رياضة

كأس الأمم الإفريقية بنسختها الثانية والثلاثين – مصر 2019 – 1 … بطولة الضواري الأولى بعد الستين تزداد جمالاً

| الوطن

أيام قليلة وتنطلق منافسات النسخة الثانية والثلاثين لبطولة كأس الأمم الإفريقية على الأراضي المصرية بمشاركة 24 منتخباً يمثلون النخبة في القارة السمراء وذلك للمرة الأولى خلال الصيف أو خلال شهري حزيران وتموز بالتحديد، فقد جرت العادة أن تقام البطولة التي انطلقــت عام 1957 وبفكرة أقرت خارج القارة خلال الربيع أو حتى خلال الخريف قبل أن تستقر خلال شهري كانون الثاني وشباط في العقدين الأخيرين قبل أن تتحول لتقام بالصيف تحت ضغوط الأندية الأوروبية خاصة حيث ينتشــر الكثيــر من نجوم القارة، وكانت النسخة القادمــة مقررة بالكاميرون قبل أن يسحب الاتحاد الإفريقي شــرف التنظيـم منها ويسنده إلى مصر لتكون المرة الخامسة التي تســتضيف فيها النهائيــات وهو رقم قياسي، ما حكاية الكــأس السمراء؟ ومن أبطالها ونجومها؟ وما أهم أرقامها؟ نحاول عبر حلقات سرد ذلك باختصار مع بعض حكاياتها.

البداية حبواً

في منتصف الخمسينيات كانت معظم دول القارة السمراء تخضع للاستعمار أو الانتداب ووضع كرة القدم فيها يحبو عدا بعض الدول التي عرفت اللعبة باكراً وإن كانت بدورها تكتفي ببعض الوديات والتصفيات المونديالية والمشاركات الأولمبية النادرة، وعلى الرغم من أن اتحادات عديدة محلية كانت حاضرة بالفعل فإنها لم تبادر إلى تجمع واحد حتى جاءت الفكرة الرباعية من مصر وإثيوبيا والسودان وجنوب إفريقيا بتأسيس الاتحاد الإفريقي وذلك بعد الاتفاق فيما بينها على إطلاق بطولة خاصة بمنتخبات هذه الدول تحت مسمى كأس أمم إفريقيا، كان ذلك على هامش اجتماعات الفيفا في حزيران 1956 وفي شباط من العام التالي انطلقت هذه البطولة ويوم افتتاحها أعلن عن تأسيس الاتحاد القاري وضم يومها الدول المذكورة ثم زاد العدد في العام التالي بانضمام غانا وشهد العقد التالي زيادة ملحوظة ويضم الاتحاد الإفريقي أو (الكونفدرالية) 56 اتحاداً وطنياً.
وسبق البطولة العدوان الثلاثي على مصر فكاد الحلم يتأجل لولا إصرار الأشقاء في وادي النيل وشهدت النسخة الأولى حدثاً مهماً بعدما رفضت كل من مصر وإثيوبيا والسودان خوض جنوب إفريقيا المنافسة بفريق من البيض فقط في إصرار على سياسية الفصل العنصري ما أدى إلى إبعاد المنتخب المذكور (أو انسحابه) والمهم أن النسخة الأولى التي أقيمت في السودان ضمت ثلاثة منتخبات وهي ذاتها التي خاضت النسخة الثانية في مصر على أن تنظم إثيوبيا النسخة الثالثة، وبالفعل هو ما حدث مع تغيير طفيف على شكل البطولة فقد زادت المنتخبات المشاركة وأقيمت تصفيات أهّلت فريقين انضما إلى منتخب الدولة المنظمة وبطل النسخة الثانية في النسخة التي أقيمت 1962.

تطور ملحوظ

بعد النجاح الذي حققته البطولة وانضمام عدد من الدول الجديدة للاتحاد القاري زاد عدد الراغبين بالمشاركة وبالتالي شهد عقد الستينيات إقامتها بأعداد مختلفة من المشاركين قبل أن تستقر نهائياتها منذ 1968 على ثمانية منتخبات واستقرت إقامتها كل عامين بالسنوات الزوجية، وشهد عقد السبعينيات دخول اللاعبين المحترفين بعدما شارك عدد من هؤلاء الناشطين في الأندية الفرنسية وتألقوا بشكل ملحوظ أمثال ساليف كيتا وأفرزت البطولة عدداً من الأبطال الجدد وجاءت المشاركة الإفريقية للمغرب وزائير ثم تونس في المونديال لتزيد رقعة الاهتمام الأوروبي بالبطولة خاصة مع انتشار المحترفين الأفارقة في فرنسا على وجه الخصوص.
في الثمانينيات لفت منتخبا الجزائر والكاميرون الأنظار في مونديال إسبانيا لتسلّط الأضواء أكثر على البطولة الإفريقية التي باتت منجماً حياً لاكتشاف بعض المواهب من الأندية الراغبة في جذبها بأسعار زهيدة وأمام رغبة الفتيان الأفارقة الشديدة في البحث عن أضواء الأندية الأوروبية كانت البطولة حقل تجارب مهماً فتقدمت وتطورت المنافسة فيها ومع فتح القنوات التلفزيونية المجال لنقل مبارياتها زاد الإقبال عليها، وأصبحت البطولة في التسعينيات محط أنظار العالم وارتفع عدد المشاركين فيها مرتين (12 منتخباً في 1992 ثم 16 في 1996) وشهدت تلك النسخة عودة جنوب إفريقيا بعد ثلاثة عقود من العزلة، وارتفعت قيمة اللاعبين الأفارقة وسط بورصة الأندية الكبيرة وزاد عددهم بشكل مطرد، وبدأ بعض الأصوات في الأندية الأوروبية يطالب بتغيير موعد البطولة بعدما استقر توقيتها على الشتاء وذلك بسبب انسحاب النجوم من أنديتهم للالتحاق فيها.

اهتمام عالمي

مع الألفية الجدية اتسعت رقعة الاهتمام وزاد قيمة اللاعبين عالمياً وبات وجود لاعب إفريقي أو أكثر شيئاً عاديا في معظم الأندية الأوروبية بل أصبح بعض اللاعبين يشكل قيمة أكبر وبتنا نشاهد بعضهم ينافس نجوم الصف الأول على الأعلى وقد وصل بعضهم إلى القمة ما جعل الاستغناء عنهم خلال البطولة صعباً الشيء الذي زاد الضغوط على الاتحاد الإفريقي من أجل تغيير موعد النهائيات وإقامتها خلال فصل الصيف وفي السنوات الفردية، إلا أن الأفارقة رفضوا التدخل وأصروا على موقفهم قبل أن يتراجعوا قليلاً، ففي عام 2013 أعيدت البطولة إلى أساسها في السنوات الفردية وهاهم أذعنوا للمطلب الأهم للأندية بإقامة النهائيات خلال الصيف بداية من النسخة الحالية التي ستشهد أيضاً رفع عدد المشاركين إلى 24 منتخباً.

أبطال

بعد 31 نسخة استطاعت منتخبات 14 دولة الوصول إلى منصة التتويج وبدأت بتفوق مصري عبر النسختين الأوليين قبل أن تدخل غانا على خط اللقب واستطاعت التقدم بواقع 4 ألقاب عند نسخة 1982 إلا أن النجوم السوداء فشلوا بتجديد عهدهم مع الكأس منذ ذلك العام ليعود المصريون لمعادلتهم مع نهاية عقد التسعينيات وتخلل ذلك دخول الكاميرون على الخط وقبلها نيجيريا إلا أن الغلبة كانت للأسود على حساب النسور.
وشهدت الألفية الجديدة تفوقاً مصرياً فحصد أبناء الكنانة اللقب ثلاث مرات متتالية استطاعوا من خلال تقدم لائحة المتوجين برصيد 7 ألقاب (1957 و1959 و1986 و1998 و2006 و2008 و2010) وقد خسروا النهائي مرتين طوال تاريخ البطولة ثانيهما في النسخة الأخيرة 2017 أمام أسود الكاميرون الذين حققوا يومها لقبهم الخامس كثاني المتوجين وسبق لهم التتويج أعوام 1984 و1988 و2000 و2002 يليهم نجوم غانا الذين توقف رصيدهم عند 4 ألقاب (1963 و1965 و1978 و1982) وجاء نسور نيجيريا بالمركز الرابع بـ3 ألقاب آخرها ( 1980 و1994 و2013)، وكان منتخب زائير حقق اللقب مرتين (1968 و1974) والتحق به أفيال ساحل العاج بلقبين (1992 و2015) وحققت المنتخبات التالية اللقب مرة واحدة: إثيوبيا (1962) والسودان (1970) والكونغو (1972) والمغرب (1976) والجزائر (1990) وجنوب إفريقيا (1996) وزامبيا (2012).

ثلاث كؤوس

تغير شكل الكأس التي كانت تمنح للفائز باللقب ثلاث مرات عبر تاريخها، الأولى كانت بسيطة شكلاً ومضموناً وهي عبارة عن كأس فضية مزخرفة على قاعدة معدنية باللون الأسود وحملت اسم رئيس الاتحاد المصري السابق عبد العزيز سالم وذلك تخليداً لفضله بإطلاق البطولة وقد احتفظت بها غانا نهائياً عقب تتويجها باللقب الثالث، أما الكأس الثانية فحملت اسم كأس الوحدة الإفريقية وقدمت للمرة الأولى عام 1980 وقد احتفظت بها الكاميرون عقب فوزها بها ثلاث مرات وهي عبارة عن قطعة أسطوانية مثبتة على قاعد سوداء مربعة وعلى جانبيها أذنان مدببتان ونقش على الأسطوانة خريطة القارة السمراء والحلقات الأولمبية الخمس.
أما الكأس الثالثة فقدمها الاتحاد الإفريقي بداية من 2002 وقد صنعت في إيطاليا من الذهب وهي تبدأ من الأسفل بقاعدة من اللون الأسود على غرار كأس العالم وترتفع منها أعمدة ملتوية تتسع في الأعلى وعليها مجسم نصفي للكرة الأرضية تحيط بها كرات صغيرة ونقش عليها باللاتينية الحروف الأولى من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
على مدار أكثر من 60 عاماً على انطلاقها شهدت البطولة الكثير من الحكايات المثيرة والممتعة وبالطبع فقد سجلت العديد من الأرقام والإحصائيات، سنحاول إلقاء بعض الضوء على بعضها في الأيام القادمة بانتظار نهائيات 2019.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن