ثقافة وفن

«شفيق يا راجل» الجملة الشهيرة التي كللت نجوميته … محمد نجم.. التقى الشيخ الشعراوي فغيّر في أفكاره وقناعاته وامتنع عن العمل في السينما

| وائل العدس

خلال أيام عيد الفطر، توفي الفنان المصري محمد نجم الملقب بـ«ملك الكوميديا» عن عمر ناهز 75 عاماً بعد إصابته بجلطة دماغية استدعت نقله للمستشفى الشهر الماضي دخل إثرها في غيبوبة قبل أن يفارق الحياة.
ويعد الراحل صاحب الجملة الشهيرة في تاريخ المسرح الكوميدي «شفيق يا راجل» في مسرحية «عش المجانين»، بصوته الأجش، وحركاته البهلوانية، وردود فعله السريعة والمرتجلة التي تفجر الضحكات على خشبة المسرح.
كما يعتبر آخر عنقود عظماء المسرح، إذ أسس مسرحه الخاص على غرار مسرح الريحاني وفؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي الذي دائماً ما يصفه بالأستاذ الذي خرج من عباءته المسرحية.
ويظل واحداً من فناني الكوميديا القلائل الذين رسموا لأنفسهم، مساراً مختلفاً عن أجيال الكوميديا التي سبقتهم أو التي جاءت من بعدهم، فنجح في خلق مدرسة أداء خاصة به جعلته صاحب بصمة خاصة في مجال المسرح الذي فضل العمل به حتى يصبح حُراً طليقاً يستطيع الارتجال والتحرك دون أن تستوقفه تعليمات المخرج سواء في السينما أو التلفزيون وهو الأمر الذي جعله يزهد في العمل فيهما بعد أن قدم عدداً من الأدوار القليلة بهما أبرزها الذي لا يزال في ذاكرة المشاهد «مولد يادنيا» وأيضاً «حكايتي مع الزمان» للفنانة وردة الجزائرية.
رحلة الاحتراف

بدأ نجم رحلته من عالم الاحتراف الجامعي حيث عشق المسرح من خلالها ثم ذهب إلى الكوميديان الراحل عبد المنعم مدبولي الذي تعلم منه خبرته المسرحية فهو من قام بإعطائه الحركات التلقائية التي كان يؤديها بجسده، ما خلق لدى نجم مدرسة خاصة في الأداء حتى إن الراحل كان يحدثه بأن موهبته تتشابه معه وأنه يذكره بشبابه.
توالت أعمال نجم المسرحية وهو الأمر الذي جعله يؤسس مسرحاً خاصاً به ظل به يتصدر الساحة المسرحية لسنوات طويلة، ولعل ما ساهم في نجاحه ونجوميته الأسلوب الخاص الذي ابتكره في أدائه للأعمال المسرحية، منها النظرة التي كان يلقيها بجانب حدقة عينيه بطريقة ساخرة أو طريقته في نظرته التي كان يشمئز بها من شخص أمامه مدمجاً معها بعض التعبيرات الجسدية والإيماءات.

شفيق يا راجل!
«شفيق يا راجل» الجملة الشهيرة التي كللت نجومية «نجم المسرح» لم تكن مكتوبة بنص «عِش المجانين» حيث كان من المفترض أن تكون العبارة التي يقولها هي: «أنا عبد ربه شفيق عبد ربه» لكنه حولها إلى «شفيق يا راجل» من خلال اندماجه أمام الراحل حسن عابدين ومع الشخصية التي كان يؤديها.
قدم نجم للمسرح العديد من الأعمال المسرحية بدأها عام ١٩٧٠ مع الفنانة نجوى سالم ومسرحية «حاجة تلخبط» تلتها مسرحيات «مولود في الوقت الضائع» ١٩٧٤ مع عبد المنعم مدبولي وعقيلة راتب، و«زوجة واحدة تكفي» مع صلاح ذو الفقار وسعيد عبد الغني تأليف أحمد الإبياري، «عِش المجانين» ١٩٧٩ والتي عرضت في كثير من الدول العربية.
وتجاوزت أعمال نجم المسرحية الخمسين عملا أبرزها «المدانين قوي، واحد ليمون والتاني مجنون، عبده يتحدى رامبو، واد عفريت».

تلميذ المدبولي
كان الراحل يقدم نفسه كتلميذ عبد المنعم مدبولي، عرفاناً له بالفضل في نشأته المسرحية، إذ التحق بفرقته ليقدم معه أول أدواره المسرحية في مسرحية «مولود في الوقت الضائع»، فيقول: «تعلمت منه قيمة المسرح واحترام الجمهور، وكيف أصنع (لازمة) تعلق في أذهان الناس»، لكنه كان حريصاً أن يصنع شخصيته المستقلة من دون تقليد.

عشقه الأول
لم يقارن نفسه بفناني جيله، خاض بعض التجارب السينمائية والتلفزيونية، لكنه لم يجد ضالته في السينما أو الدراما، ففي حوار تلفزيوني له عندما سئل: «ما المسلسل الأفضل في مشوارك الفني «خرج ولم يعد» أم «غاب مع الإسمنت»؟ قال: إن كليهما يجب ألا يذكرهما فلم يكن لديه وعي كاف ولم يقتنع بهما، فسرعان ما عاد إلى عشقه الأول المسرح ليركض خلف حلم البطولة المسرحية التي حافظ عليها على مدار 30 عاماً، فأسس مسرحه الخاص ليقدم عشرات المسرحيات الكوميدية التي خلدت اسمه في ذاكرة المسرح العربي.

لقاء مع الشعراوي
كان لقاؤه مع الشيخ محمد متولي الشعراوي نقطة تحول في حياته، غير في أفكاره وقناعاته، حيث ذهب هو وهناء ثروت إليه فنصحهما بالتوقف عن إثارة الغرائز وتقديم ما يخالف الضوابط الشرعية للناس، فاعتزلت الأولى وقرر نجم أن يمتنع عن العمل في السينما بسبب التنازلات الأخلاقية التي يفرضها المنتجون، واتجه إلى تأسيس مسرحه الخاص ليتمكن من الالتزام بالمعايير الأخلاقية التي تتفق مع قيمه ومبادئه، مهاجماً العري والإثارة التي يقدمها صناع السينما الآن.

أحمد آدم
قال الفنان الشاب شريف نجم، نجل الفنان الراحل إن والده كان سبباً في اكتشاف مواهب فنية كثيرة، من ضمنهم أحمد آدم، الذي تجاوز في حق والده ووصفه بالفاشل.
وأضاف: «لما والدي سمع تجاوز أحمد آدم في حقه، أثناء استضافته في برنامج (شيخ الحارة) في ثاني أيام رمضان، أصيب بجلطة بالقلب، دخل على إثرها العناية المركزة، وظل مريضاً حتى وافته المنية».
وأضاف إن تجاوز أحمد آدم ضد والدي كان أحد الأسباب التي تسببت بمرضه، وأثرت في صحته بشكل كبير».
بدورها وجهت أرملة الراحل اتهاماً للبرنامج نفسه بالتسبب بمرض زوجها ووفاته.
وتعهدت بأنها ستأخذ حقه من البرنامج الذي تسبب في مرضه وموته، حسب قولها.
وتم تداول فيديو لأرملة محمد نجم في عزاء زوجها وهي تقول لأحد الإعلاميين: «أنا مش هسيب حقه، والله العظيم ما هسيب حقه، أنت أخبرت ابنه شريف أنه عندما سيقوم بابا سيرد لكن بابا لم يقم ومات» وتابعت: «بسبب ما حدث لن أترك حقه يضيع.. حق محمد نجم لن أتركه».
أما محمد الشواف رئيس تحرير برنامج «شيخ الحارة» فقال إن الاتهامات التي وُجهت للبرنامج، أنه تسبب في وفاة الفنان محمد نجم، بعدما ربط بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بين تصريحات أرملة الفنان الراحل وبين حلقة الفنان أحمد آدم في البرنامج.
وكتب«: «بعد حلقة الأستاذ أحمد آدم اللي رد فيها على تصريح للأستاذ نجم من دون تجريح محدش طلب من أسرة الفنان يرد معانا على كلام أحمد آدم ولا شريف أو بنت الأستاذ طلبت ترد ولا الأستاذ نجم جاء للبرنامج وسجل حلقة ولا شفناه ولا يعرفوا مكان الأستديو.. ولو كانوا طلبوا الرد في البرنامج كان هيتعمله حلقة زي حلقة الأستاذ أحمد آدم اللي بالمناسبة يسأل هو عن تصريحاته مش احنا».
وتابع: «كانت فين أسرة الفنان من يوم 2 رمضان لحد النهارده وصبروا علينا ليه واحنا مذعناش الحلقة».
وأضاف: «توضيح صغير برضه لأننا مش طرف حقيقي في أي هري منتظر.. حلقة الأستاذ أحمد آدم كانت يوم 7 أيار.. والأستاذ نجم دخل المستشفى 20 أيار.. هل يعقل أنه فضل تعبان من يوم الحلقة لحد يوم 20 أيار»؟
ويشار إلى أنه في ثاني أيام شهر رمضان، استضافت الإعلامية بسمة وهبة عبر برنامجها «شيخ الحارة»، الفنان أحمد آدم وسألته عن نجم، فرد: «أقسم بالله أنني أستطيع أن أكره فيه الناس بمواقف أقسم بالمصحف أنني شاهدتها أمامي، لكني أكبر من هذا ولا أستطيع أن أفعل هذا، لو تحدثت عن السبب سيكون هناك إهانة له، وباختصار لم يعجبني شكل المسرح وكل ما يفعله».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن