من دفتر الوطن

هذا الوقت سيمضي

| عبد الفتاح العوض

هل يجرؤ شخص ما أن يقول إنه بلا نقاط ضعف؟
كذلك هل يستطيع آخر أياً كان أن يدعي أنه لم يمر بحالة ضعف؟
لا أظن أن أحداً يمكنه أن يصل إلى حد الادعاء بأنه بلا نقاط ضعف، وكذا لا يمكن أن أحداً ما عاش حالات ضعف في يوم ما أو مرحلة ما… لكن يمكنه أن يقول إنه لا يعرف أين نقاط ضعفه، وهذا أمر طبيعي في مرحلة عمرية مبكرة تكون الشخصيات لم تكتمل بعد أو أنها لم تنضج بما فيه الكفاية للوصول إلى مرحلة أن تعرف أين نقاط قوتها وأين نقاط ضعفها.
ثمة قانون كوني هو الأساس في هذا المجال «دوام الحال من المحال»: إنه لا قوة دائمة ولا ضعف دائم.
لعل هذا القانون يأخذ أشكالاً مختلفة.. وسأنطلق فيه من العام إلى الخاص.
فالدول والحضارات انتقلت عبر الزمن في أطوار متعددة من قوة إلى ضعف ومن ضعف إلى قوة، ولعل مسارات التاريخ قدمت لنا نماذج مختلفة من هذه الانتقالات ولم يكن العرب بمنأى عنها، فقد عاشوا الضعف وقد عاشوا القوة، وفي كلتا الحالتين لم يدم الحال على ما هو عليه، لكن الشيء الذي يثير التساؤل: لماذا تأخرنا أكثر في مرحلة الضعف، وما زلنا فيها منذ فترة طويلة، بينما استطاعت دول أخرى أن تخرج من ضعفها في مرحلة قصيرة مقارنة بالعرب؟
أما في الحديث عن الأفراد فإن نقاط الضعف وإن كانت كثيرة لكن البشر يستطيعون التعايش معها إما بالتغلب عليها وإما بإخفائها.
وطبائع البشر تكاد تكون متشابهة، فنقاط الضعف تقريباً متشابهة، وليس هنا إلا في حالات نادرة أشياء مختلفة، وفي هذه الحالة تكون قد وصلت إلى مرحلة الحالة «المرضية» وليست الطبيعية.
لكن بعض الناس يتعايشون مع نقاط ضعفهم من دون أن يدركوا أنها نقاط ضعف، والأهم من ذلك وربما الأكثر إنجازاً هو أن يركز الإنسان على نقاط القوة لديه وينميها بحيث تطغى على نقاط ضعفه، أو يحول نقاط الضعف إلى قوة.
بين العام والخاص وبين الدول والأفراد تشابه مثير للاهتمام في تحول الإنسان والدول من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى ضعف.
لكن الإدراك المهم عندما نتحدث عن الدول هو فترة هذا التحول، وتكون الدول أكثر نجاحاً عندما تجعل من مرحلة الضعف مرحلة قصيرة قدر المستطاع، والأهم من ذلك ألا تصادر حق الأجيال القادمة وتقدم تنازلات في حالة الضعف.
أقول ذلك ونحن نرى التهافت العربي تحت الأقدام الأميركية في معظم دول الخليج والانصياع للتطبيع المذل بحجة حالة الضعف.
الأمم الحية لا تتعايش طويلاً مع حالة ضعفها ولا يمكن أبداً اتخاذ القرارات الحاسمة في مراحل الضعف والخيبة والفشل، إنها أسوأ الأوقات لذلك، ومن الواضح تماماً أن الحالة العربية مزرية نتيجة «الفوضى» التي تعم معظم الدول العربية على حين أصبح «القرار العربي» في يد محور «الذل»!
من أجمل ما قرأت مؤخراً أن حاكماً طلب من حكيم أن يكتب له عبارة تصلح لأوقات الشدة والفرج بحيث لو قرأها وهو حزين سيفرح ولو قرأها وهو سعيد يحزن، فكتب هذا الحكيم (هذا الوقت سيمضي).

أقوال:
حتى أعظم حيتان البحر ليس لديها أي قوه في الصحراء. كونفوشيوس
الرجل الذي لا يعرف نواحي القوة فيه هدف سهل للمرأة التي تعرف نواحي
الضعف فيه. شابلن.
تظاهر بالضعف عندما تكون قوياً، وتظاهر بالقوة عندما تكون ضعيفاً. صن تزو.
الابتعاد عن المشكلات لا يعني الضعف، بل يعني أنك أكثر قدرة على الاستمتاع بحياتك. كارينجي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن