ثقافة وفن

اشترى سيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر «الكاديلاك السوداء» … عزت أبو عوف.. درس الطب وعمل فيه أربع سنوات ثم هجره.. وشكّل مع شقيقاته فرقة الـ«فور إم»

| وائل العدس

منتصف الأسبوع الماضي، رحل الفنان المصري عزت أبو عوف، عن عمر يناهز 71 عاماً، بعد صراع كبير مع المرض.
وكان يعاني أمراض القلب والكبد، وقضى بالمستشفى فترة اقتربت من الشهرين قبل وفاته بأحد المستشفيات الخاصة.
وشيعت جنازته من مسجد السيدة نفيسة بالقاهرة، وحضر الجنازة عدد من زملائه من بينهم أشرف زكي وخالد النبوي ومستشار وزير الثقافة المصري خالد عبد الجليل والفنانة يسرا اللوزي.
وأقيم عزاؤه في مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، وحضره نجوم المجتمع المصري من الفنانين والإعلاميين من بينهم عادل إمام وأحمد حلمي وتامر حسني الذي كان يصور معه آخر أعماله الفنية فيلم «كل سنة وانت طيب»، ولكنه توفي قبل إتمام مشاهده.

من الطب إلى الفن
هو ممثل وموسيقار مصري، ولد في القاهرة، وتخرج في كلية الطب، كانت بداياته الفنية عندما أصبح عضواً في فرقة «بلاك كوتس» وكانت فرقة شهيرة وقتها لكن تم حلها، ثم أسس مع شقيقاته الأربع فرقة «الفور إم» التي ساهمت في شهرته وحققت الفرقة نجاحاً باهراً في عقد الثمانينيات من القرن العشرين، وقدم الألحان والموسيقا التصويرية للعديد من الأعمال الفنية.
وقد لفت أبوعوف انتباه الرأي العام المصري في السبعينيات، حينما هجر الطب، بعد أن تخرج في الكلية، وعمل طبيب توليد وأمراض نساء، ومارس المهنة لمدة أربع سنوات، ليشكل فرقة الـ«فور إم» مع شقيقاته الأربع (منى) و(مها) و(منال) و(ميرفت)، وتردد أن هذه ليست أسماءهن الأصلية، وأنهن تسمين كذلك لتصبح الفرقة مطابقة لاسم (4 إم)، وقد اتجهوا منذ لحظة التأسيس إلى إعادة غناء كلاسيكيات الفن العربي القديمة، مثل «الليلة الكبيرة» و«بدوية التخينة»، وكلاسيكيات معاصرة، مثل أغنية عبدالحليم حافظ «توبة» بنمط شبابي سريع وجديد، يواكب زمن السبعينيات ونمطه المتمرد، واستمرت الفرقة في هذا اللون حتى انهارت، ليتجه أبوعوف إلى التمثيل والتأليف الموسيقي.
اتجه عام 1992 للتمثيل وكان أول عمل لهُ «آيس كريم في جليم»، وتوالت بعد ذلك أعمالهُ السينمائية والتلفازية.
شارك أيضاً في تقديم برامج تلفزيونية ومنها برنامج المسابقات «هرم الأحلام» و«برنامج القاهرة اليوم»، وكان أيضاً رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي منذ عام 2008، وقدم دوراً بارزاً في استكمال دورات المهرجان التي كانت مهددة بالتوقف بسبب الأحداث السياسية في مصر.
وينتمي أبو عوف إلى عائلة فنية بامتياز، فهو ابن الموسيقار الشهير أحمد شفيق أبو عوف ووالد المخرجة مريم أبو عوف وشقيق الممثلة مها أبو عوف.
تعرض لأزمات نفسية وصحية عقب وفاة زوجته عام 2015 وتأثرت صحته بشدة وتعرض لوعكة صحية خضع على أثرها لعملية قلب مفتوح، ونقل لوحدة العناية المركزة في المستشفى عدة مرات، قبل أن توافيه المنية.

تمرد وغرابة
عرف الراحل بتمرده على السائد اجتماعياً، حيث اشتهر بارتياد المزادات وشراء كل ما هو مثير وغريب، وكانت أبرز مشترياته سيارة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، الكاديلاك السوداء بمبلغ 3000 جنيه، ثم ظهوره مع شقيقاته الأربع في فرقة الـ«فور إم» الموسيقية، وهي خطوة لم ترق للكثيرين في مجتمعاتنا العربية المحافظة، وقامت الفرقة بإعادة توزيع وغناء كثير من كلاسيكيات الفن العربية، لكن بصورة حديثة يتقبلها المزاج الشبابي، كما قام أبوعوف أيضاً بالزواج من خادمته، التي لازمته في حياته، بعد أن فقد رفيقة عمره التي ارتبط بها بعاطفة قوية «فاطمة»، وكان تبريره للزواج الأخير بأنه قام به خصيصاً لحماية الإنسان التي اختارت رعايته والبقاء بجانبه طوال الوقت، وحمايتها من القيل والقال، بحيث تصبح إقامتها معه في المنزل ضمن الإطار الشرعي والمقبول.
وقال الناقد السينمائي والكاتب الصحفي هشام لاشين في تصريح صحفي: إنني أول من كشف قصة اقتناء عزت أبوعوف سيارة عبد الناصر الكاديلاك، وقد أثار هذا ردود أفعال واسعة بعضها غاضب من الإخوة الناصريين، وأصل القصة أنني في بداية حياتي الصحفية عملت لمصلحة مجلة تصدر في باريس، وحددت موعداً للقاء صحفي في شقته بالزمالك، وتحدثنا عن فرقته وعن الموسيقا على وجه الخصوص، ولفت نظري فجأة أثناء الحديث أنه يقتني الكاديلاك السوداء التي أهدتها روسيا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ويتحدث عن هذا الأمر الذي لا يعرفه أحد وكأنه أمر عادي.
وتابع: «لم أكن لأفوت تلك الفرصة النادرة، فحصلت على موافقة الفنان الراحل على تحديد موعد لتصوير السيارة، وفي الموعد المحدد كان معي زميلي، وصورنا السيارة المصفحة الضخمة من الداخل والخارج؛ كانت سيارة لزعيم فعلاً بإمكانات فخمة، وحينما جاءت لحظة تصوير شنطة السيارة الخلفية فوجئنا بوجود مجموعة من الدفوف والطبل، وبحسن نية قمنا بتصويرها، ولم ألتفت أنا ولا زميلي المصور إلى أن تلك اللقطة تحديداً ستكون وقتها هي بطل الموضوع».

اسمه الحقيقي
بعد ساعات قليلة من وفاته، بدأ عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إعادة نشر عدد من مقاطع الفيديو للقاءات التلفزيونية التي ظهر من خلالها الفنان الراحل، وهو يتحدث عن أسرار حياته الشخصية.
وكان أحد أهم هذه المقاطع مع الموسيقار الراحل عمار الشريعي الذي استضاف أبو عوف في برنامجه «سهرة شريعي» الذي قدمه عبر قناة دريم الفضائية، وتحدث أبو عوف في الحلقة عن اسمه الحقيقي، وقال اسمي «محمد عزت أحمد شفيق أبو عوف»، وأضاف إنه اختار هذا الاسم ليكون مختلفاً ومميزاً كعادة الكثيرين من الفنانين.

زوجته وأرملته
ارتبط أبوعوف بقصة حب ذائعة الانتشار مع زوجته (فاطمة)، التي ارتبط بها منذ أن كانت في الـ15 من العمر، ولم يعرف الجمهور عمق هذه العلاقة إلا بعد رحيلها، حيث أصيب بصدمة دخل بعدها عدداً من المصحات العصبية، حيث أصبح خاتم زواجهما معلقاً في صدره، كما كان يضع وردة حمراء يومياً علي مخدتها، بحسب روايات صحفية.
أما أرملته أميرة أبو عوف فقد شاركت متابعي حسابها الرسمي على موقع «فيسبوك»، بصورة تجمعها به.
وظهرت وهي تلتقط الصورة على طريقة السيلفي، على حين يقبل رأسها عزت، وعلقت «حب العمر كله، الزوج والأب والصديق، عشرة 25 سنة».
وفي أحد تصريحاته قال عن زوجته الراحلة: لا يمكن أن أنساها أبداً، فهي أجمل ذكرى في حياتي، وحبي الأول الذي عشت من أجله، صورها ما زالت تزيّن جدران منزلي، وهي بالنسبة لي لم تكن زوجة فقط، بل الأم والحبيبة والصديقة والابنة. كانت تملأ حياتي كلها، لكن اليوم لا يسعني إلا الدعاء لها بالرحمة والمغفرة.
وفي سؤال تم توجيهه إليه، كيف تصف زوجتك الحالية أميرة؟ أجاب: ربّنا عوضني بها عن فقدان زوجتي الأولى والتي كنت أتوقع أن لا شيء في الدنيا يمكن أن يعوضني عن فقدانها، لكن اللـه سبحانه وتعالى عالم بحال عباده، وشاهد على مدى تعبي وألمي وعدم قدرتي على استكمال الحياة من دون زوجتي. لقد عشت أياماً صعبة، لدرجة أنني دخلت مصحة للأمراض العصبية والنفسية، ولم يستطع أي من أولادي وشقيقاتي وأفراد عائلتي إخراجي من حالتي النفسية الصعبة، لكن اللـه أكرمني بأميرة لتقف إلى جانبي وتكون شريكة حياتي.
بعد وفاته عادت وصيته المثيرة للجدل، إلى الواجهة، حيث جاء في هذه الوصية، قول الفنان: «كرموني وأنا عايش، ولو عايزين تحرقوا أفلامي بعد ما ‏أموت، مش مشكلة».
لذلك، خرجت شقيقة الفنان الراحل، مها أبو عوف عن صمتها، قائلة: إن شقيقها الراحل، لم يوص بحرق أعماله الفنية.
وأوضحت أن شقيقها الراحل، كان يفتخر بأعماله وأفلامه، ولم يطلب أبداً حرق أفلامه.
وقبل عام من وفاته، تحدث عن هذه الوصية فقال: هذه مجرد شائعات سخيفة، وقد أزعجتني وضايقتني كثيراً عندما استمعت إليها، بل إنها سبّبت لعائلتي ولكل المقربين مني قلقاً شديداً، إضافة إلى إلحاقها الضرر بعملي، ولا أعرف الهدف من وراء تلك الأكاذيب، وتحريف الكلمة التي ألقيتها أثناء تسلّمي جائزة «نجم العرب»، والتي عبّرت فيها عن سعادتي بهذه اللحظة، وأهمية تكريم الفنان وهو لا يزال على قيد الحياة، ثم قلت عبارة تملؤها روح الفكاهة: «كرّموني وأنا عايش، ولو عايزين تحرقوا أفلامي بعد ما أموت مش مشكلة»، لكن لا يمكن أن أطلب حرق أفلامي، لأنها تعبّر عن فني الذي عشقته وعشت من أجله، وكان وسيبقى هو المعنى الحقيقي لحياتي.

أهم أعماله
التلفزيونية: العائلة، طريق السراب، زيزينيا، ضد التيار، عباسية واحد، هوانم غاردن سيتي، كلمات، شيء من الخوف، وبقيت الذكريات، أم كلثوم، الرجل الآخر، أوبرا عايدة، العائلة والناس، بنات أفكاري، العمة نور، الخريف لن يأتي أبداً، خان القناديل، حد السكين، امرأة من نار، بنت من شبرا، أماكن في القلب، أشباح المدينة، الملك فاروق، عمارة يعقوبيان، أنا قلبي دليلي، الدالي، باب الخلق، روبي، كاريوكا، الأب الروحي.
السينمائية: كشف المستور، بخيت وعديلة، ليلة ساخنة، علاقات مشبوهة، إسماعيلية رايح جاي، عبود على الحدود، زنقة الستات، أرض الخوف، سيب وأنا أسيب، السفارة في العمارة، حليم، مطب صناعي، حسن طيارة، عمر وسلمى، حبيبي نائماً، ليلة البيبي دول، لا تراجع لا استسلام، شمال يا دنيا، خطة بديلة، تحت الترابيزة، فين قلبي؟، كارت ميموري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن