اقتصادالأخبار البارزة

ضمن المقبول ولا خطر على سلامة القطاع … 141 مليار ليرة قروض غير عاملة في 13 مصرفاً خاصاً نسبتها 24.3 بالمئة من إجمالي التسهيلات

| علي نزار الآغا- علي محمود محمد

منحت المصارف الخاصة في سورية الشركات والأفراد تسهيلات ائتمانية مباشرة بقيمة إجمالية 580.47 مليار ليرة سورية، حتى نهاية العام الماضي (2018)، وذلك بحسب البيانات المالية السنوية النهائية لثلاثة عشر مصرفاً بين تقليدية وإسلامية، باستثناء بنك الأردن لعدم نشره بياناته حتى تاريخه، علماً بأن التسهيلات المباشرة تضم القروض والسلف، والحسابات الجارية المدينة وحسم السندات (الكمبيالات) بالنسبة للمصارف التقليدية، في حين تضم بالنسبة للمصارف الاسلامية ذمم البيوع المؤجلة وأرصدة التمويلات والمشاركات بما فيها عمليات المرابحة للآمر بالشراء وأجارة الخدمات.. وغيرها.
المفاجأة أن حوالي ربع تلك التسهيلات غير منتجة أو غير عاملة، إذ بلغت نحو 140.9 مليار ليرة سورية، وهي تشكل نسبة 24.27 بالمئة من إجمالي التسهيلات، وتتوزع إلى 114 مليار ليرة تسهيلات غير عاملة في المصارف التقليدية (10 مصارف) بنسبة 81 بالمئة تقريباً من إجمالي التسهيلات غير العاملة، و26.8 ملياراً في المصارف الإسلامية (3 مصارف) نسبتها 19 بالمئة من الإجمالي وتسمى التسهيلات في الصيرفة الإسلامية بذمم البيوع المؤجلة والأنشطة التمويلية والمشاركات، وتندرج ضمنها كل صيغ المرابحة بشكل رئيس، بالإضافة إلى أنواع منتجات الصيرفة الإسلامية الأخرى.
إن إجمالي التسهيلات الائتمانية المباشرة لأي مصرف تعني كافة التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل المصرف للعملاء، سواءً لفئة الشركات الكبرى أو المتوسطة والصغيرة وكذلك للأفراد، وتتوزع أنواع هذه التسهيلات بين حسابات جارية مدينة وقروض وسلف وكذلك قروض تجزئة متنوعة للأفراد.
هذا وينزل من إجمالي التسهيلات الائتمانية قيمة المخصصات التي يقوم بتكوينها المصرف لقاء احتمالية تدني قيمة التسهيلات الائتمانية، والمقصود بذلك احتمالية تعثر المقترضين وعدم تقيدهم بسداد التزاماتهم للمصرف في الأوقات المحددة بموجب العقود المبرمة معهم، وتشكّل هذه المخصصات عملاً بالقرارات الصادرة عن مجلس النقد والتسليف لا سيما القرار رقم 902 لعام 2012 والقرار رقم 1079 للعام 2014 والقرارات اللاحقة الأخرى.
كما تقوم المصارف بإجراء اختبارات جهد لمحفظتها الائتمانية وفق العديد من السيناريوهات المتفائلة والمتشائمة (المتشددة والمبسطة) وبناءً عليها قد تقوم بتشكيل مخصصات جديدة أو تسترد بعضها المشكل سابقاً، وذلك بالترافق مع أية عمليات تسوية قد يقدم عليها عملاء المصرف لجهة جدولة ديونهم أو إعادة هيكلتها.

قبل 2019

طبعاً هذا الكلام ينطبق على الأعوام السابقة للعام 2019 حيث ألزمت المصارف بتطبيق معيار التقارير المالية الدولي رقم 9 (IFRS 9) وذلك بموجب القرارات الصادرة عن مجلس النقد والتسليف وكان آخرها القرار رقم 4 تاريخ 06/02/2019 وهذا يفرض بحد ذاته تصوراً جديداً لتصنيف الديون وتكوين المخصصات، وعند تدقيق قيم محفظة المصارف الائتمانية فإننا نلاحظ وجود مخصصات تدنٍ قيمة التسهيلات الائتمانية والتي تقسم إلى مخصص تدنٍ للديون المنتجة ومخصص تدني للديون غير المنتجة، فأما الديون المنتجة فيقصد بها الديون (التسهيلات) التي تم تصنيفها من 1 إلى 3 وهي (1: ديون متدنية المخاطر، 2: ديون عادية، 3: ديون تتطلب اهتماماً خاصاً)، أما الديون غير المنتجة فيقصد بها الديون (التسهيلات) التي تم تصنيفها من 4 إلى 6 وهي (4: ديون دون المستوى، 5: ديون مشكوك بتحصيلها، 6: ديون رديئة)، هذا ويتم هذا التصنيف بناء على القرارات ذات الصلة استناداً لملاءة العملاء والتزامهم بالسداد.
وبعد إجراء هذه التصنيفات يتم احتساب المخصصات من خلال تطبيق اقتطاع نسبة معينة من رقم تسليفات، كل تصنيف على حدة، حيث يتم اقتطاع نسبة 2 بالمئة من الديون المصنفة 3 وتعتبر مخصص ديون منتجة، بينما يتم اقتطاع نسبة 20 بالمئة من الديون المصنفة 4 ونسبة 50 بالمئة من الديون المصنفة 5 ونسبة 100 بالمئة من الديون المصنفة 6 وتعتبر مخصص ديون غير منتجة، وبالتالي فالعبرة ليس لبند مخصص تدني قيمة التسهيلات الائتمانية للديون المنتجة فهذا الرقم يعتبر احترازياً وتحوطياً في حال تعثر أحد العملاء الذين هم بالأصل تعتبر ديونهم منتجة ولكنها ضمن فئة الديون التي تتطلب اهتماماً خاصاً (3).
ومن هنا يمكن القول بأن وجود تسهيلات غير منتجة هو أمر طبيعي في القطاع المصرفي لأي بلد، فاحتمال تعثر المقترضين لسبب ما والظروف الاقتصادية بشكل عام لها دور مهم في رفع هذه النسبة أو تخفيضها، إلا أنه من الأهمية بمكان قيام المصارف بالحرص على جودة المحفظة الائتمانية لكونه يخفض تلقائياً من احتمالات تعثر المقترضين، وذلك من خلال القيام بالدراسات الائتمانية المعمقة والمتضمنة تحليلاً دقيقاً لوضع العميل من كافة النواحي وفق معايير الإقراض المثلى مع العمل على الرقابة المستمرة على المحفظة والحدّ من تركيز التسليف في نشاط معين أو منطقة محددة وذلك من خلال تنويع المحفظة والضمانات المقدمة، أما ترك هذا الأمر دون العناية الفائقة من قبل الجهاز المصرفي فيعني التفريط بأموال المودعين، وربما الوصول إلى تآكل رأسمال المصرف، وهذا ما تسعى إلى منع تحققه بتاتاً كل من الجهات المشرفة على القطاع المصرفي، سواء سلطة نقدية ودوائر مالية وجهات إشرافية أخرى، إضافةً إلى الجهات الرقابية داخل المصرف نفسه سواء دائرة إدارة المخاطر أو دائرة التدقيق الداخلي أو دائرة الالتزام.

نتيجة

إلى ذلك يمكن القول إن وضع الديون غير المنتجة في القطاع المصرفي السوري الخاص يعتبر ضمن المقبول ولا خطر على سلامة هذا القطاع، مع التوقع بأن تحسن الأوضاع الاقتصادية قد يسبب الكثير من عمليات جدولة القروض وإعادة الهيكلة لبعض عملاء المصارف العائدين إلى البلد أو المستأنفين لعملهم الأصلي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن