رياضة

بعد الصفقات الخيالية.. إلى أين يسير الدوري الممتاز؟ المال وحده لا يصنع بطولة فهل نملك مقوماتها؟

| ناصر النجار

موسم كروي قادم مثير وخطير بآن معاً، له العديد من الإيجابيات وله الكثير من السلبيات، ومن المنطقي أن تكون قيادة الدوري هذا الموسم صعبة نظراً للتطورات المالية التي طرأت على العديد من الأندية، ولدخول الشركات الراعية الكبيرة، فمن وجهة نظر أولى، فإن الأندية الكبيرة التي دفعت عشرات الملايين لن تقبل الهزيمة بالسهولة المتوقعة، وطوفان الجماهير التي باتت تتغنى بالمال وأسماء اللاعبين لن ترضى بالهزائم ولا بخسارة البطولة، فإلى أين سيسير الدوري الممتاز في موسمه الجديد؟

احتراف منقوص
الاحتراف الكروي ما زال منقوصاً في كرتنا لأنه يعتمد المال كأساس للعملية الاحترافية، ورغم أن المال عصب كرة القدم، إلا أن وجوده لا يكفي إن لم يترافق بعقلية كروية محترفة، تبني كرتها وفق الأصول المتبعة، والشيء الجيد والجديد أن بعض الأندية وجدت الرعاة المناسبين، لكن السؤال المطروح: هل الرعاة مهمتهم دفع مال عقود اللاعبين وأجورهم ومستلزمات الدوري ونفقاته، وما آلية هذه العقود؟
نحن لا نتدخل في التفاصيل لأنها غير معلومة أصلاً، ونأمل أن تكون الإدارات واعية لهذه الرعايات قبل أن تفرح بأموالها، ومن المحاذير التي يمكن أن نخشى حدوثها مستقبلاً عند تغيير الإدارات (والانتخابات على الأبواب) فهل يغير رأي الشركة الراعية برعايتها، وخصوصاً إذا جاءت إدارة لا ترغب فيها؟ والشيء الآخر: لو أن أي شركة من الشركات الراعية انسحبت منتصف الموسم من الرعاية لأي سبب كان، فمن سيفي بالتزام الأندية تجاه اللاعبين والكوادر والدوري؟
نحن مع الرعاية ونتمنى أن يكون لدى كل ناد شركة راعية وداعمة أسوة بما يجري في العالم بعقد يراعي مصالح الأندية ومصالح الشركات الراعية على حد سواء، وبهذه المناسبة نتقدم بشكرنا لكل هذه الشركات الوطنية التي تدعم كرتنا على أمل الفائدة الكاملة التي تعود بالنفع على أنديتنا وكرتنا.
توزيع وأهداف
بغض النظر عن مكانة النادي وتاريخه وعراقته، فإن المال المتدفق على الدوري الممتاز وزع الأندية على طوابق متعددة، الطابق الأول تجلس فيه الأندية التي حظيت برعايات دسمة وهي أندية: حطين وتشرين والاتحاد، الطابق الثاني يضم الأندية الغنية التي تملك استثمارات وداعمين كأندية الوحدة والوثبة والكرامة، والطابق الثالث للجيش والشرطة كناديين يتبعان لجهتين حكوميتين، قد لا تملكان من المال مثل غيرهما من الأندية لكنهما تملكان الاستقرار الإداري، والانتظام بمواعيد العقود والدفع والرواتب الشهرية.
الطابق الرابع يضم أندية: جبلة والساحل والنواعير والطليعة، وهذه الأندية استثماراتها متفاوتة من ناد لآخر ودوماً لديها داعمون ومحبون وهم متفاوتو العطاء من ناد لآخر.
الطابق الأخير: يضم الوافدين الجديدين على الدوري الفتوة والجزيرة اللذين حتى الآن صورتهما غير واضحة، والمال العقبة الرئيسية التي قد تمنع وصولهما إلى درجة المشاركة من دون عناء.
الأندية حسب طوابقها عليها أن تعلن أهدافها من المشاركة بالدوري الممتاز، وكل فريق له الحق باختيار الهدف الذي يلائم إمكانياته وأوضاعه، فمن يضع هدفه البطولة والمنافسة، فلابد من وضع الإجراءات التي تضمن له تحقيق هذا الهدف، ومن كان هدفه إثبات الذات والإقلاع نحو مراكز أفضل من مركز الموسم الماضي فعليه أن يجتهد ليحقق ذلك، ومن كان هدفه البقاء في الدوري فعليه أيضاً أن يسعى لذلك.
كل هدف له مقوماته ولابد من اتخاذ الخطوات الصحيحة التي تكفل تحقيقه، فكيف ستصل الأندية إلى تحقيق هذه الأهداف؟

الفكر الاحترافي
الكثير من خبراء الكرة يعتقدون أن المال لا يصنع وحده بطولة، والبطولة لها مقومات كثيرة تبدأ بالاستقرار الإداري والاستقرار الفني إلى ما هنالك من عوامل مختلفة منها انضباطية ومنها فنية.
ومهما تعددت الأهداف فإن الطريق واحد، والهدف الأسمى يجب أن يصب في عملية تطوير الكرة أولاً وأخيراً، وبعدها يكون الحصاد مثمراً.

أولى الخطوات هي استقرار العمل الإداري، فمهما تعددت الإدارات فالمفترض أن تأتي الإدارة الجديدة لتتابع عمل من سبقها، ولا ضير في إضافة بعض الرتوشات الإيجابية على العمل دون أن ينسفه من الأصل.
اليوم تم اختيار المدربين براحة تامة وبقناعة مطلقة بإمكانية المدرب القادر على تحقيق الهدف المنشود.

الخطأ الأول المرتكب هو التغيير المبكر للمدرب عند أول زلة، وعلينا أن نفهم من الآن ونعي أن بطل الدوري لن ينال بطولته بسجل خال من الهزائم والتعادلات، لذلك لابد من الصبر على المدرب ما دام اختيارنا له كان صحيحاً وسليماً.
والفكرة الثانية في الموضوع أن أي فريق يخفق في تحقيق اللقب يمكن أن يناله بعد موسم أو موسمين إذا كانت خطواته سليمة، فقد يكون الموسم الأول للبناء وتحقيق الانسجام، وتأتي المواسم التالية لقطف ثمار الجهد والعمل.
ولنا في ذلك مثال وهو فريق تشرين، في المواسم الأخيرة السابقة كان منافساً على اللقب وقريباً منه، لكنه أخفق بنيله رغم أنه كان يملك تشكيلة من اللاعبين قادرة على تحقيق اللقب، والسبب في ذلك أنه كان يخطئ في كل موسم الخطأ ذاته، وهو كثرة تغيير وتبديل المدربين، فانعدام التوازن الفني يؤدي بالضرورة إلى اضطراب في توازن الفريق الذي يؤدي إلى عثرات في بعض المباريات تفقد الفريق آماله وأحلامه.
لذلك من الضروري الصبر على المدرب ليقدم ما عنده بهدوء وروية، وكل مدرب يعيش تحت الضغط لا يمكنه تقديم العمل الفني المطلوب.
الخطأ الثاني المرتكب في الكثير من الأندية تغيير اللاعبين بصورة دائمة ما يضطر المدرب إلى إعادة بناء الفريق من جديد وإيجاد التوازن المفترض وتحقيق الانسجام المطلوب، وهذا الأمر بحاجة إلى علاج جذري.
الخطأ الثالث: إهمال القواعد والفئات العمرية بشكل مقصود، والملاحظ أن كل الأندية تدفع لفريق الرجال ميزانيتها الكاملة وتضطر للاستدانة من المحبين وطلب المعونة من اتحاد الكرة والمكتب التنفيذي لاستكمال الموسم. العناية بالقواعد مطلب ضروري لكل الأندية، فكلما كانت القواعد جيدة وبناؤها سليماً وصحيحاً، كانت بنية الكرة في النادي قوية ومتينة، ولاشك أن هذه القواعد ستفرز للنادي العديد من المواهب والخامات التي سترفد الرجال موسماً بعد آخر بلاعبين جيدين قد يكونون أفضل من المحترفين الوافدين، فضلاً عن ذلك فإن الفائض من هؤلاء اللاعبين يمكن بيعهم للأندية الأخرى بعمليات استثمارية تحتاجها كل أنديتنا.
لا نريد الخوض في كيفية العناية بالقواعد، لكن نذكّر بضرورة اختيار المدربين المطورين الاختصاصيين، فكرة القدم باتت اختصاصاً ومدربو القواعد يجب اختيارهم بعناية تامة بعيداً من المجاملات والمحسوبيات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن