ثقافة وفن

معنى الفرح

| د. اسكندر لوقا

يحتاج المرء إلى مران طويل حتى يعيش الفرح. إن بلوغ الفرح غاية ما في ذلك شك، ومن مظاهره المتعددة الفرحة التي ترافق نجاحاً في المدرسة أو في العمل.. والبحث عن الفرحة، باعتبارها حاجة لا غنى عنها للإنسان، ترافقه معاناة في الكثير من الأحيان، وخصوصاً في الأوقات الصعبة التي يعيشها لسبب أو لآخر، ومن الأسباب على سبيل المثال، فقدان الأمن والأمان فضلاً عن ضيق ذات اليد والمرض وما شابه ذلك من أسباب لا يمكن إحصاؤها.
والفرح ليس كياناً نستطيع القبض عليه باليد كما الضوء الذي يشع من المصباح ويغدو جزءا من الهواء الذي نتنفسه، كما الشعاع الذي يملأ الفضاء يرى ولا يلمس باليد، كما الأريج الذي تفوح به زهرة في الحقل. الفرح، بهذا المعنى، إحساس ينبع من أدق شعيرة في خلايا الجسم البشري ويطغى على بقايا الأعضاء.
وللفرح، بهذا الشكل وجهه الظاهري كما الضحكة التي يكون لها صداها في الشارع أو المكتب أو المنزل، وليس شرطاً أن تكون تعبيراً عن الاستحسان أو الرفض، قد تكون من قبيل المسايرة، ولا معنى لها. ولكن مع هذا يبقى الفرح جزءا من الأجزاء التي تشترك في تكوين شخصية الإنسان ونظرته إلى الحياة، وعاملا من عوامل شعوره بالراحة بعد عناء، كما يستلقي الصياد المتعب على حصيرة بعد عناء الإبحار في يوم عاصف ويشعر بالراحة تغمر أوصاله وترسم بسمة فرح على وجهه.
إن الفرح باعتباره حاجة، يبقى مطلباً إنسانياً خالياً من الأنانيّة التي يسعى بها الإنسان إلى امتلاك حتى ما ليس من حقه امتلاكه. بهذا المعنى يغدو الفرح كما الملكية العامة، إن جاز التعبير، ولا يحق لأحد أن يمنعه عن الآخر، وخصوصاً في حال التشارك في المكان أو الزمان، بوصفه واحداً من كل وليس كلاً من واحد. وبشكل آخر يمكن القوال إن الفرح حق مشروع لكل من يؤمن بالعدل والمساواة ولا يجوز لأحد احتكاره بأي شكل أو بأي ادعاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن