قضايا وآراء

جيل المرشحين الإسرائيليين المهزومين

| تحسين الحلبي

في الأسبوع المقبل ربما تجري أعقد وأصعب عملية تنافس على الحكم في تاريخ وجود الكيان الإسرائيلي بين قادة أحزاب وقادة عسكريين وقادة لمجموعات دينية يهودية متشددة، فهذه الانتخابات هي الثانية خلال خمسة أشهر لأن انتخابات نيسان الماضي لم تؤد نتائجها في البرلمان إلى نجاح أحد الحزبين الكبيرين الليكود وحزب أزرق أبيض بتشكيل حكومة ائتلافية تجمع تأييد 61 عضواً من 120، ومع ذلك لم تتغير صورة المرشحين في هذه الانتخابات في أيلول الجاري فبقيت الشخصيات نفسها تتراكض وتتنافس على الأصوات من دون اختراق يحققه هذا الحزب أو الآخر في ما تقدمه استطلاعات الرأي من نتائج متوقعة غالباً ما تكون متقاربة مع النتائج الرسمية بعد إجراء الانتخابات.
وربما يصح الاستنتاج بأن إسرائيل تمر بأخطر أزماتها الداخلية وكذلك الخارجية، بل بأكثر مظاهر ضعفها من الداخل بسبب أزماتها وتناقضاتها، ومن الخارج بسبب عجزها أمام جبهة مقاومة تزداد قدراتها في جبهة سورية جنوب لبنان وفي جبهة المقاومة في قطاع غزة والأراضي المحتلة.
ومن مظاهر أزماتها الداخلية التي لا يمكن عزلها عن أسباب خارجية ترتبط بانتصارات محور المقاومة، أن جميع قادة الصف الأول في الحزبين الرئيسيين الليكود وأزرق أبيض كانوا منذ تولي رئيس وراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحكم في آذار 2009 أي خلال عشر سنوات قد لحقت بهم الهزائم منذ عام 2000 وحتى هذه اللحظة، فنتنياهو استلم الحكم بنظر الإسرائيليين ولم يستطع خلال عشر سنوات إيقاف تزايد قدرة جبهة المقاومة في جنوب لبنان وفي قطاع غزة وفي سورية، قاعدة هذه المقاومة، وهو الذي يتولى الآن رئاسة الحكومة ومهمة وزير الدفاع، والجنرال المتقاعد رئيس حزب أزرق أبيض يني غانتس يعد مهزوماً في كل مسيرة العجز الإسرائيلية منذ عام 2000 أيضاً، وينضم إليه أيهود باراك رئيس حزب الحركة الديمقراطية والذي هزم كرئيس للحكومة عام 2000، وهزم كوزير للدفاع في حكومة إيهود أولميرت (2008- 2009) أمام قطاع غزة ثم في حكومة نتنياهو بعد ذلك، أما موشيه يعالون الذي يعد الرجل الثاني في حزب أزرق أبيض فقد هزم أمام المقاومة وسورية أثناء الحرب الكونية عليها حين كان وزيراً للدفاع وكان مهزوماً من قبل حين كان رئيساً للأركان.
هذه المجموعة من القادة الإسرائيليين تعد من الصف القيادي الأول والصفة المشتركة بينها الهزائم، ولذلك يتبادل أفرادها الاتهامات فيما بينهم حول أسباب هزيمة كل منهم إضافة إلى ذلك يحاولون في حملاتهم الانتخابية عرض مواقف أكثر تشدداً من أي وقت مضى لكي يفوزوا بأصوات المستوطنين، وهذا ما جعل نتنياهو يقدم وعوداً بضم مستوطنات ومناطق الأغوار عند ضفة النهر الغربية إلى الكيان الإسرائيلي لعله يفوز بمعظم هذه الأصوات حتى لو كان عددها عشرين أو خمسين ألفاً فيتيح له زيادة نسبة ما يمكن الحصول عليه من مقاعد في البرلمان، لأن استطلاعات الرأي تشير إلى وجود شبه تساوٍ بين الحزبين الرئيسين في عدد المقاعد 31 أو 32 لكل منهما وربما بزيادة مقعد أو اثنين لهذا الحزب أو ذاك.
سيظل كل منهما بحاجة لبقية الأحزاب الصغيرة والمقاعد التي ستفوز فيها، لذلك يظهر احتمال ربما يتيح للحزبين تشكيل حكومة ائتلافية بأغلبية مقاعدهما إذا ما تكرر ظهور نتائج تؤدي إلى الطريق المسدود الذي وصل إليها الحزبان في انتخابات نيسان الماضي ولم تتجاوب بعض الأحزاب الصغيرة مع نتنياهو بالمشاركة بحكومته.
بالمقابل عرضت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في 9 أيلول الجاري عدداً من الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة بعد انتخابات 17 أيلول الجاري، الاحتمال الأول هو: أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة يؤيدها 61 عضو برلمان من حزبه ومن أحزاب صغيرة وتكون حكومة من «اليمين المتشدد».
الاحتمال الثاني: عدم وجود فارق كبير بين عدد الأعضاء الفائزين من حزب الليكود وحزب أزرق أبيض وعجز أحد الحزبين عن الحصول على 61 مقعداً فيظهر خيار حكومة يشكلها الحزبان ويتقاسمان فيها الوزارات، فنتيناهو يواجه امتحانين في هذه الانتخابات، الأول: الفوز بمقاعد تزيد على حزب أزرق أبيض ثم إقناع أحزاب صغيرة بالمشاركة في حكومته، فقد يفوز حزب أزرق أبيض بعدد أقل ويتمكن من جمع 61 مقعداً إذا عجز نتنياهو عن تحقيق أغلبية.
الاحتمال الثالث: عدم فوز نتنياهو بزيادة عدد أعضائه بما يفوق عدد أعضاء حزب أزرق أبيض في البرلمان ويتمكن بيني غانتس من تشكيل حكومة أغلبية مع أحزاب صغيرة فينتهي حكم نتنياهو والليكود، وفي والنهاية ستظل أزمات هذا الكيان في الداخل ومع الخارج تتفاقم لأن الأسباب لا تعود للأشخاص بل لبنية هذا المجتمع وبلوغه درجة المتاهة بعد ضعف قدرته على تحقيق وظيفته بعد سبعين عاماً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن