ثقافة وفن

«ألف نون» تطلق «ملتقى التكية الأول» لتصوير التراث … جحجاح لـ«الوطن»: نعمل على دعم الشارع الثقافي عبر مزج التراث مع المعاصرة وخلق بوابات للمستقبل

| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

جمع سوق المهن اليدوية في التكية السليمانية، هناك حيث يرقد النحاس والأنتيكا والفضة والمجوهرات، لوحات فنية حملها عدد من الفنانين في هذا المكان المعتق لتكون جسراً في زيادة الوعي بالتراث نحو المستقبل. من هنا انطلقت الفكرة عند الفنان بديع جحجاح في اختيار مكان تراثي عتيق في محاولة لتلوينه وإكسابه بريقاً جديداً وحياة من خلال لقاء الفنانين بعضهم ببعض واحتكاكهم المباشر مع الناس وإقامة حوارية لها أشكال مختلفة ونتائج على كل طرف، ومن شأنها أيضاً تمكين المكان والترويج له بعد سنوات من الحرب وإعادة إحيائه وتعريف جيل كامل به.
لنرى التكية اكتست ألواناً زاهية أشبه بلوحة فنية كبيرة ملونة تضج بالحياة، وضم الملتقى باقة من الفنانين بأعمار مختلفة وهم (عدنان حميدة- بديع جحجاح- جان حنا- جمعة نزهان- غسان عكل- ديانا مارديني).

مزج التراث مع المعاصرة
وفي حديث خاص لـ«الوطن» بين مدير (صالة ألف نون للفنون والروحانيات) الفنان التشكيلي بديع جحجاح أن: «مناسبة وجودنا في التكية هو صنع نوع من العلاقة بين الفن المعاصر والفن التقليدي والفن التراثي، هذه العلاقة تحتاج إلى صدمة مباشرة بين الفنانين المحترفين وأصحاب الحرف الذين لهم باع طويل في تحويل المادة الخام إلى مادة استهلاكية للبيع والشراء، هو صدام زمني وتاريخي بين تيارين من شأنه أن يخلق احتكاراً وخلخلة إيجابية، وإعادة تشكيل وقراءة هذا المشهد لمكان تاريخي مثل (التكية) سوق المهن اليدوية».
وأضاف جحجاح إننا: «وضعنا الرموز التي صنعناها أثناء الحرب (التكوين والجوهر ورباعية أفلا وأفلا والمحبة والهمزة) بتماس مباشر مع الشارع الحقيقي، ومن هنا أتت فكرة الملتقى لدعم الشارع الإنساني والثقافي عبر مزج التراث مع المعاصرة وجاء العنوان (وعي التراث) الذي يخلق بوابات غير نهائية للمستقبل ويراها بعيون أكثر اتساعاً».
وأوضح جحجاح أن: «اللوحات المعمولة عادة ليس بالضرورة أن تعكس المهنة أو الحال التقليدي والتراثي إنما تحمل تحية للتراث من خلال الأداء المباشر والعفوي لنقل هذه المشاعر والأحاسيس ما بعد الحرب ودمجها مع التراث، فنحن لا نقدم التراث كما هو أو المعاصر الذي أحياناً لا يلامس التراث، بل يتمثل هذا النسيج والكيمياء بكيمياء إنسانية فيها تواصل».
وأفاد جحجاح أننا: «عندما نَدعي للتكية كأننا نعمل إعلاناً ودعاية وترويجاً سياحياً لهذا المكان، وكان واضحاً من اهتمام الناس بأنهم متعطشون ومتشوقون لنقل هذه المفاهيم فأصبحت التكية أشبه بمعرض كبير فيه النحاس والقماش والفضة واللوحات وأشكال مختلفة كثيرة ومهمة، وتعرف الناس بعد 8 سنوات أن هناك شيئاً اسمه سوق المهن اليدوية، فهناك جيل كبير لا يعرف بوجوده إذا الملتقى هو نوع من الاهتزاز الملون الإيجابي في هذا المكان العريق».

نرتقي بالذائقة البصرية
ومن جهته أوضح الفنان عدنان حميدة أن: «ما دفعني للمشاركة في الملتقى هو الواجب في إعادة إحياء التكية، واللقاء مع الفنانين لنشاهد تقنيات بعضنا ونتحاور بالفن على مدار 6 أيام، ولنلتقي مع الجمهور بشكل مباشر كي نرتقي بالذائقة البصرية للناس، وهي من مهامنا كفنانين، كما نخلق علاقة مباشرة مع الطلاب الذين يأتون ليروا اللوحة كيف تنشأ خطوة بخطوة وذلك جزء من التعليم لأن التقنية ليست حكراً على أحد والرسم يجب تعليمه للناس».
وبين حميدة أنه: «عادة لا يصح الربط بين التراث والأصالة، فالفنان يرسم ويعبر عن نفسه، ولا ينحصر بأجواء التكية والجلوس فيها كمكان ليس له علاقة بالعمل والربط يجب أن يكون غير مباشر، ولوحتي استوحيتها من مجموعة أعمال بعنوان طبيعة غير صامتة، حيث نرى التمثال له عيون واقعية، والحجر يتكلم والجمادات تتحرك من جانب تعبيري وجداني، أما من الجانب الفني فنلاحظ الوجوه تتحرك من خلال الخطوط».
امتداد لأسلوبي

أما الفنان جمعة نزهان فقال إن: «الملتقى يعتبر نزهة وفرصة لنلتقي بالفنانين هي تجربة جميلة، وتحمل أسماء جديدة ومكاناً جميلاً جداً وفرصة لنخرج خارج المرسم وخارج الإنارة الاصطناعية ونرى الشمس ونشتم رائحة الهواء المنعشة، ونلتقي الزوار ونقيم معهم حوارية بأسئلة قد تكون عميقة أو بسيطة، تغنينا وتنفع الناس، لأن الكثير منهم يعتبرون الفنان كائناً فضائياً وعندما يرونه يرسم أمامهم ببساطة يغيرون رأيهم».
وأفاد نزهان: «استعملت بعض الرموز من البيئة المحلية وسبق واشتغلت عليها وذلك امتداد لأسلوبي، في محاولة للتأكيد على الموضوع، وخاصة أن المكان الذي نرسم فيه يشبه أسلوبي، حيث نرى القبب والمآذن تحيط بنا في هذا المكان التاريخي».

جمع الحرف والموروث الشعبي
بينما أوضح الفنان غسان عكل أن: «هذا المكان التراثي يجعل الفنان يتفاعل مع اللوحة نفسها ويحاول أن يقدم شيئاً من التراث وعتق المكان وجماله، وتفاعلات الناس مع اللوحة ليشاهدوا اللوحة كيف تبدأ وتنتهي».
وأضاف عكل إن: «لوحتي تجمع الحرف والموروث الشعبي في الوقت نفسه، وبشكل عام أعمالي كلها تجمع الخط والموروث الشعبي والأشياء القديمة، وأعمل من خلال سحر المكان على إضافة عملي لأنه يعطينا دفعاً كبيراً وطاقة إيجابية متفاعلين بين المجوهرات والناس التي تصنع الفن».

فائدة جميلة
ومن جانبه بيّن الفنان جان حنا أن: «مشاركتي تتمثل بلوحة واحدة استوحيتها من الأنثى، وأعمل على ربطها بشيء تراثي من خلال لباسها أو شكلها العام، حيث إن الموضوع الأساسي عندي هي الأنثى وأحاول اختيارها من المحيط».
وأفاد حنا أن: «المكان جميل وتاريخي ويحمل شيئاً من التراث ويجمعنا مع رفاقنا الفنانين، هي فائدة جميلة وفيها احتكاك مع الناس لنتبادل الخبرات ونحتك معهم مباشرة من خلال أسئلة وحوارات».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن