قضايا وآراء

نهاية خطة الحرب الأميركية على المقاومة

| تحسين الحلبي

هناك سؤال منطقي يطرح نفسه في موضوع احتمالات شن حرب أميركية على إيران وهو: لماذا لم تقم إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن بشن هذه الحرب في عام 2003 حين احتلت العراق وأصبحت قواتها على حدوده مع إيران لسنوات عديدة بلغ فيها عدد هذه القوات 400 ألفاً من الأميركيين والبريطانيين فقط؟
من الواضح أنها في ذلك الوقت الذي انتشرت فيه قواتها في مختلف دول الخليج كان لديها ميزان قوى أمام إيران أفضل نسبياً من ميزان القوى الراهن، كما أن رئيس حكومة إسرائيل آرئيل شارون لم يتوقف لحظة واحدة عن بذل كل جهوده لدفع القوات الأميركية نحو شن حرب عليها خلال سنوات وجوده ما بين 2003- 2005 وبرغم ذلك لم تجرؤ واشنطن على شن حرب مباشرة شاملة كما تهدد الآن.
ربما لهذا السبب يقدر المختصون في شؤون الحرب في المنطقة وأوروبا أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تنفذ الآن خلال تهديداتها المتصاعدة خطة مرحلية قد تسبق شن الحرب أو تلغي التفكير بها، والملاحظ أن كل ما تقوم به إدارة ترامب في سياسة فرض العقوبات على إيران وعلى كل من لا يخضع لفرض العقوبات عليها، يهدف في النهاية إلى محاصرة إيران وتجويعها وإضعاف قدراتها الاقتصادية والمالية تمهيداً لمرحلة البحث عن دول مهمة تشارك الولايات المتحدة في حربها مثل بريطانيا أو إعادة تجنيد دول أوروبية في هذه الحرب.
ولذلك تستنتج صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن هذه السياسة التمهيدية لتأكيد شن الحرب الأميركية قد تستغرق وقتاً يستغله الرئيس ترامب في حملاته الانتخابية ويظهر فيه بمظهر من لا يرغب بإعطاء الأوامر لشن الحرب فيكسب الجمهور الأميركي الذي ذكرت استطلاعات الرأي حوله وجود أغلبية ترفض شن الحرب على إيران وهذه النتيجة لا ترغب بها إسرائيل التي ما تزال تصر على توريط إدارة ترامب بحرب يصفها بعض العسكريين السابقين في الجيش الأميركي بالجنون بسبب عدم جدواها بالمقارنة مع المحافظة على الأمر الواقع في وضع منطقة الشرق الأوسط ودون الاضطرار إلى دفع أي ثمن ما دامت أن واشنطن تدير حروباً لمصلحتها بواسطة اتباعها والخاضعين لقراراتها.
يبدو أن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس وهو من قادة الليكود الأكثر تشدداً من نتنياهو نفسه، لاحظ هذا التراجع الأميركي فأعلن قبل يومين أثناء مشاركته في مؤتمر للبيئة في أبو ظبي التي أنشئ فيها مقر الأمم المتحدة لشؤون البيئة منذ سنوات، فأعلن أن «إسرائيل ستشارك إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب على إيران وأنها أعدت جيشها ووضعها لهذه الغاية».
لاشك أن هذا التصريح الرسمي الإسرائيلي لن يعني بالضرورة أن مشاركة إسرائيل ستغري إدارة ترامب بالاندفاع نحو حرب كهذه بقدر ما يقدم رسالة لبعض الدول العربية الخليجية وتشجيعها على الانضمام إلى هذه الحرب بعد أن لاحظ ترامب ونتنياهو معاً أن المملكة السعودية من بين دول الخليج هي الأكثر إلحاحاً في الرغبة لشن حرب على إيران، وبرغم ذلك ترى صحيفة «جيروزاليم بوست» أن طبيعة ميزان القوى وإمكانية اتساع رقعة الحرب الأميركية على إيران وتعدد جبهاتها جعل معظم الأطراف المعنية هناك من واشنطن إلى طهران إلى بعض حلفاء واشنطن بعدم تفضيل اللجوء إلى الحرب.
في النهاية لم يبق في ساحة المحرضين على الحرب سوى تل أبيب والرياض وهما الجهتان اللتان أدارتا بشكل رئيس حروب المجموعات الإرهابية والإسلامية المتشددة منذ بداية ما يسمى الربيع العربي ضد سورية والعراق واليمن وليبيا وتونس بل ومصر في سيناء لمصلحة إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في بداية تلك الحروب ولم يبق سواهما الآن إضافة إلى قطر والرئيس التركي رجب طيب أردوغان يصر على استمرار هذا الدور الذي لم يحققوا منه أهداف الولايات المتحدة، ولذلك ستظل دول محور المقاومة وحلفاؤها قادرة على الاستمرار في زيادة قدراتها العسكرية والسياسية والاقتصادية لحماية سيادة أراضيها ومستقبل شعوبها وستنتقل من انتصار لآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن