهد العالي ولاحظنا الطاقات الواعدة من شباب وشابات يمتلكون إمكانيات عالية. لذلك فإن هذه الطاقات يجب أن تستثمر وتوظف بمكانها الصحيح. ويجب أن يجد هؤلاء الشباب مكانهم بالحراك الفني السوري. ونحن نعمل ليكون بالأفق مستقبل على المستوى الإستراتيجي وفي كل مناحي الفن إن كان على مستوى المسرح أو السينما أو الدراما التلفزيونية لتلاقي هذه الطاقات أماكنها بشكل كامل».

حافظوا على المسرحيين

وعلى هامش العرض التقينا المخرج مأمون الخطيب الذي لم يهدأ فقد بدا منهمكاً كماكينة لا تنطفئ لتنجز عملها ويحدثنا قائلاً: «تأتي أهمية هذا اليوم بأن كل دول العالم تحتفل فيه بالمسرح. عبر رسالة واحدة تقرأ لتكون بمنزلة عيد للمسرحيين. ونحاول إنتاج عروض خاصة لهذه المناسبة. وحضّرنا في المعهد العالي للفنون المسرحية فقرات منتجة من الطلاب تدربوا عليها خلال العام الدراسي بطريقة مناسبة لهذا اليوم. وتمت التحضيرات بفترة وجيزة، وكل ما فعله الطلاب ينتمي للمسرح وفن المسرح وهذا يعطي نتيجة جيدة للطلاب في جميع المجالات السينوغرافيا والتمثيل والرقص والقتال المسرحي. وحقيقة فإن العرض اعتمد على الفكاهة لأن هناك مدرسة روسية تقول إن هذا اليوم يجب أن يكون فكاهياً لعائلة المسرح وشائقاً وبسيطاً والابتعاد عن الجدية بقدر الإمكان. وإدارة المعهد اجتهدت معنا حتى نقدم هذا العمل والطلاب نجحوا وكانوا على قدر المسؤولية الموكلة لهم بقدر المستطاع».
وأضاف الخطيب إننا: «حاولنا صنع مقتطفات من جميع المواد التي يدرسها الطلبة في المعهد من أقسام التمثيل والرقص إضافة إلى مشاركة من الأقسام التقنية والسينوغرافيا، فتضافرت الجهود للاحتفال بهذا اليوم جميعنا ككتلة واحدة، ونحن بحاجة لدعم المسرح لكون الطاقات السورية الشابة في هذا المجال مبشرة، ورسالتنا جميعاً هي افسحوا المجال للمسرح وحافظوا على المسرحيين».

جهد جبار

بينما تقول رئيسة قسم التمثيل الدكتورة ميسون علي: «بدأنا تحضيرات قبل أشهر من موعد العرض ووضعنا برنامجاً يضم مشاركة أقسام المعهد كافة. سواء كان بالتمثيل أم الرقص أو السينوغرافيا أو الدراسات أو تكنولوجيا المسرح بما يضمن التعدد في المشاركات منها معرض قسم السينوغرافيا. ومشاركة قسم التقنيات بأفلام على صعيد الصوت والتصوير والإضاءة ومشاركة عرض مسرحي تضمن مشاهد تمثيلية متنوعة يربط بينها تيمة معينة. وكان هناك تركيز على الشخصيات والأداء كان أقرب إلى المبالغة التهكمية الساخرة. وشمل العرض مشاركة قسم الرقص عبر رقصات متنوعة منها المعاصر والكلاسيكي. إضافة إلى الغناء لأن من مهمات الممثل إجادة الغناء. والحقيقة أن الطلاب مع أساتذتهم المشرفين بذلوا جهداً جباراً وهم يمتلكون أدوات أتاحت لهم هذا الظهور اللائق من الغناء والرقص حتى يقدموا عرضاً شاملاً».

ذكرى تخلد القامات

وبدوره قال الفنان الكاريكاتوري نضال خليل إن: «البورتريه جاء بمعنى التكريم أو الوفاء من خلال مجموعة من التقنيات الحبر واللون المائي والحفر، وهي التجربة الأولى لي كرسام كاريكاتور أن أعمل على الجانب الواقعي. وخاصة أنني لا أعرف الشخصيات وكنت بحاجة إلى الإحاطة النفسية والفكرية بها. وليس هناك أرشيف كبير نستند إليه، لذلك فإن العمل اليوم حمل على عاتقه مهمة التوثيق كي تتعرف الناس على هذه القامات ويخلدوا في ذاكرتنا».
ويضيف خليل: «هذا المشروع يحثنا ربما مستقبلاً لتأسيس ذكرى تخلد القامات البارزة كما في المتاحف العالمية. هذا هاجسي ولكنه مرهون بمن يتبناه مع الانتظار أن تتولى ذلك جهة رسمية أو خاصة، ولأن الشعوب لا تتقدم إلا بالفن، أتمنى أن نخرج بعد الحرب إلى أفق ثقافي واسع».

مغامرة جميلة

وأما الأستاذ سعد القاسم فيرى أنه: «في تاريخ عروض المسرح بالنسبة لي كان هناك عرضان مميزان والعرض اليوم واحد منهما. أحدهما كان عن ذكرى مئوية المسرح الذي أقيم في (مسرح القباني). وفي المعهد اليوم قدم الطلاب فقرات جميلة من خلال احتفالية متجانسة ومتكاملة من الرقص والتقنيات والتمثيل لها علاقة بالمعهد ودراستهم».
ومن جهته يقول معتز ملاطية الأستاذ المشرف على قسم الرقص إن: «العرض كان مميزاً جداً وخاصة أنني شاركت مع فرقة الجاز التي صممتها مع طلاب قسم الرقص بعد انقطاع 17 عاماً عن الرقص وذلك بتشجيع من طلابي وكانت مغامرة جميلة جداً».
وخلال حضورها العرض المسرحي تحدثت إلينا الفنانة رنا جمول قائلة: «لمسنا فرحة الطلاب بالعرض الأكاديمي الذي قدموه، مستخدمين لهجات متعددة واللغة الفصيحة والإيماء التي لها علاقة بالحركة والإيقاع. وحقيقة إن المعهد العالي للفنون المسرحية يخرّج أناساً فنانين وجديرين بالثقة».
ويقول الطالب علي يوسف (السنة الثانية) إننا: «حاولنا اليوم تقديم هموم المسرح عبر ملامسة هموم الناس ولكن بأسلوب لا يخلو من الأمل، كل ذلك بطريقة سهلة وطريفة تتخللها ضحكة حتى تصل بشكل أقرب إلى القلوب. وشعوري اليوم هو شعور أي مسرحي أن هذا العيد له ويجب أن نعمل بكل طاقتنا لنقدم بسمة للناس التي أتت لتحضرنا».
بينما قال الطالب حسن خليل (السنة الثالثة): «قدمنا العام الفائت مسرحية لموليير الفرنسي واليوم قدمنا مقطعاً بسيطاً منها يعتبر ذروة المسرحية. وفي البداية كانت لديّ رهبة ولكنها بدأت بالتلاشي بعد ثوانٍ معدودة من العرض، والتعامل المباشر مع الجمهور يعطينا دفعاً إضافياً».
بينما يقول الطالب مؤنس إسماعيل مروة (السنة الثانية) : «جسدت دور مسحراتي وفيه شيء من التراجيديا وهو شخص قضى حياته من دون أن يمتلك شيئاً وعاش في القبور، ولعبنا على الجانب النفسي فهو رجل أناني من الداخل وخسر الكثير من الأشياء. ولكننا أخرجنا من تلك الشخصية ابتسامة وجانباً فكاهياً، وبالتأكيد فإن لهذه التجربة أهمية كبيرة فهي تعطينا نوعاً من الرهبة. ولكن عندما رأيت ردة فعل الجمهور وتفاعله تجاهنا زال أي شعور من الخوف».
وبينت الطالبة رغد سليم (سنة ثانية): «دوري يتجسد بفتاة لديها جمعية في العنبر وعندها حقد وكره كبير للرجال، وعقدة من النساء المتزوجات وأمنيتها أن يتطلقن جميعاً».
يذكر أن يوم المسرح العالمي هو تقليد سنوي كلّف به (لأوّل مرّة) المعهد الدولي للمسرح في مدينة «فيينا» عام 1962 وبعدها أصبح تقليداً انتشر في معظم معاهد التمثيل على مستوى العالم، إذ يتم إطلاق وتعميم كلمة موحدة في كلّ المعاهد والأكاديميّات التي تعنى بالمسرح، وهي كلمة يلقيها أحد الوجوه البارزة في عالم المسرح، لتتمّ ترجمتها لأكثر من ثلاثين لغة، تلقى في وقتٍ واحد في كلّ أنحاء العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن