رياضة

الإمكانيات المادية المتاحة تطحن رياضتنا … الاحتراف الخاطئ يقود كرتنا نحو الهاوية فما الحلول؟

| ناصر النجار

عند كل إخفاق كروي أو نتيجة كارثية مزلزلة، يضج الشارع الكروي بالتعليقات منها الساخرة ومنها اللاذعة ومنها المنطقية وغير المنطقية وتدور الاتهامات نحو اتحاد كرة القدم وهو المعني الأول بكل القضايا الكروية ومنها المنتخبات الوطنية.
ومنذ أربعين عاماً وربما أكثر لم نظفر بكرة سليمة رغم تعدد الأشخاص والخبرات التي قادت هذا الاتحاد، وأي منها لم يفلح بالحصول على بطولة اللهم إلا بطولة البحر الأبيض المتوسط وبطولة غرب آسيا، ونحن هنا لا نقزم من حجم الإنجازين إلا أن مستوى البطولتين مرتبط بمستوى وحجم المنتخبات المشاركة والظروف المحيطة.
الشارع الرياضي معه كل الحق في آلامه وأحزانه، ومن حقه أن يعبر عن أسفه للخسارة الكبيرة التي تعرض لها منتخبنا، لكن البعض أخطأ بتصوير الوضع الحقيقي وكان ناقلاً لمعلومات غير صحيحة، والخطأ الأكبر أن نتناول اللاعبين أو بعضهم بكلمات مسيئة واتهامات ما أنزل الله بها من سلطان.
بالمحصلة العامة لا نُبرئ أحداً من المستوى المتدني لمنتخبنا الوطني، ولا نتهم أحداً بشكل مباشر، وسنحاول أن نسلّط الضوء على ما آلت إليه كرتنا بشكل موضوعي، قد نكون أصبنا بذلك، أو أخطأنا، لكن الله من وراء القصد.

الإمكانيات المتاحة
دوماً نصطدم بمقولة الإمكانيات المتاحة، الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص تُبنى ضمن آليات أساسية، أهمها المال وهو العصب الرئيس المحرك لكل الألعاب الرياضية.
الإمكانيات المتاحة الموضوعة لكرتنا لا تطورها، وهي إمكانيات على (قدّ) الهواية فقط، لذلك دائماً تتجه نحو المدرب الوطني الذي يقبل بالقليل خدمة للوطن وحباً بالشهرة، فالمنتخب أي منتخب هو سوق دعائي للمدربين واللاعبين على حد سواء.
أما البحث عن مدرب أجنبي محترم فهو من خارج الأحلام، لأن إمكانياتنا، لا تتحمل النفقات الباهظة التي يطلبها هؤلاء المدربون مع طواقمهم.
إضافة إلى ذلك فإن كرة القدم ليست مدربين ولاعبين، إنما هي بنية تحتية كاملة، من المفروض بعد عقدين كاملين من الاحتراف في كرتنا أن تكون البنية الكروية من ملاعب وتجهيزات ومستلزمات واستثمار وتسويق وتأهيل قد وصلنا بها إلى درجة مقبولة تضعنا في عالم الاحتراف الصحيح.
ربما الأزمة ساهمت بضعف هذه البنية، لكن علينا تدارك ذلك بسرعة، وليس ببطء شديد.
الخيارات أمام البدائل دوماً متاحة، وهو البحث عن الاستثمار الكروي الخاص بالمنتخب الوطني، وهو الذي يوفر المال الذي من الممكن أن نحقق فيه تطوراً كروياً، وتبقى مسؤولية القائمين على كرتنا للبحث عن الاستثمار والتسويق المفيدين وصولاً إلى الهدف المنشود.

العقلية البالية
المنتخب هو خلاصة الأندية، فكلما كانت أنديتنا قوية متطورة ارتفعت كرتنا وارتقت بمستواها، ومهما بلغ لدينا من لاعبين محترفين في الخارج فإننا بحاجة إلى المزيد، لأن الكرة في أي بلد ممكن أن ينتهي بريقها إن لم يتم ضخ لاعبين متميزين بشكل دائم، وهذا أمر معروف، ونحن نجد أن أنديتنا افتقدت للعقلية الاحترافية لبناء كرة قدم صحيحة، فأغلبها بحث عن البطولات المسبقة الصنع عبر شراء اللاعبين بأسعار خيالية، وكأنهم فهموا الاحتراف على هذه الصورة، فضلاً عن الاضطراب الإداري والفني، فكيف لكرة الأندية أن تتطور وتبدل ثلاثة أو أربعة مدربين في الموسم الواحد وبعضها ضرب الرقم القياسي فبدل خمسة مدربين بواقع خمس مباريات لكل مدرب!
والأهم أن القواعد في خبر كان، وهناك مشكلة في فرق الشباب، فأنديتنا لا تتعهد الشباب بشكل جيد، وتتخلص منهم عندما يفوق سنهم سن الشباب فيتفرقون في فرق الأحياء الشعبية وهم بعز بنائهم الكروي، والمفترض أن يصبح فريق الشباب رديفاً للرجال، ونحن ندعو إلى ذلك عبر إعادة دوري الرديف حفاظاً على لاعبينا الشباب.
بالمحصلة العامة أنديتنا تفتقر إلى العقلية الاحترافية وما ذكرنا غيض من فيض، ونأمل أن يتم إلحاق القائمين على كرة القدم بالأندية بدورات احترافية (أسوة بالمدربين) بالإدارة والقيادة.

لعنة شتانغة
أمور منتخبنا زمن أيمن الحكيم كانت عال العال، ونتائجنا كانت متميزة ومنتخبنا ارتقى بعهده إلى أفضل مستوى على صعيد التصنيف الدولي والآسيوي والعربي، وما حققه لم يكن طفرة، فالطفرة تأتي بمباراة أو اثنتين، لكننا بعهده وصلنا إلى الملحق الآسيوي في رهان رابح.
وبحثاً عن الأفضل صرفناه وبحثنا عن الأجنبي فكان شتانغة الأسوأ فنياً وانضباطياً، ومن عهده عرفنا الاضطرابات والخلافات الداخلية بين اللاعبين، وشارة الكابتن الجاثمة فوق صدورنا حتى الآن خير دليل.
إدارة المنتخب تتحمل مسؤولية اختيار اللاعبين وانضباطهم، وتأمين كل مستلزمات النجاح، لكن للأسف وقع منتخبنا بما وقعت به الأندية، فسوء اختيار المدربين كان حال منتخباتنا، لذلك فإن ديدن اتحاد الكرة هو تبديل وتغيير الأجهزة الفنية ليس لمنتخب الرجال فحسب بل لكل المنتخبات الوطنية على حد سواء.
بالدرجة الأهم علينا أن نتساءل: ما مهام اتحاد كرة القدم؟
هل هي حضور اجتماعات محلية وخارجية والبحث عن عضوية لجان عربية وآسيوية، وإصدار جداول المباريات والبلاغات والقرارات فقط؟
المهمة الأساسية غابت عن اتحاد كرة القدم، وهي كيف نطوّر كرتنا، كيف نؤمن مستلزمات النجاح، كيف نصل إلى استثمار وتسويق مرضٍ؟ كل هذه الأمور نحن بعيدون عنها، ومهما غيرنا وبدلنا من اتحادات وشخصيات، فالنتيجة واحدة، كرة القدم مثل الرياضة لا تتطور إلا بقرار مسؤول ودعم الشركات الوطنية الكبيرة العامة والخاصة.
كرة القدم حياة، وجماهيريتها تفرض على الجميع الوقوف معها ودعمها كل حسب استطاعته ولو بكلمة جميلة.
أخيراً المنتخب الوطني، يمثل الوطن وجماهيره، ليس ملكاً شخصياً لأحد، لذلك فإن تناوله بالسوء خط أحمر، والتهاون بالعمل والقيادة مع هذا المنتخب يعتبر تجاوزاً للخط الأحمر.
وعدم العمل بروح المسؤولية الوطنية تجاه كرة القدم عموماً والمنتخبات الوطنية خصوصاً يعتبر تجاوزاً للمبادئ الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن