قضايا وآراء

ملك في مطابخ ماكدونالدز

| نبيه البرجي

حين يقول دونالد ترامب، بالغطرسة إياها، لملك عربي: «لا تقلق، لسوف أجد لك عملاً في مطابخ ماكدونالدز»!
الأوراق بدأت في الظهور أمام الملأ. منذ أن نصحت هيلاري كلينتون بنيامين نتنياهو بالمقاربة الواقعية للصراع «لأن تكنولوجيا الصواريخ كسرت كل المعادلات، معادلات القوة، الكلاسيكية»، شرعت المؤسسة اليهودية تفكر في كيفية بناء واقع جديد في المنطقة.
الأدمغة السوداء، في الغرف السوداء، اشتغلت على مدار الساعة. تفكيك، أو تحطيم، الدول البعيدة عن منطق التبعية وعن منطق الاستتباع، وصولاً إلى الصفقة التي إذ تلغي فلسطين، والفلسطينيين، تضع الشرق الأوسط تحت عباءة الحاخامات.
دونالد ترامب لم يسقط من المدخنة. أرصفة لاس فيغاس لا تفضي، عادة، إلى البيت الأبيض. السيناريو أعدّ بإتقان لكي يفوز بالرئاسة، على أن يكون صهره جاريد كوشنر حصان طروادة، أو حصان أورشليم، على كتفي ذلك اليهوه الأميركي.
لا شيء هنا حدث، ويحدث، تبعاً لـ«ثقافة اللحظة»، منذ عام 2002، عقدت تلك الصفقة البشعة مع جورج دبليو بوش لتصفية الدول التي تخوض الصراع، سورية كانت، وستبقى، الهاجس الأكبر.
هل يمكن لأي عاقل أن يتصور أن الحرب على سورية، بعشرات الدول، وبعشرات المليارات، وبعشرات آلاف المرتزقة الذين تم استجلابهم من كل أرصفة الدنيا، ومن كل أقبية الدنيا، اندلعت هكذا بالصدفة التي راحت تتراكم مع الأيام، وليس بخطة شارك فيها ذلك النوع من الأبالسة الذين احترفوا صناعة الحطام؟
ما يحدث الآن بمنزلة «الموسيقا التصويرية»، وإن كانت بقرع الطبول، لليوم الذي يعلن فيه جاريد كوشنر تفاصيل الصفقة، وقد اقترب الموعد. دونالد ترامب لا يأبه بعبارة الفيلد مارشال مونتغمري: «الحرب قد تبدأ بقهقهات فارغة على المائدة. قهقهات رؤوس فارغة».
كل شيء بدا جليّاً. تلك الاستعادة البلهاء لقصة الكلور، تذكرون أصحاب الخوذ البيضاء. من لا يدري أن المسألة مفبركة، ومبرمجة؟ عادل الجبير لم يتوقف عن التأكيد بأن الصفقة ستنفذ ولو على جبل من الجماجم؟
ناعوم تشومسكي سبق ورفع صوته في وجه مستشار الأمن القومي «أيها السيد بولتون، إن زمن الهنود الحمر قد انقضى». يفترض أن يباد الفلسطينيون كما أبيد الهنود الحمر. هل تدرك الإدارة الأميركية، ومعها الحلفاء (القهرمانات) أن المنطقة تقع على خط الزلازل؟
تشومسكي حذرهم. دعاهم إلى قراءة «الأنين الذي في العيون». ثمة زلزال. لا حاملات الطائرات، ولا الغواصات النووية، ولا القاذفات العملاقة، باستطاعتها اجتثاث الفلسطينيين، واجتثاث القضية الفلسطينية، من الوجود.
الجبير مأخوذ بنظرية «الدماغ اليهودي والمال العربي». لا من أجل شق الطريق إلى «اللحظة الخلاقة» في تاريخ الشرق الأوسط، وإنما لتدمير القوى التي تصر على تفكيك الحلقات المروعة من صفقة قد تكون أعدت في مطابخ ماكدونالدز، حيث يفترض أن يعمل ذلك الملك العربي حين يرى نفسه وقد أصبح حافي الرأس، و… حافي القدمين.
حكام كثيرون جرى إعدادهم في مطابخ ماكدونالدز. أطباق هوت دوغ على الكراسي المرصعة. ما يجري الآن، إستراتيجية التهويل. طأطئوا رؤوسكم أمام صفقة القرن وإلا…
وإلا ماذا؟ الرؤوس الفارغة هي التي تتدحرج!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن