من دفتر الوطن

نومٌ أم موت؟

| حسن م. يوسف

شيئان يشداني للكتابة عنهما، أولهما مفرح بشكل لا يصدق، وثانيهما مغيظ ومحزن بشكل لا يصدق! الشيء المفرح هو الإنجاز الكبير الذي حققه شباب سورية في الدورةِ الثالثة والأربعين من المسابقة البرمجية العالمية للكلياتِ الجامعية التي أقيمت في مدينة بورتو البرتغالية، في الفترةِ ما بين 31 آذار و5 نيسان الحالي. فقد أبلغني الدكتور جعفر محسن الخير المدير الوطني للمسابقة عميد كلية المعلوماتية في جامعة تشرين أن ترتيب أفضل الفرق العربية منذ انطلاق هذه المسابقة كان يأتي دائماً في النصف الثاني من عدد الفرق المشاركة، ولن ندرك حجم الإنجاز الذي حققه شبابنا السوري في بورتو إلا إذا علمنا أن فريق «راديو آكتف» من الجامعة الافتراضية السورية نجح في حل ست مسائل من إحدى عشرة مسألة، فجاء ترتيبه العام 21 من بين الفرق المتسابقة البالغ عددها 135 فريقاً من مختلف البلدان والقارات! وهذه نتيجة لم يسبق أن حقق العرب مثيلاً لها في تاريخ المسابقة، والمدهش هو أن الفريق السوري تساوى في المرتبة مع كلٍ من فريقي جامعتي هارفارد وستانفورد، الأميركيتين العريقتين، صاحبتي الترتيب 1 و2 في تصنيفِ الجامعاتِ العالمي. Web Metrics! وقد قلت في حديثي الإذاعي على هواء سوريانا إف أم «إن هذه النتائج تثبت زيفَ التصنيفاتِ العالمية، التي تسيء إلى جامعاتِنا، كما أن عدمَ احتفائِنا بهؤلاء الشبابِ الرائعين، يثبت أننا مازلنا قوماً نفكر بأرجلِنا لا بعقولِنا»!
الموضوع الثاني المغيظ والمحزن بشكل لا يصدق هو ما تناقلته الصحف ووكالات الأنباء من أن شقيقتنا جمهورية مصر العربية تشارك بشكل فعال في الحصار الإجرامي المضروب على بلدنا سورية! من خلال قيامها بمنع ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى سورية من المرور في قناة السويس انصياعاً لتعليمات راعي البقر الأميركي المجرم!
أعرف وأعترف أنني كنت ولا أزال أتوقع العجائب من الحكام العرب المطبوخين في مختبرات المخابرات الأميركية، إلا أنني رغم ذلك لم أتوقع يوماً أن يجرؤ أي حاكم مصري على استخدام قناة السويس لخنق الشعب السوري، فعندما أمم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قناة السويس وشنت قوى البغي بريطانيا وفرنسا والكيان الغاصب العدوان الثلاثي على مصر ضحى السوري البطل جول جمال بنفسه دفاعاً عن مياه مصر وأرضها! إذ فجر قاربه الحربي بالبارجة الفرنسية «جان بارت». إن قناة السويس ليست ملكاً لهذا الحاكم أو ذاك كي يسخرها لخدمة أسياده طغاة أميركا. فما يجري اليوم يجعلنا نتمنى لو أن الزعيم أحمد عرابي قد نفذ ما كان عازماً عليه وردم قناة السويس التي حولها الخنوع والاستزلام إلى مخلب قط بيد أعداء مصر والعرب.
قبل فترة نشرت مؤسسة الفكر العربي بحثاً إحصائياً مرعباً عن واقعنا المخجل، ففي الفترة ما بين 1977و 2014 هاجر أكثر من سبعمئة وخمسين ألف عالم عربي إلى الولايات المتحدة الأميركية وحدها! وقد جاء في البحث أن 50% من الأطباء، و23% من المهندسين و15% من العلماء من مجموع ذوي الكفاءات العرب يهاجرون إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وكندا. ويشكل العرب ثلث ذوي الكفاءات الذين يهاجرون من البلدان النامية، إذ يبلغ عدد الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج ولا يعودون إلى بلدانهم 54 %.
يهاجر نحو مئة ألف من أرباب المهن وعلى رأسهم العلماء والمهندسون والأطباء والخبراء، من ثمانية بلدان عربية هي: لبنان، سورية، العراق، الأردن، مصر، تونس، المغرب، الجزائر. كما أن (70%) من العلماء الذين يسافرون إلى الدول الرأسمالية للتخصّص لا يعودون إلى بلدانهم.
نعم، إننا بسوء إدارتنا نهدي أعداءنا ما نملكه من عقول وثروات وطاقات، وهذا جنون ما بعده جنون!
أيها العربي استيقظ! لأنك إن لم تستيقظ الآن فسيستمر نومك هذا إلى الأبد!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن