اقتصاد

تحسّن «الكغ» أمام «اليورو»!

| علي محمود هاشم

نحتسب كلفة وارداتنا من القمح بالدولار: 400 مليون سنوياً.. وكذا النفط: 200 مليون شهرياً..
بعض تكاليف إعادة الإعمار هي الأخرى يتم الإعلان عنها بالدولار، صيانة آبار الغاز على سبيل المثال، كلّفتنا 290 مليون دولار.
لا بل حتى حين نغمز من قناة الحكومة السابقة وأفعالها، نفضل القيام بالأمر مقاساً بالدولار: «أنفقت 17 مليار دولار من الخزينة بين 2012 و2013، وبذّرت 5.4 مليارات دولار للمحافظة قسرياً على سعر الصرف آنذاك».
مع ذلك، فحين نصل إلى ميزاننا التجاري 2018، تغلق بورصة حنجزتنا على اليورو!.. هكذا، ووفق بيانات وزارة الاقتصاد، تصبح كتلة وارداتنا خلال العام الماضي 6.5 مليارات يورو؟!.
هذه المرونة اللغوية باتت سمة متزايدة التأصيل في صياغة بياناتنا الاقتصادية، تمرسنا في الأمر بلغ حوله الثاني هذه الأيام، ورغم عدم اكتمال عبقريتها البلاغية، فطريقتنا تلك في التوظيف البناء للفوارق النفسية بين الدولار واليورو، ستنقلب وبالا في ميزان الصادرات حين سنضطر للقول بأنه لم يتجاوز نصف مليار يورو أقل أو أكثر بقليل، هذا ولم نخض بعد في أوجاع مكوناته: مواد أولية، كزبرة يابسة، وبعض الحشائش الأخرى.
«لا شيء يقف عائقاً أمام قريحتنا الفذة.. فلنحتسب الصادرات بالكيلو غرام هذه المرة».. تقول وزارة الاقتصاد لنفسها؟!.
على هذا المنوال، تصبح مستورداتنا 6.5 مليارات يورو «صغيرة»، مقابل 1.25 مليار كغ «كبيرة» من صادراتنا، فتتمظهر كارثتنا التجارية بنحو 99 بالمئة من حقيقتها.
ضمن هذه الخلطة العجائبية بين اليورو والكيلوغرام، يجب بالاقتصاد الوطني استلهام طريقة ما لتعزيز إحساسه بالتعافي، لا أحد يعلم كيف سيستطيع ذلك، هذا هو المطلوب، وفي النهاية تصبح الأمور بخير قياساً «بالواقع المرير الذي يعرفه الجميع»؟!.
في تاريخية التبادل السلعي، جرى أن لعب كيلو غرام الملح دور «معادل القيمة»، هذا المثال قد يكون مدخلا مناسبا لفهم الدروس المستقاة من «المعوقات التاريخية» التي تواظب وزارة الاقتصاد على دراستها هذه الأيام في مسعى منها لفك طلاسم «معضلة التصدير»..
في هذه الأثناء لربما، استفادت بشكل معمق من «التجارب التاريخية»، وانتزعت لنفسها خلاصات واضحة حول توظيف رحلة «الكغ» ضمن بياناتها التجارية، بما في ذلك وصوله إلى 100 بلد أجنبي، وفي بعض الأساطير 105!.
في المحصلة، يشعر المنتقدون، أو «الثنّاؤون»، وكأنهم في الزاوية حال فكروا بإبداء أي رد فعل على بيانات التجارة الخارجية: هل نجحت أم فشلت؟.
لا جواب شافيا، فكما لا يمكن المقارنة بين سكة القطار والبرتقالة، كذا لا يمكن الجزم بأن عدد كيلوغرامات الصادرات سجل تحسناً أو تراجعاً أمام عدد يوروهات الواردات!.
لربما يتطلب الأمر ابتداع معايير تقييم جديدة، كأن تقول –مثلاً- بأن الوزارة الفلانية نجحت في مهمتها بدرجة «5 عصافير»، بينما الأخرى كانت أقل حظاً ولم تحصد سوى درجة «8 عصافير».
هكذا هي «العصفورية»، كلما لمح المرء «عصافير» أكثر تدور حول رأسه، كلما كانت حاله أشد عناداً!.
من هنا تبدأ الحلول «التاريخية»، والقادم أعظم!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن