ثقافة وفن

بانتظار العودة إلى سورية… وهذا اللقاء متشوقة له … عبير نعمة لـ «الوطـن»: أنا إنسانة دقيقة في عملي وحريصة على أن تُشبهني موسيقاي وأغانيّ

| سوسن صيداوي

في صوتها من الكُلّ.. كُل. فيه من الصلاة خشوع. فيه من الحب كلّ الحنين. فيه من سكون السلام طفولة يُهَدهد لها لتنام. فيه من الثقافة راعٍ لفصيح العربية، وفيه من نُطق اللغات موهبة اكتسبها الصوت بتراكم جهد مبذول دام لسنوات. وأخيراً… في صوتها من العبير عبق يُحضِر الذاكرة من عتبات النسيان، صارخاً.. شامخاً.. مناجياً نحو السموات. إنها المغنية اللبنانية عبير نعمة، في مشوارها الفني حملت بصوتها قضية الثقافة الموسيقية، لتغرّد خارج السرب، متفردة ومتميزة في الانتقاء والتقديم، ليست مهتمة بالكمية بقدر ما يُهمها النوعية المغناة في ألبوماتها، وهذا مردّه بأنها باحثة موسيقية، الأمر الأخير الذي مكّنها من غناء جميع الأنماط الموسيقية، وهي المغنية العربية الوحيدة التي تستطيع الغناء بأكثر من 25 لغة قدّمتها في موسمين من وثائقي «موسيقا الشعوب» الذي عُرض على قناة الميادين وقدّمت فيه أصول ونشأة الموسيقا من جميع البلدان التي زارتها والتقاليد والفنون الموجودة وارتباطها الوثيق مع موسيقا الشعوب. مؤخراً سمعنا لها أغنيات لاقت رواجا كبيرا واحتلت المراتب الأولى في سباق الأغنيات اللبنانية والعربية مثل: وينك، تلفنتلك. ونحن بانتظار المزيد من الأخبار عن المغنية اللبنانية عبير نعمة، أخبرتنا عنها في حوار«الوطـن» معها. نترككم مع مزيد من التفاصيل:

مؤخرا كانت الأصداء جدّ رائعة ومميزة بحفلك في كازينو لبنان… وجاء للحضور جمهور من معظم الدول العربية… ما تعقيبك؟
في الحقيقة، إنّ أكثر ما يشعر الفنان بالغبطة والسرور، هو ملاقاته لجمهوره القادم كي يشاهد حفله من عدة دول، سواء أكانت قريبة ومجاورة مثل سورية والأردن أم من دول عربية بعيدة. ومن جهة ثانية الأمر الأجمل أنّ هذا الجمهور المتنوع قد اجتمع باسم الموسيقا والمحبة، وحضر بحماس كبير، وتابعني خلال برنامج الحفل بكل حب، وهذا أمر أفتخر به كثيرا.

بعد نجاح أغنية «وينك» كلمات الشاعر جرمانوس جرمانوس وألحان مروان خوري.. السؤال:هل من الممكن أن تشاركي الفنان مروان خوري بديو غنائي؟
في الحقيقة لقد استقطبت أغنية«وينك» ضجة كبيرة وجمهوراً أحبها وحفظها واستمع إليها، حتى إنها تقدمت إلى المراتب الأولى في سباق الأغنيات العربية واللبنانية. وبالطبع هذا فضله يعود إلى كل من:الشاعر جرمانوس جرمانوس ولحن الفنان الشامل مروان خوري، والتوزيع لهادي شرارة. أما بخصوص التعاون وبالتحديد مع مروان خوري-على صعيد التلحين- فهنا أحب أن ألفت إلى أنّ هذا التعاون كان جميلاً جداً، وأنا كنت مصرّة عليه وبانتظاره منذ وقت طويل، وأتمنى أن يجمعنا تعاون آخر في أغان جديدة. وحول اجتماعنا في ديو غنائي جوابي: ولا مرة فكرنا أنا وخوري بهذا الأمر، على الرغم من أنني أرحب بالفكرة، لكون مروان ملحناً وكاتباً جميلاً ولديه موهبة خاصة ومميزة، هذا عدا عن فنه الرائع وصوته الكبير.

ألبوم «غنّي قليلاً» الأخير ضم 12 أغنية، وكنت صرّحت سابقاً بأنّ هناك 12 أغنية أخرى… ما مصيرها؟
العمل على ألبوم «غنّي قليلاً» ليس وليد فترة قريبة، بل استغرق وقتاً طويلاً وتسجيل الأغاني في الأستديو استمر لسنوات. وعلى الأكيد هناك اثنتا عشرة أغنية تمّ تسجيلها وسيتم إصدارها في العام القادم. وهنا أحب أن أشير إلى نقطة تتعلق بألبومي «غني قليلاً»، فأنا سعيدة جداً لما عبّر عنه الجمهور وما أشاد به النقاد حوله لأن أعماله خاصة جداً، وهي لا تشبه أي أعمال عربية موجودة على الساحة العربية.

أنت فنانة تعتبر نفسها إن صح التعبير «مُتعبة في التعامل الموسيقي» بمعنى أنك تدققين على أصغر التفاصيل.. اشرحي لنا كيف يتم إقناعك بالنهاية؟
«تجيب ضاحكة» أنا لست مُتعبة بالمعنى السلبي للموضوع. أحب هنا أن أوضح أمراً هو من طبيعتي الشخصيّة، فأنا إنسانة حساسة جداً، وأحرص دائماً على ألا أُزعج أو أُحزن أي شخص مني سواء بالقول أم بالفعل، وبالمقابل فإن حرصي ينعكس عليّ بشكل سلبي، وبالنتيجة أنا أكون الشخص الحزين أو المزعوج من المواقف أو حتى في متابعة بعض الأمور، هذا من جهة ومن جهة أخرى أنا إنسانة دقيقة جدا في عملي، وحريصة على الموسيقا وعلى الأعمال وكل الأغاني، بأن تكون مشابهة لي ومتكافئة مع طموحي الذي أرغب في أن يصل للناس، ومن ثم هذا الأمر ليس بالسهل، بل يتطلب مني الكثير من الجهد والمتابعة والتدقيق، كي أوصل أفكاري للأشخاص الذين أعمل معهم بالشكل الصحيح. وأيضاً أضيف نقطة بأنني في كثير من الأحيان أتمسّك بإصراري على بعض الأمور، وفي النهاية يجد كل من يتعامل معي بأنني كنت محقة، لهذا أجد نفسي إنسانة مُتعبة بالمعنى الإيجابي.

كباحثة موسيقية كيف يمكننا استغلال الموسيقا في التربية وإعداد الأجيال وخاصة في هذا الوقت الصعب على المنطقة العربية؟
في الحقيقة إنّ المنطقة بعالمنا العربي، تمرّ كلّها بفترة صعبة سياسياً، ومنها من خاضت الحروب لسنوات كثيرة، وبقدر ما تكون هذه الحروب طاحنة للحجر، بقدر ما هي مدمرة للإنسان. ومن ثم الأجيال التي خُلقت في زمن هذه الحروب، على الأكيد عاشت ونمت في زمن يملؤه التوتر والأوجاع والمآسي من قهر الظلمة، وهذه الأجيال لديها الكثير من الأسئلة والاستفسارات التي لا يمكن أن تجد أجوبة لها. وفي رأيي إنّ المعركة طويلة والتحدي كبير كي نتمكن من تعويض هذه الأجيال عما فقدته خلال السنوات الماضية وحتى في الفترة الحالية التي نعيشها، وكلنا نتفق على أنّ الموسيقا من أرقى العلوم بل هي الأكثر تأثيراً بالإنسان، وعندما يكون الفن راقياً سيكون بشكل أو بآخر كالعلاج للروح والفكر والمشاعر. إذاً من خلال الموسيقا وغيرها من الفنون والآداب يمكننا الاهتمام بالإنسان ورعايته وتغييره إيجابياً، ولكن هذا يحتاج وقتاً وأعتقد بأن الطريق طويل، ولكنه ليس مستحيلاً.

أين الطفل العربي من موسيقاكِ واهتمامك الغنائي؟
هذا سؤال جميل جداً وهو مهم، فمن الضروري أن نعمل على مشروع موسيقي يتوجه للأطفال، فالفكرة رائعة وسأعمل على هذا المشروع.

ما مقومات الصوت الذي يُلهم ويثير شغب عبير الموسيقي؟
هناك الكثير من الأصوات العالمية التي تؤثر فيّ وأتابعها. وللأمانة أنا لا يهمني بأن يكون للصوت مساحة كبيرة أو صغيرة، بل كل ما يهمني هو الإحساس، حتى ولو كانت مساحة الصوت صغيرة، بمعنى هناك الكثير من الأصوات غير القوية إلا أنها قادرة على أن تقدّم أغاني خاصة وبشكل فريد، معبرة عن شخصيتها ومن دون أن تقلّد أصواتاً أخرى- وكأنّ لهذا المغني مدرسته الخاصة بالأداء والغناء-فهذه الأصوات على التحديد تشدّني وتحرك فيّ مشاعر عالية، وللتوضيح أكثر أشيرإلى أنّ هناك الكثير من المغنين الذين يمتلكون خامات صوتية قوية، وعند الأداء يغنون بشكل آلي، بمعنى أنّ صوتهم فيه الكثير من الاستعراض-استعراض من دون إحساس-هذه الأصوات أصفق لها كثيرا ولكنها لا تؤثر فيّ.

لمن تحلمين بأن تقدمي لحنا؟.
لم أفكر أبدا بمن أحلم أن أقدم له لحناً، على حين ما أفكر به أو أحلم بمن سيغني صوتي من ألحانه. ولكن ومن بعد هذا السؤال سأفكر في الموضوع.

أنت فنانة قادرة على الغناء بحوالي سبع وعشرين لغة وبألوان موسيقية مختلفة من كل العالم، هذا التفرّد والاختلاف كم يأخذ منك طاقة أو جهداً في المتابعة من أجل النجاح في التقديم؟
في الحقيقة اكتسبت هذا الأمر وتمكنّت من الغناء بلغات متعددة، بسبب التراكم الذي قدَمته السلسلة الوثائقية «موسيقا الشعوب» الذي عُرض على قناة «الميادين» التلفزيونية، وهذا الرصيد جاء من رحلة عمل دامت خمس سنوات، تطلّبت جهدا ومتابعة كبيرين، ولكن مضت السنوات الخمس وكل التعب بسلاسة كبيرة بسبب الشغف الكبير الذي جعلني في كل مرحلة أتقدم أكثر في هذا المجال. وبالعموم هذه الأنماط أو هذا التعدد لتقديم لغات مع الموسيقات المتنوعة، لا يمكن أن أقدمه بشكل يومي أو أسبوعي، بل أقدمه عبر حفلات خاصة بمناسبات ثقافية معينة، فأنا اللغة الأساسية التي أغني بها هي اللغة العربية، وبصراحة أنا أحلم بأن أقدم مشروعاً موسيقياً متكاملاً يحمل كل لغات العالم، وإن شاء اللـه في يوم من الأيام فسأتمكن من تنفيذه بشكل مسرحي أو من خلال إطلاق سيديه.

حدثينا عن مشاريعك المستقبلية؟
قريبا سيصدر ألبوم يضم الأغاني المنفردة التي أطلقتها وهي: وينك، تلفنتلك، وددعت الليل، يا ترى، وغيرها من الأغنيات، إضافة إلى الأغنية الجديدة التي ستصدر في الأسابيع القادمة. وبالنسبة للحفلات والمهرجانات سأشارك في مهرجان جرش في الأردن، وفي مهرجان الموسيقا الكلاسيكية في الإمارات، وأيضاً سأشارك في حفل في كل من البحرين ومصر.

أخيرا… بحسب مصادر خاصة.. في الصيف الحالي ستقفين على مسرح الأوبرا بدار الأسد ومسرح القلعة في دمشق… هل المصادر أصابت؟
أنا بانتظار العودة إلى سورية وهذا اللقاء أنا متشوقة له منذ سنوات طويلة، ولكنني حتى اللحظة لا أستطيع أن أؤكد على أي مسرح سأغني، ولكن من المقرر أن يكون في هذا الصيف حفل كبير في الشام، وهناك حفل آخر وعلى الأغلب -إن تمّ الاتفاق- سيكون في حلب. وفي الختام… على الأكيد أنا قادمة، وأنا متشوقة للقاء الجمهور السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن