ثقافة وفن

عودة الـ(الزمن) عبر أربع عشرة لوحة … حسن الماغوط لـ«الوطـن»: عبرت عن اختلاف الزمن الكوني وما ينتج عن تأملاتي من تساؤلات ومشاعر

| سوسن صيداوي ت: أسامة الشهابي

(الزمن اسم لقليل الوقت وكثيره.. هو البعد الفيزيائي الرابع للمكان.. هو نسبة الإيقاع المتعلق بين شيئين.. بضياع الاتزان وخلل في مركز الوقت الناتج عن النفس، نخلق هذا الضياع والتلاشي، حيث تتحطم الروابط وينفجر البعد الرابع.. فربما يأتي بعدها بمستقبل وماض وحاضر جديد). بهذه الكلمات دعا الفنان التشكيلي حسن الماغوط متابعي الحركة التشكيلية لحضور افتتاح معرضه الفردي الثاني، الذي تم الساعة السادسة مساءً في صالة الآرت هاوس في دمشق. قدم تجربته الثانية (الزمن) مبحراً في عوالم فضائية كونية رحبة ولا محدودة، صارخاً في الألوان التي تدور بدوائر، مازجاً منها ما نجده وما لا نجده في الطبيعة، تاركاً الحدّ لها بعقارب ترمز إلى الزمن اللامتناهي، لا في الأفق ولا في الفضاءات ولا حتى في التفكير أو المشاعر، في تجربة فردية ثانية في معرض ضم أربع عشرة لوحة متفاوتة الأحجام، ترك لنا خلالها اختيار الزمن الذي نريد أن نعيشه.

للمزيد حول المعرض نزودكم ببعض التفاصيل.

كلمة فنان

بداية حدثنا الفنان التشكيلي حسن الماغوط عن معرضه الفردي الثاني متنقلاً من- الغربة-الشخوص إلى الدوامة- الزمن، مبحراً في بحثه بأبعاد وآفاق تتماشى مع نظرته التي تزداد عمقاً ووضوحاً عبر الأيام، حيث يقول: بالنسبة لي هذه التجربة الجديدة أخذت مني وقتاً، لكوني أعتبرها بحثا وأنا مجتهد فيها كي أقدم لوحات جديدة أخرى، وفي الوقت الحالي شاركت بحوالي أربع عشرة لوحة تتحدث عن نظرتي للزمن، في تجربة بدأت منذ عام2016، ومن ثم فإن نتيجة عملي على موضوع (الزمن) رأت النور بعد ثلاث سنوات، حيث بدأنا بالنقاش حول إمكانية إقامة معرض، وهنا أصبح الوقت مناسباً وتمكنّت من أدواتي وأيضاً من التعبير عن فكرتي (الزمن) بشكل أوسع.
وفي تفصيل أكثر عن بحثه (الزمن) يتابع «أحببت من خلال هذه التجربة أن أقدم عبر الأعمال المطروحة ما يمكنني أن أعبر عنه حول اختلاف الزمن الكوني، وبين كل ما يحيطنا ونحيط به من أفق وبحار وجبال وكائنات حية، وما ينتج عن التأمل فيها من تساؤلات ناتجة عن أفكار وأحاسيس ومشاعر. فلقد حاولت عبر التشكيل أن أصوّرها، أو بالمعنى الأدق أن أستشفها أو أستخلصها، وأن أذهب إلى التنبؤ في تصوير موضوع الزمن وفق طرح جديد عما هو سائد».
أما بالنسبة للتقنية والألوان الدائرة في دوامة الزمن يضيف الماغوط: «اعتمدت على تداخل الألوان وأطيافه، من حيث اللون الصريح والقوي أو الخفيف- متماشياً حسب الحالة المصورة-كما سيلاحظ الزوار، حيث استخدمت الكثير من الألوان الصريحة في مكان واحد، وعملت على تداخلها مع أكثر من لون سواء أكانت: الأحمر أم الأزرق أو الأصفر… إلخ، أو الألوان الأخرى التي لا نجدها في الطبيعة بشكل صرف كاللون التركوازي مثلاً، وبالطبع تمازج الألوان هذا يتفاوت إلى حدّ الشفافية، أو التمازج إلى حدّ السماكة الواضحة على واقع اللوحة، وفي النهاية في الحالتين السميكة أو الشفافة أجد فيها توصيفاً لحالة الزمن».
خاتماً الفنان الشاب حسن الماغوط بالتعبير عن سعادته لنشاطه في الحركة التشكيلية السورية: «أنا سعيد لاحتواء الحركة التشكيلية السورية موهبتي، واحتضانها مواهب الشباب الآخرين، مستفيدين كلّنا من خبرة أساتذتنا الكبار-هم بركتنا وقدوتنا- ومن قيمة التواصل مع العالم الخارجي، فالاطلاع على التجارب العالمية والمحلية، يعزز خبراتنا أكثر ويقوّم مواهبنا، كما أن المشاركة بالمعارض الخارجية تمكننا من التعبير عن التشكيل السوري مستفيدين من كل دعم محلي متاح».

كلمة ناقد

من جانبه تحدث الناقد التشكيلي عمار حسن عن تجربة الفنان الماغوط لافتاً إلى الشجن الذي أثارته بعض اللوحات في نفسه، رغم أن التجربة برأيه مازلت بحاجة لمزيد من الوقت كي تكتمل وتتبلور، مضيفاً: «أجد أن فناننا يبحر في فضاءات كونية واسعة، فأنا أشاهد انفجارات كونية، وآفاقاً لا متناهية في بعض الأعمال، وفي البعض الآخر وراء الأفق هناك أفق آخر، وما هو متكرر باللوحات وما يراه البعض دوامة تشير للزمن، أنا رأيتها وكأنها حركة كونية دائرية، تركز على مساحة وتشبه مجرة فلكية، وأنا لا أراها دوامة لكون الأخيرة أرضية، على حين الحركات الدائرية هي فضائية وتعبر عن الزمن وهي تمثل حركة المجرات، وهنا أحب أن أشير إلى ملاحظة، لو أن فناننا الماغوط استغنى عن الرمزية في العقارب أو المصور ببعض الأرقام لكانت برأيي الأعمال أقوى، لكنه استخدم هذه الرموز كي يشير إلى تعبيراته المطروحة في فضاءاته الكونية الواسعة، وأخيراً بالطبع ما قدمه لنا نحتاج لرؤيته عبر التليسكوب الذي يقرب الزمن مئات السنين، واللوحات المعروضة هي قوية بعناصرها التشكيلية، ومنها أجدها أعمالاً قوية ومنحتني نوعاً من الشجن بالنظر فيها وبتأملها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن