ثقافة وفن

«مزج» أمسية زجلية موسيقية حملت الكثير من الغزل والحب … شفيق ديب لـ«الوطن»:قد نكون قدمنا أكثر من مجرد مزاوجة بين الشعر والموسيقا.. هي ازدواجية حافظ كل منا على هويته وحضوره

| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

عند كل أمسية شعرية يحرص الشاعر شفيق ديب على تقديم الاختلاف والإبهار إلا أنه في أمسية (مزج) في صالة تجليات عبر إلى قلوب الحضور بعناوين متعددة عن الحب والشغف والعشق والغزل بأبهى صوره من خلال ازدواجية الشعر مع الموسيقا، تلك الحالة الفردية التي يولدها من شأنها ترسيخ مفاهيم عديدة عن الحالة الثقافية السورية حاملة معها رموزاً وأبعاداً فلسفية عميقة.
فكان بمسرحه هذا متمكناً وواثقاً مندفعاً يملك من الراحة الكثير ليجسد الشعر بصوته وتأليفه وأدائه آخذاً الجمهور إلى أماكن بعيدة وزاد من وقعها تلك الشحنات الموسيقية التي أعطت طاقة كبيرة للشاعر وحماساً للجمهور فكانت أمسية (مزج) بأجمل حلتها جمعت رجال الفن والثقافة والسياسية والإعلام، وبمشاركة أصدقائه، على البزق هوشنك حبش، وعلى الإيقاع عفيف دهبر، متناولاً الخير والشر والحب والغزل والجود والكرم والدفاع عن الوطن فكانت صلاة عبادة ومحبة وعشق.
متنفس فرح

وعلى هامش الأمسية التقينا الشاعر شفيق ديب في حديث خاص لـ«الوطن» بين خلاله تفاصيل مهمة:
يتوقف نجاح أي مشروع على التحضير المدروس لجميع معطيات الأمسية، والعامل الآخر والأهم هو وجود ناس متفاعلة ومشجعة ولولا زخم هؤلاء الناس لكانت القصيدة فقدت حرارتها».
وبخصوص تلك الازدواجية التي شهدناها والتي جمعت بين الشعر والموسيقا ودور الموسيقا في إكساب الألق وربما تعبئة الصمت يقول ديب: «كلمة ازدواجية جميلة وتعبر فعلاً عنما قدمناه، لأن الأمسية حملت أكثر من مجرد مزاوجة بين الشعر والموسيقا، بل كان ازدواجية، حيث حافظ كل منا على هويته وظهوره وحضوره بشكل مكمل للآخر وغير إلغائي لنكون كإنسان بشخصيتين ولكن في النهاية هو إنسان واحد».
حب الوطن والدفاع عنه تسيدا مشهد القصائد، وفي سؤالنا حول ما يمكن أن يقدمه أيضاً من خلال الشعر أجاب ديب: «يختلف المزاج الشعري للشاعر بين كل فترة وأخرى، وربما تمرّ عليه شهور يكتب لعدة مواضيع حسب رغبته، ولكن في الأمسية يضطر الشاعر إلى سكب الموسم كله بمختلف أنواعه وليس بالضرورة أن يكون في لحظتها يمتلك المزاج نفسه الذي كتب فيه تلك المقطوعة أو غيرها».
وعن دور تلك الأمسيات في انتشار هذا النوع من الشعر، وماذا تحقق له قال ديب: «ببساطة، الأمسية تعتبر متنفس فرح إذا كانت ناجحة، وإذا كان الإنسان العادي يقيم عرساً واحداً في حياته أو أكثر فإن الشاعر يمكن أن يعيش كل شهر عرساً إذا استطاع أن يسعد الناس ويفرحها ويتلقف ذلك التفاعل الجميل».
أما بالنسبة للعناوين الجديدة التي قدمها ديب فقال: «في الفقرة الأولى قدمت قصائد طويلة تحمل مغزى فلسفياً بقالب نظم، وأعتقد أن ذلك يحمل تجديداً في المبنى وطريقة سير القصيدة، حيث بدأت بهذا النوع من القصائد بشكل رسمي في عام٢٠١٥ من خلال برنامج (بين الشطرين)».
وعن الشعور الذي يتركه تفاعل الناس في نفس الشاعر أوضح ديب: «هو شعور رائع وممكن أن يكون أجمل شيء يحس».
شعره رحيم

ومن جانبه قال عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتور ماهر خولي: «لا أبالغ حين أقول إن شفيق ديب هو واحد من أهم الأصوات الشعرية ليس بين الشباب، المحسوب عليهم زمنياً، فقط بل بين جميع الأجيال الشعرية، إن الزجل الذي يكتبه ويقوله، واستطيع القول، الذي يتنفسه هو خلاصة شعر تحلق فيه الصورة، وتتفرّد المفردة، والكلمة، وتسطع المعرفة».
ويضيف خولي إنه: «إلى جانب ذلك فإن الموسيقا العربية والغربية، تسكن روح شفيق العاشقة للجمال، وللحرية، شعره رحيم يطرد الرجيم الذي يلفّ حياتنا، ويداعب أعمق ما في ذواتنا من شهوة لتذوق الشعر الصافي… على الصافي».
وأخيراً أقول إن شفيق ديب موهبة بلون خاص وسمات متفردة تعارك بيدين عاريتين وقلب شامخ من أجل أن ينتصر.. الحب».

مكونات فلسفية
بينما بين النجم باسم ياخور أن: «هذه الحالات الثقافية وإن كانت فردية هي مهمة جداً بكل تنوعاتها وتجلياتها، ولو كان الشعر بسيطاً وعامياً إلا أنه يحمل مكونات فلسفية عميقة جداً، وبعداً فلسفياً مهماً».
وأوضح ياخور أن: «تحويل المادة الشعرية إلى مادة مبسطة نسبياً هو شيء مهم ويشجع الناس لتستمع بها وتتقبلها بشكل أكبر، كما أن النشاط الثقافي الفردي مطلوب حتى نعمم الحالة الثقافية وننشرها بصورة أكبر».
ورأى ياخور أن: «المراكز الثقافية لا تعمم الحالة الثقافية بل الحالات الفردية هي من تحمل ذلك الإصرار على نشر الحالة الثقافية الجميلة والممتعة للنفس، هو موضوع مهم اجتماعياً، واتمنى التوفيق له على هذا المجهود الفردي الذي يقدمه بما فيه من اجتهاد بالشكل والأداء، وليس مجرد تأليف شعر، وهناك حالة بصرية وسمعية بالموسيقا المرافقة حيث قدم عرضاً كاملاً من كل النواحي واستمتعنا جداً بهذه الأمسية».

سمة مميزة
ومن جهته أوضح الفنان اندريه سكاف: «فوجئت حقيقة بأسلوب شفيق حيث اسمعه للمرة الأولى، وهو شاعر من نوع خاص وله سمة مميزة يختص بها، واعتقد أن الشعر الذي يقوله هو شعر محكي ولكن فيه الكثير من الغنى والثقافة وطريقة خاصة ممتعة فاستمتعنا بالأمسية وكانت رائعة جداً».

عرض مسرحي
وبدورها قالت الفنانة رنا العضم: «رأيت شفيق يقدم عرضاً مسرحياً بطريقة الشعر المحكي وتجسد ذلك بقدرته على الحفظ والأداء، أما المواضيع التي قدمها فكانت منوعة، ومع أنني أميل للشعر السياسي إلا أنه استطاع أن يمتعنا بصورة كبيرة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن