قضايا وآراء

هل استعاد المحيط الهادي الأولوية لدى ترامب؟

| دينا دخل الله

كان طابع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى اليابان «ترفيهيا»، حيث قام خلالها الرئيس الأميركي بلعب الغولف ومشاهدة مباراة السومو اليابانية الشهيرة، لكن على الرغم من ذلك كان للزيارة طابع سياسي، إذ أكد خلالها ترامب على قوة التحالف بين البلدين ودعمه لرئيس وزراء اليابان شينزو آبى في الانتخابات المقبلة، كما التقى الإمبراطور الجديد ناروهيتو، ما يجعله أول رئيس أجنبي يلتقي الامبراطور الجديد الذي استلم السلطة بعد تنحي والده عن العرش في الأول من أيار الجاري.
إلا أن هذه الزيارة قد تقرأ من زاوية أخرى وهي محاولة ترامب إعادة الاهتمام الأميركي بجنوب شرق آسيا، والتي هي السياسة التقليدية للحزب الجمهوري الذي يمثله ترامب.
تقليديا اهتم الجمهوريون بالمحيط الهادي وجنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي في سياستهم الإستراتيجية في حين اهتم الديمقراطيون بالمحيط الأطلسي وأوروبا.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام اليابان قام الرئيس الأميركي الديمقراطي هاري ترومان (1945-1953) بالتوصل إلى اتفاق مع الصين وروسيا حول تقسيم كوريا، إذ اعتبر ترومان أن الصراع في آسيا سيشكل ضغطا على الولايات المتحدة يمنعها من الاهتمام بالمنطقة الأهم استراتيجياً وهي أوروبا والمحيط الأطلسي، ما أدى إلى ظهور خلاف بين الرئيس ترومان وبين القائد الأعلى لقوات الحلفاء في جنوب غرب الهادي الجمهوري دوغلاس ماكارثر الذي اعتبر المحيط الهادي وجنوب شرق آسيا الأهم إستراتيجيا.
خاف الأميركيون من تنامي النفوذ السوفييتي آنذاك في أوروبا وخاصة بعد سيطرة موسكو على مساحات كبيرة من القارة ما دفعهم للتنازل للسوفييت في جنوب شرق آسيا مقابل إقامة حلف الشمال الأطلسي (ناتو1949) مع أوروبا.
وعلى الرغم من أن الرئيس الجمهوري دوايت أيزنهاور (1953-1961) أنهى الحرب الكورية في إطار سياسي لاقتسام العالم في حقبة الحرب الباردة، إلا أن الجمهوريين مازالوا ينظرون إلى المحيط الهادي كأولوية في سياستهم الإستراتيجية، لذلك يحاول ترامب أن يقلم أظافر كوريا الديمقراطية النووية لطمأنة اليابان وللحفاظ على السلام في هذه المنطقة والالتفات إلى صراع أكبر هو الصراع التجاري مع الصين ومحاولة السيطرة على بحر الصين الجنوبي.
غازل ترامب حلفاءه اليابانيين خلال زيارته لناقلة المروحيات اليابانية «جي اس كاغا» بتأكيده أن ناقلة المروحيات هذه «ستضم نسخة محدثة من مقاتلات أف-35 الأميركية، التي ستشتريها اليابان بأعداد أكثر من أي حليف أميركي آخر» وأضاف الرئيس الأميركي أن «بهذه المعدات الجديدة المذهلة يمكن لـ«جي اس كاغا» أن تصبح قادرة على مساعدة بلادنا في مواجهة التهديدات المعقدة في المنطقة وأبعد منها»، وهذا التسليح تحول كبير في سياسة أميركا تجاه اليابان، فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كان ممنوعا على اليابان أن تنشأ قوات مسلحة وان الدفاع عنها كان في يد القواعد الأميركية، ولا شك في أن هذا التسليح الجديد لليابان هدفه الضغط على كوريا الديمقراطية تحضيرا لأي لقاء مع زعيمها.
أنهى ترامب زيارته لليابان يوم الثلاثاء مخاطبا 800 عسكري أميركي على متن مقاتلة «يو أس أس واسب» في قاعدة يوكوساكا البحرية الأميركية «أنتم أيها العسكريون أكثر المحاربين الأميركيين إثارة للرعب في هذا الجانب من المحيط الهادي»، لا شك في أن هذه الرسالة موجهة إلى بيونغ يانغ وبيجينغ.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن