ثقافة وفن

عادت إلى الغناء بعد غياب طويل كرمى عيون دمشق … عفاف راضي.. اكتشفها بليغ حمدي وقدمها للجمهور أول مرة في حفل عبد الحليم حافظ

| وائل العدس- تصوير طارق السعدوني

بعد غياب لأكثر من ثماني سنوات عن الحفلات الغنائية، عادت المطربة المصرية الكبيرة عفاف راضي لتقف أمام الجمهور مجدداً كرمى عيون دمشق ومعرضها الحادي والستين في ثاني حفلات الفعاليات الثقافية والفنية المرافقة للمعرض برفقة فرقة «قصيد» بقيادة الموسيقار كمال سكيكر.
واختارت الفنانة القديرة 11 أغنية متنوعة مازالت عالقة في الأذهان لصاحبة الصوت الدافئ، فغنت «سلم سلم، هوا يا هوا، وحدي» كلمات محمد حمزة وألحان بليغ حمدي، وأيضاً «لمين يا قمر، يمكن» كلمات عبد الرحيم منصور وألحان بليغ حمدي، و«ابعد يا حب» كلمات مرسي جميل عزيز وألحان منير مراد، و«بتسأل، هو الطريق» كلمات سيد حجاب وألحان عمار الشريعي، و«غرب الجزيرة» كلمات وألحان الأخوين رحباني، و«فتن الذي» كلمات نور ثابت وألحان فؤاد عبد المجيد، و«يا وابور الساعة 12» كلمات سيد مرسي وألحان الأخوين رحباني.

راضي التي اختصرت الكلام بعبارات الشوق والمحبة لسورية وشعبها أكدت أنها كانت متشوقة للوقوف أمام الجمهور السوري العظيم والمتذوق للفن الأصيل، حيث شعرت بعد الانقطاع الطويل أنها تغني للمرة الأولى، وخاصة أنها تقف على مسرح عريق غنى على خشبته كبار وعمالقة الفن السوري والعربي، لتكون أول فنانة مصرية تغني على مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون.

منذ الصغر
تعتبر عفاف من أجمل الأصوات المصرية، وقد ولدت في المحلة الكبرى عام 1954 ثم أتت إلى القاهرة، وعملت في برامج الأطفال، ولمعت في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.
درست في الكونسيرفتوار وهي في العاشرة من عمرها، فدرست البيانو وحصلت على البكالوريوس بتقدير امتياز وهي في سن الثامنة عشرة، حيث حصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه من أكاديمية الفنون، ولها فيلم واحد فقط في السينما هو «مولد يا دنيا» 1976 وعملت في مسرحيات غنائية منها «الأرملة الطروب» و«آه يا غجر».

عفاف راضي وبليغ حمدي
تعد راضي من أبرز مطربي السبعينيات والثمانينيات في مصر، اكتشفها بليغ حمدي، وغنت معه كثيراً من الأغاني المستمرة حتى الآن.
أول مرة أستمع لصوتها عندما كانت تغني في برامج الهواة بالإذاعة والتلفزيون وكان عمرها 17 سنة وعندما كانت طالبة تدرس في الكونسيرفتوار.
وفي يوم قال الموسيقار: «هاتوا عفاف راضي حالاً»، وكانت في تلك الفترة تغني من خلال المعهد في حفلة بالجامعة الأميركية فحضر سكرتير بليغ حمدي وقال لماهر شقيق عفاف راضي: «الأستاذ بليغ عاوز عفاف الآن».. فأحضر شقيق عفاف أخته وذهب معها إلى منزل الموسيقار فرحب بها وطلب منها الغناء، فغنت موشحاً إضافة إلى بعض أغنيات فيروز، فقال بليغ: «كل يوم تكونين هنا الساعة الثامنة مساء»، وظل يدربها ثم قال: «سوف أقدمك للغناء في حفل أضواء المدينة وفي حفلة مع عبد الحليم حافظ، وسوف نغير اسمك إلى جميلة»، فرفضت وأصرت على اسمها.. فقال: «خلاص خليكي باسمك».
كتب الشاعر سيد مرسي أغنية «ردوا السلام» ولحنها بليغ حمدي وقدمها للجمهور لأول مرة في حفل عبد الحليم حافظ الذي أقيم عام 1970 في الإسكندرية، بل قاد الفرقة الموسيقية بنفسه، وكان عمر عفاف راضي وقتئذ 19 عاماً، وقدمت هذه الأغنية عفاف راضي للجمهور وبدأت الإذاعات تذيعها ولاقت الصدى الطيب وعمل بليغ معها عقد احتكار لصوت الفن لمدة 5 سنوات.
وكتب الشاعر عبد الرحيم منصور أغنية «تساهيل» ولحنها حمدي وغنتها راضي وصدرت في ألبوم من إنتاج صوت الفن عام 1971، وفي مسلسل إذاعي اسمه «لمن يسهر القمر» ومثل فيه بليغ حمدي مع عفاف راضي وعمر خورشيد وغنت فيه عفاف مجموعة من الأغنيات، وأذيع هذا المسلسل في الإذاعة خلال شهر رمضان عام 1974.
كما كتب الشاعر عبد الرحيم منصور 16 أغنية ولحن هذه الأغنيات بليغ حمدي ونذكر منها إضافة إلى ماذكرناه «أم الشهداء، الفرحة جاية، عشاق الليل، واقفة السمرة ليالي، المواويل، بالأحضان خدينا، ليالي المسا، قضينا الليالي، جرحتني عيونه السودة، عطاشى، ويمكن على بالي، المواني».

عفاف وفيروز
«أرجوك تهتموا بيها».. كان هذا أمر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل من أجل الاهتمام بالفنانة عفاف راضي التي كان عبد الناصر يرى فيها أنها بطبقتها الصوتية ستكون بديلاً من الفنانة اللبنانية فيروز.
إن الرئيس عبد الناصر أراد أن يشجع راضي كمنافسة لفيروز بعدما ملأ صوتها العالم العربي، ويقول هيكل في إحدى مقالاته: لفت جمال عبد الناصر نظري إلى صوت عفاف راضي، حيث قال لي «إنها موهبة، وصوتها فيه حاجة وعينة من فيروز، ولو أن أحداً اهتم بيها في الإذاعة، ووفروا ليها ملحنين كويسين، يمكن تصبح فيروز أخرى، فأرجوك تهتموا بيها».
مراحل صعبة

في أحد لقاءاتها الصحفية تحدثت عفاف راضي عن بعض مراحل حياتها فقالت: «مررت بالعديد من المراحل في حياتي «الصبا، الشباب، النضوج» والحمد لله أشعر بسعادة غامرة بها لا توصف عن كل هذه المراحل، وتقابلت مع العديد من الأشخاص والشخصيات سواء على المستوى الفني أم الإنساني، وأكثر الشخصيات التي تأثرت بها في حياتي هو والدي رحمة اللـه عليه، فكان له دور كبير في عملي وحياتي الخاصة، وأيضاً بليغ حمدي آثر فيّ للغاية كإنسانة وفنانة.
كما مرت بالعديد من اللحظات الصعبة في حياتها، وكان أشدها وجعاً هو رحيل أغلى الحبايب، وليس الموت فقط هو ما تعتبره فراقاً ولكن هناك مواقف تراها أكثر ألماً، وعن هذه المرحلة الصعبة قالت: «بالفعل مررت بأيام صعبة للغاية في حياتي وكان أصعبها هو فراق أشخاص عزيزين عليّ في حياتي، وأحدثها وفاة زوجي الدكتور كمال الدين عبدالرحيم، حيث كانت وفاته فاجعة أليمة عليّ، وأيضاً أصعب اللحظات كانت بفراق والدي ووالدتي اللذين كنت أعتبرهما العمود الأساسي لحياتي، وبرحيلهما فقدت روحي، وبالنسبة لي منذ صغري لا يهمنى حجم أي مشكلة أو أزمة أمر بها، ولكن كل ما يهمني أن أتخطاها، ولديّ يقين بأنه إذا مررت بمشكلة عرفت جيداً أنها ليست نهاية العالم ولا تؤثر فيّ الأزمة وأواجهها بكل قوة ولا يعرف لي اليأس طريقاً، حيث إنني أجد اللـه بجانبي طوال الوقت ولا يتركني أبداً.

باقي الفعاليات
تستمر الفعاليات المرافقة لمعرض دمشق الدولي الواحد والستين في دار الأسد للثقافة والفنون، فيعرض في السادسة من مساء اليوم في مسرح الدراما الفيلم الروائي الطويل «حنين الذاكرة».
وفي اليوم نفسه، يقام حفل فني لتكريم الفنان الكبير صباح فخري في الثامنة مساءً على مسرح الأوبرا تحييه الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية بقيادة الموسيقار عدنان فتح اللـه بمشاركة فنانين من حلب هم: صفوان العابد ومحمود فارس وأحمد خيري وعبود حلاق وفارس أحمر وأنس صباح فخري.
ويشهد يوم غد افتتاح العروض السينمائية لأحدث إنتاجات السينما العالمية ويستمر ثلاثة أيام في مسرح الدراما، وفي اليوم نفسه هناك أمسية موسيقية غنائية بعنوان «حول العالم في عشر مقطوعات» تحييها الفرقة السيمفونية الوطنية السورية بقيادة ميساك باغبودريان بمشاركة سوزان حداد وميخائيل تادرس «غناء» ومحمد عثمان «بزق» وباسم صالحية «كلارينيت» ومحمد عزاوي «دودوك »، في الثامنة مساءً على مسرح الأوبرا.
وتختتم الفعاليات يوم الخامس من الشهر الجاري بأمسية غنائية تحييها الفنانة اللبنانية عبير نعمة والفرقة الموسيقية بقيادة ميساك باغبودريان في الثامنة مساءً على مسرح الأوبرا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن