ثقافة وفن

شبكة الآغا خان ومؤسستها الثقافية والتراث الإنساني … د. علي إسماعيل لـ«الوطن»: المؤسسة تتتبع تنفيذ المشاريع بدقة عالية منعاً لحدوث أي خطأ

| الوطن

تفتتح مؤسسة آغا خان الثقافية سوق السقطية بمدينة حلب القديمة قريباً وذلك بعد ترميمها وإعادة تأهيلها حفاظاً علي التراث الإنساني المسجل عالمياً وفي هذه المناسبة كان الحديث مع الدكتور علي إسماعيل.

نشطت شبكة الآغا خان في العناية بالتراث الإنساني والحضاري فما أهم المشروعات التي أنجزتها؟
تقوم مؤسسه الآغا خان للثقافة وهي الذراع التنفيذية لشبكة الآغا خان للتنمية ومنذ أكثر من ربع قرن في ترجمة رؤية سمو الآغا خان في الحفاظ على الصروح التراثية الحضارية في أكثر من 37 بلداً في العالم ومنها سورية حيث بدأ التعاون في هذا المجال مع المديرية العامة للآثار والمتاحف منذ العام 2000 لترميم ثلاث قلاع مهمة هي صلاح الدين في اللاذقية ومصياف وحلب، ولتطوير مشروع محيط قلعة حلب والأحياء التاريخية المحيطة بها إضافة إلى ترميم عدد من البيوت التاريخية المهمة في مدينه دمشق القديمة واستمر التعاون في هذا المجال حتى يومنا هذا.

يلاحظ المتابع نشاط المؤسسة في البلدان منصبّاً على الجوانب الحضارية، ما السبب؟
يأتي نشاط مؤسسة الآغا خان للثقافة مكملاً لشقيقاتها التي تعنى في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية حيث يشكل التكامل بين هذه المؤسسات رافعة مهمة لتحسين مستوى معيشة المستفيدين من المشاريع المختلفة، وتلعب الجوانب الحضارية دوراً مهماً كحامل أساسي للنهضة الإنسانية المعززة بالحوار البنّاء بين مختلف الأطياف.

ما الأسس التي يتم على أساسها اختيار المشروعات؟
تتنوع الأسس في تصنيفها ولكن على اختلافها فإنها تركز على مقدار الفائدة التي يمكن تعميمها من خلال هذه المشاريع على أكبر شريحة من المستفيدين خلال أقصر زمن ممكن مع تأمين أسباب الاستدامة لأطول فتره ممكنة. وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تمكين المستفيدين من تطوير الأدوات التي تسمح لهم بالمساهمة أولاً ومن ثم بإدارة هذه المشاريع لاحقاً بعد التمكن من فهم كينوناتها المختلفة.

المؤسسة غير ربحية ولا غايات سياسية لها كما هو معلن، ما الدوافع لإنجاز هذه المشروعات؟
تتمحور الدوافع الأساسية في ترجمة رؤية صاحب السمو الآغا خان حول ضرورة مساعدة المحتاجين في جميع مناطق عمل المؤسسات التابعة لشبكة الآغا خان من دون تفريق والتأكيد على زرع الأمل من خلال نماذج عملية يمكن الاستفادة منها وتطبيقها ضمن محددات البيئة المحلية.

يلاحظ أن المؤسسة لا تدخل في مشروعات مشتركة وتنجز ما تريد برؤيتها، ما الفائدة؟
قد يكون هذا الكلام صحيحاً في البداية وخصوصاً عندما يكون الحديث عن مشروع يطرح لأول مرة ولا سابقة له، ففي هذه الحال تفضل المؤسسة أن تقوم بتحمل المخاطر المتوقعة كافة وذلك لضمان تنفيذ المشروع بأعلى المعايير الممكنة وضمن منهجية واضحة وموثقة من شأنها أن تسمح فيما بعد بتوسيع تطبيق هذه التجربة الناجحة لشريحة أوسع من المستفيدين ومع شركاء عديدين.

تعتمد المؤسسة على كوادر محلية من كل بلد، ما السبب؟
أثبتت هذه المنهجية خلال سنين عديدة قدرتها على بناء الكوادر اللازمة لاستدامة عمل المشاريع الرائدة ضمن أصعب الظروف وفي مختلف البلدان التي تعمل فيها المؤسسة، ومن شأن استدامة عمل هذه المشاريع أن تعود بفائدة أكبر على شريحة أوسع بكثير من المستفيدين ولفترة زمنية أطول.

ما أهم المنهجيات التي تعتمدها المؤسسة في الإنجاز وما بعد الإنجاز؟
تركز المنهجية المعتمدة في عمل المؤسسة على إعطاء الوقت الكافي لفهم طبيعة المشكلة التي تواجهها من خلال جمع أكبر قدر ممكن من البيانات والمشاهدات والإحصاءات وذلك لرسم صورة أقرب ما تكون إلى الواقع وهو ما يسمح للمختصين والخبراء بالتحليل الواقعي للتحديات الأساسية ومن ثم البدء بوضع العناوين العريضة والهيكليات التأسيسية للمشاريع التي تخاطب الاحتياجات حسب أولوياتها وضمن الإمكانات المتاحة وبما يضمن التكامل بين بقية أنشطة المؤسسات التابعة للشبكة لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة المرجوة.
وتركز المؤسسة أيضاً على تتبع التنفيذ بمراحله المختلفة بدقة عالية منعاً لحدوث أي خطأ، وكل هذا يجري في سياق نقل الخبرات بين الاستشاريين الدوليين والمستفيدين المحليين لضمان بناء القدرات المحلية التي ستستلم بعد فترة، من الزمن زمام المبادرة لإدارة هذه المشاريع.
وتركز المؤسسة أيضاً على الاستفادة من النتائج النهائية للمشاريع من خلال توثيق هذه التجربة بمختلف الأدوات بما يسمح بالاستفادة لاحقاً بتطبيق أسرع وأعم وأشمل وأقل كلفة ومن دون أخطاء.

ما الأسس التي يتم اعتمادها في اختيار الأثر الإنساني والثقافي لإظهاره؟
أولها قدرة هذا المشروع على التأثير إيجاباً لتحسين حياة المجتمع المحيط به ومن ثم سهولة نقل الخبرات العالمية للكوادر المحلية وإلى أي مدى زمني سيستمر التأثير الإيجابي للمشروع وهل هو مستدام بالإمكانات المحلية أم لا؟

ما الخبرة التراكمية التي استطاعت المؤسسة الثقافية أن تمتلكها لنجعلها أسلوب عمل؟
الخبرة هي نتاج عمل تشاركي بين كل المعنيين من خبراء دوليين ومحليين والمجتمع المستفيد وصولاً إلى الجهات المعنية، حيث تشكل الدروس المستفادة لكل مشروع منهجية موثقة تصلح قاعدة لبناء أفكار المشروع اللاحق، أي بمعنى آخر كل فكرة أو خبرة أو تعليق من الأهمية بمكان للمؤسسة حيث يتم حفظه وتوثيقه بما يستحق من اهتمام.

ما أهم المواقع وتوزعها على الجغرافيا السورية؟
تنوعت مواقع عمل المؤسسة الثقافية لشبكة الآغا خان للتنمية في سورية لتشمل أقدم مدينتين مأهولتين في العالم هما حلب القديمة ودمشق القديمة إضافة إلى قلعة مصياف المهمة وقلعة صلاح الدين في ريف اللاذقية.

لا يدرك الإنسان أهمية ما يجري إحياؤه، أليس من الضروري أن يطّلع الناس على هذه الأعمال؟
نوافقكم تماماً على أهمية هذا الطرح ولكننا نفضل دائماً أن يكتمل إنجاز المشروع أولاً قبل الحديث عنه لأن من شأن هذا الأمر أن يعزز الأمل لدى الناس وهم يرون ويلمسون ويستفيدون من المشروع بصورة مباشرة وفورية وبذلك يكون الأثر أعمق والمعرفة بالمشروع وظروف نجاحه أعم وأشمل.

لماذا سوق السقطية تحديداً؟
لأنه جزء مهم من أسواق المدينة جغرافياً واجتماعياً واقتصادياً وتراثياً ومعمارياً ونسبة الدمار فيه أقل من سواه وهو جزء من الموقع المسجل على لائحة التراث العالمي الذي نعنى به.

ما الخطوات التمهيدية قبل المباشرة بالعمل؟
الاستفادة من المسوحات التفصيلية للأضرار التي قامت بها المؤسسة كمشروع مميز على مستوى العالم، وتدريب وتأهيل الكوادر المحلية للعمل في المشروع خلال أقل من 4 شهور.

ما الخطوة التالية بعد افتتاح السوق؟
الخطوة التالية هي في مرمى الجهات المهتمة بالمشاركة بالحفاظ على أسواق المدينة القديمة، فنحن قدمنا ما لدينا وننتظر ما لدى الآخرين لنستكمله، علماً بأن جميع الخطط للمراحل المستقبلية قد استكملت من المؤسسة.

ما الأشياء التي تأتي خارج التوقع فيما أُنجز؟
توقعنا أن ندخل دوامة روتين الدوائر الرسمية، ولكن فوجئنا بمدى حماسهم وحبهم للمشاركة في المشروع وهو ما لم نكن نتوقعه صراحة وهو أحد أسباب إنجاز العمل بفترة قياسية.

لماذا لم يعرف الناس ما فعلتم قبل الافتتاح؟
أسباب كثيرة، أهمها سياسة المؤسسة في جعل أعمالها تتكلم نيابة عنها، لكن ما فوجئنا به لدى العديدين هو إظهار الفخر بالمشروع ولو على حساب دور المؤسسة فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن