رياضة

العروس السمراء تختار عريسها القديم.. ولقب مستحق … المحاربون توجوا بالدفاع والمدرب الوطني

| خالد عرنوس

عمت الأفراح أنحاء الوطن العربي برمته عقب ليلة كروية عصيبة عاشتها جماهير أبناء لغة الضاد وانتهت بزفة مصرية على أرض ملعب القاهرة للكأس السمراء إلى عريسها الجزائري الفائز على نظيره السنغالي بهدف للاشيء أمام ناظر أكثر من 70 ألف متفرج أموا الملعب الدولي مبكراً لمتابعة النهائي الأخضر ومعظمهم لمؤازرة محاربي الصحراء الباحثين عن لقب ثان بتاريخهم ونجحوا في رسم البسمة على وجوه قرابة 200 مليون عربي وإن لم تأت المواجهة مع أسود التيرانغا بالصورة المثالية التي عرفها المتابعون عن نجوم المدرب جمال بلماضي في هذه البطولة التي امتدت لشهر كامل، إلا أن النهاية جاءت كما يحب رفاق رياض محرز فحملوا معهم ذكريات رائعة من رحلتهم المصرية الأطول، والأهم أنهم حملوا معهم الكأس الغالية ليستحقوا لقب أبطال القارة السمراء لعامين قادمين على الأقل.

نهائي شاق
كل التوقعات التي سبقت النهائي قالت: إن الفوز الجزائري السابق على نظيره السنغالي لن يشكل أي عامل مؤثر فالأمور المسبقة تلغى عملياً ويصبح اللقاء مواجهة جديدة كلياً بكل معطياتها وإحداثياتها، إلا أن 82 ثانية فقط أعقبت صافرة البداية من الحكم الكاميروني نيانت أليوم كانت كافية لتغيير كل الأمور ففي تلك الثانية اهتزت الشباك للمرة الأولى بتسديدة بغداد بونجاح التي حولتها قدم ساليف ساني إلى حيث لم يستطع الحارس غوميز متابعتها إلا بنظره وهي تسكن المقص الأيسر لمرماه.
الهدف المبكر قلب التوقعات رأساً على عقب فأرخى بظلاله على الفريقين وأدى إلى تراجع مبكر لرفاق مبولحي نحو الدفاع أمام محاولات ساديو ماني وزملائه وطال الأمر طوال الشوط الأول الذي انتهى بالهدف وسط صمود بطولي للدفاع الجزائري الذي أثبت أنه بالموعد ولم يختلف الوضع كثيراً في الثاني مع بعض محاولات الرد الخجولة من محرز حتى إن الركلة الركنية الأولى للجزائر جاءت بعد 72 دقيقة وقبلها بثلاث دقائق نجح مبولحي في أصعب اختبار بتصديه للكرة الأصعب من تسديدة سابالي وعدا ذلك فقد نجح لاعبو بلماضي في الشق الدفاعي الذي آتى أكله في النهاية ولم تنفع محاولات السنغاليين ومهارات نجمهم الأعلى ماني في الوصول إلى عرين المحاربين الذين أنهوا المهمة بلقب ستبقى ذكرياته طويلاً في أذهان محبيهم.

لقب مستحق
توج المحاربون بالكأس للمرة الثانية بعد قرابة ثلاثة عقود ورغم الملاحظات على الأداء الهجومي في النهائي إلا أنه كان تتويجاً مستحقاً في النهاية وذلك قياساً على ما قدمه الفريق طوال البطولة حيث كان الهجوم الأفضل والدفاع الأقوى إلى جانب نظيره السنغالي في الشق الأخير، وكل ذلك يحسب للمدرب الوطني جمال بلماضي الذي جعل من المنتخب الأخضر والأبيض فريقاً مهاب الجانب وفريقاً متماسكاً لديه الكثير من الحلول والمهارات على كل الصعد.

من مبولحي الحارس المخضرم إلى بونجاح مروراً بمحرز وبلايلي وبن ناصر وبلعمري وكل الفريق أساسيين واحتياطيين أثبت أن خيارات المدرب الطموح والشاب (43 عاماً) كانت مثالية مؤكداً وجهة نظره في إعادة بعض اللاعبين كالمخضرم عدلان قديورة (33 سنة) وإبعاد آخرين مثلما حدث مع حارس بلقبلة على خلفية فيديو فاضح تم تداوله على مواقع التواصل وذلك لفرض نظام صارم وسط معسكر المنتخب قبل أيام قليلة من البطولة ولم يأبه بلماضي لمطالب رئيس الاتحاد الجزائري بالتمهل فأبلغ مدير المنتخب بقراره مقدماً صورة من الانضباط المطلوب فشاهدنا فريقاً متكامل العناصر ولا يقلل ذلك من أهمية اللاعبين الاحتياطيين الذين اعتمد عليهم في بعض المباريات وكانوا عند حسن الظن، ولا ننسى أهمية المعسكر الذي اختار بلماضي الدوحة مقراً له استعداداً للبطولة فكان مثالياً من حيث الأجواء المشابه لطقس مصر والإمكانات التي وفرت كرمى لعيون المدرب المحبوب هناك.
وجه الخير
يعتبر جمال بلماضي المدرب المولود جنوب فرنسا لأبوين جزائريين وجه السعد للمنتخب الجزائري وهو الذي قاد من قبل منتخب قطر إلى التتويج بكأس الخليج وكأس غرب آسيا ويعد أحد أبرز المدربين الصاعدين من حيث الفكر الخلاق الذي ظهر من خلال عمله مع العنابي وحتى مع ناديي لخوية والدحيل القطريين، فمنذ اتجاهه إلى التدريب توج ببطولة الدوري القطري مرتين 2010/2011 و2011/2012 ثم توج بخمسة ألقاب محلية مع الدحيل بين 2015/2018 أي إنه صاحب فكر تدريبي متطور ويعرف من أين تؤكل الكتف، وعندما استدعي للإشراف على منتخب بلاده قبل المهمة من دون تردد واعداً بشيء جديد.
وبالفعل بعد أقل من أحد عشر شهراً وصل القمة من خلال البطولة الإفريقية التي بلغها متصدراً لمجموعته برصيد 11 نقطة وبخسارة يتيمة كانت الوحيدة لجمال مع المحاربين، وهاهو يقدم نتائج مثالية متخطياً جيل التسعينيات المتوج باللقب الأول الذي سجل خمسة انتصارات يومها، فقد حقق الفريق الحالي 6 انتصارات وتعادل في نسخة 2019 ليصل بلماضي إلى 16 مباراة مع المنتخب فاز بـ11 منها وتعادل بأربع وبنسبة فوز بلغت 68.8% والأهم أنه حقق اللقب الذي طال انتظاره.
أرقام وأرقام
بغض النظر عن أرقام النهائي التي مالت كل الميل نحو المنتخب السنغالي عدا الأهداف لا شك أن الأرقام بالمجمل أنصفت البطل الجديد الذي أصبح ثاني منتخب يتوج باللقب مرتين بعد الكونغو الديمقراطية وساحل العاج وأول فريق عربي يتوج باللقب مرتين عدا المصري، ففي النهائي كانت الكفة لأسود التيرانغا الذين سيطروا على اللعب بنسبة 57% وسددوا 13 مرة نحو مرمى مبولحي بينها 3 مرات في الإطار مقابل تسديدة واحدة فقط ومنها سجل بونجاح هدف التتويج.
وبالعودة إلى أرقام البطل نجد أنه كان الأكثر استحواذاً على الكرة في خمس من سبع مباريات خاضها في البطولة ولم يخسر من هذه الناحية سوى أمام غينيا في النهائي وحتى أمام السنغال بالدور الأول كان الأكثر سيطرة على اللعب رغم أن لاعبي الأخير سددوا أكثر قليلاً يومها، وبالمجمل فإن المحاربين سددوا 85 مرة في المباريات السبع نحو مرمى المنافسين ومنها 26 مرة بين الأخشاب أي إنهم سجلوا من نصف فرصهم الحقيقية.
بالمقابل سدد المنافسون 77 مرة (20 بين الأخشاب) نحو مرمى مبولحي الذي تلقى هدفين فقط أحدهما من علامة الجزاء، وارتكب الجزائريون 165 خطأً في البطولة وهي نسبة عالية تدل على اللعب الرجولي للفريق مقابل 142 خطأً بحقهم ونال الفريق بالعموم 14 بطاقة صفراء منها 4 في النهائي.

أصحاب الإنجاز
شارك في البطولة 21 لاعباً ووحدهما الحارسان الاحتياطيان عزالدين خوجة وألكسندر أوكيجا لم يشاركا، ووحده رايس مبولحي ابن الثالثة والثلاثين شارك بكل الدقائق، واعتمد المدرب على خط دفاع مؤلف من رامي بن سبعيني (560 دقيقة خلال 6 مباريات في البطولة) وجمال بن العمري (6 مباريات 570 دقيقة) وعيسى ماندي (570 دقيقة، 6 مباريات) ويوسف عطال (4 مباريات، 300 دقيقة) والذي خرج مصاباً ليحل مكانه مهدي زفان (360 دقيقة، 4 مباريات)، وشارك أيضاً في بعض الأوقات محمد فارس ومهدي عبيد ورفيق حليش وهاشم بديوي ومهدي تاهرت, وفي خط الوسط اعتمد على عدلان قديورة (576 دقيقة، 7 مباريات) ورياض محرز (552 دقيقة، 7 مباريات، 3 أهداف) وسفيان فيغولي (565 دقيقة، 6 مباريات، هدفان) واسماعيل بن ناصر (627 دقيقة، 7 مباريات) والبدلاء آدم وناس (121 دقيقة، 3 مباريات، 3 أهداف) هاشم بديوي وياسين براهيمي، وفي الهجوم بغداد بونجاح (523 دقيقة، 7 مباريات، هدفان) وبديله إسلام سليماني (133 دقيقة، 3 مباريات، هدفان) ودخل ديلور بديلاً وظهر في 109 دقائق خلال 5 مباريات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن