ثقافة وفن

من لا يأخذ بالحق فهو جبان

| د. اسكندر لوقــا

من المسلمات، في الحياة المعاصرة تحديداً، أن يجري تقييم مقولة الحق باعتبارها معياراً للأخلاق العامة. إن موقفاً كهذا يؤكد أن الإنسان لم يسقط في شباك الغواية التي تصور له أن الحق هو فقط بيد من يمتلك القدرة على تخطيه بأسلوب «الغاية تبرّر الوسيلة». ولكن بسقوط الإنسان في شباك الغواية، في أي وقت ولأي سبب، يكون قد ابتعد عن ذاته قبل ابتعاده عن الآخرين، وبالتالي لم يعد قادراً على استعادتها حتى إذا هو شاء أن يستعيدها، ذلك لأن أحدنا، في سياق تخطيه القضايا المبدئية في الحياة، يكون مثله مثل المنهزم أمام عدوّ لم يكن مستعداً لملاقاته وبالتالي بات من الصعوبة بمكان أن يعود لملاقاته أو يتصدى له كيفما اتفق.
من هنا يندرج الحق، كمفهوم إنساني شامل، يندرج ضمن منظومة القضايا المبدئية كلما عملنا على اعتباره من المسلمات في حياتنا المعاصرة ازددنا قرباً من حالة التوازن في داخلنا. ومن هنا أيضاً يندرج السؤال: ترى هل تتطلب خطوة كهذه جرأة غير محسوبة؟ وأكثر من هذا ماذا لو رأى أحدنا الحق ولم يأخذ به؟ هل تنطبق عليه تسمية جبان؟
في تقديري أنه في الأوقات الصعبة التي يواجهها وطننا كما في وقت العدوان الشامل عليه في الوقت الحاضر، على سبيل المثال، حين لا يسعى أحدنا إلى توطيد فكرة الحق في الذاكرة الفردية أو الجماعية لأبناء الوطن، يكون قد خان نفسه وخان وطنه، ولهذا يدان بالجبن لأن الحق حق ولا يتجزأ. كذلك في الأوقات الصعبة التي يعانيها الشرفاء من أبناء الوطن، تخضع هذه المعادلة، بل يجب أن تخضع، لعملية الفرز بغية وضع الضوابط التي تبين الشريف من الفاسد من أبناء الوطن في سياق المعاناة من تداعيات الظروف التي تحيط بهم، من دون التمييز بين من يمتلك وسيلة التخفيف من وطأة المعاناة عليه ومن لا يمتلك الوسيلة.
لهذا الاعتبار، ولأسباب موضوعية، تكون المحاسبة سبيلاً لتأكيد العدل بين الناس وبالتالي يتم الدفاع عن الحق، بصفته الحاضن الضامن لعملية الإدانة أو التبرئة. وفي سياق معاناة سوريتنا بنتيجة العدوان الذي لم يعد عدواناً تقليدياً، بل حرب بكل معنى الكلمة تشن عليه من شتى الجهات، ولغايات متعددة، من البديهي أن تكون عملية الفرز بين من ينضوي تحت شعار المواطنة المزيفة، وبين من يبرهن على وطنيته بصدق، عملية ذات مصداقية وإلا كانت عملية شكلية لا جدوى منها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن