ثقافة وفن

«تموز» تكرم أسر الشهداء وتعرض فيلم «جبال الشمس» … د. مازن حميدي: رسالة عن صمود أمهات الشهداء اللواتي بفضلهن كان هناك أبطال دافعوا عن الوطن

| وائل العدس – سارة سلامة - تصوير طارق السعدوني

برعاية وحضور نائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وزير الدفاع العماد علي عبد اللـه أيوب، وبمناسبة الذكرى السادسة والأربعين لحرب تشرين التحريرية، أقامت الجمعية السورية لدعم أسر الشهداء «تموز» عرضاً خاصاً لفيلم «جبال الشمس» في دار الأسد للثقافة والفنون.
وكرمت الجمعية خلال الحفل 5٠٠ عائلة من عائلات شهداء الجيش العربي السوري، كما عرضت فيلماً توثيقياً عن أعمالها منذ تأسيسها قبل سبع سنوات.
وحضر حفل التكريم أيضاً أسر ذوي الشهداء، والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان وعضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي محسن بلال ومدير الإدارة السياسية اللواء حسن حسن، ووزراء الشؤون الاجتماعية والعمل ريمه قادري والإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف والثقافة محمد الأحمد والإعلام عماد سارة والسياحة محمد رامي رضوان مرتيني، ومدير عام مديرية مدارس أبناء وبنات الشهداء شهيرة فلوح وعدد من ضباط الجيش العربي السوري وشخصيات فنية وثقافية وإعلامية.

جبال الشمس
ويجسد فيلم «جبال الشمس» الشهادة وقيمة الشهداء ودور المرأة السورية في غرس قيم حب الوطن وصلابتها وعزيمتها في مواجهة الإرهاب وجدارتها بالحياة إضافة إلى فيلم توثيقي عن الجمعية.
ويقدم الفيلم رسائل كثيرة، أولها رسالة تقدير لأبطال الجيش العربي السوري البواسل ولشهدائنا الأبرار الذين أخلصوا وضحوا من أجل الوطن بشجاعة وبسالة، وقدموا دماءهم وأرواحهم من أجل عزة الوطن وكرامته، وحققوا البطولات والانتصارات، وأن لهم مكانة خاصة في قلوب كل السوريين، وقد كتبت أسماؤهم بأحرف من نور تشع شجاعة وولاء وتضحيات وبطولات في صفحات الذاكرة التاريخية الوطنية.
أما الرسالة الثانية فتكمن في تخليد أم الشهيد، صاحبة الروح السامية والنفس القوية والقلب العظيم، التي يعود إليها مجد الشهيد وفخر الشهادة وعز التضحية الخالدة في قلب الوطن، فكان الاحتفال بتلك الأم صاحبة العاطفة الجياشة المملوءة بالمشاعر الإنسانية.
الفيلم من إنتاج جمعية «تموز» بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما وهو من تأليف محمود الجعفوري وأيمن زيدان وإخراج أيمن زيدان وبطولة لينا حوارنة ومحمد حداقي وأنطوان شهيد ولجين إسماعيل وسيرينا محمد وحسن دوبا ولمى بدور ونور خلف.

عائلة واحدة
أشار رئيس جمعية «تموز» الدكتور مازن حميدي إلى أن الحرب الإرهابية على سورية تتطلب تكاتف الجميع والعمل معاً لدعم ذوي الشهداء الذين ضحوا ليبقى الوطن.
وأوضح أن فيلم «جبال الشمس» يحمل في طياته رسالة عن صمود الأم السورية وأمهات الشهداء اللواتي بفضلهن كان هناك أبطال دافعوا عن الوطن.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بيّن حميدي أن موعد الحفل السنوي للجمعية جاء كي نقول للعالم إننا من جيل تشرين، وعيننا منذ الطفولة على هذه الحرب وهذه البطولة التي دائماً نفتخر بهما.
وأكد أن سورية مرت بحرب ومؤامرة كونية ولا نبالغ في ذلك، وهناك الكثير من الدول الأعداء والبعض كنا نحسبهم أصدقاء ولكنهم وقفوا ضدنا، لكن سورية اليوم تتعافى، لذلك نحن نركز على تاريخ السادس من تشرين الأول في حفلنا المستمر إلى السنة الثامنة على التوالي للجيش البطل والشعب الذي نفتخر أننا منه وصمد بوجه هذه المؤامرة وبيّن أن سورية واحدة.
وقال: كان لنا الشرف بتكريم 500 عائلة شهيد في المنطقة الجنوبية وستنتقل الجمعية إلى بعض المحافظات لعرض الفيلم، ونقوم بلقاء عائلات شهداء باقي المحافظات ونتحدث إليهم ونقول لهم إننا عائلة واحدة ويد واحدة.
ووجه شكره لكل من ساهم في إنجاح هذا العمل مشيراً إلى أن الجمعية لن تدخر أي جهد ممكن في سبيل دعم عائلات شهدائنا الأبرار.
وشدد على ترسيخ قيم الشهادة، لنثبت للعالم أننا نمتلك جيشاً بطلاً ومقداماً، وشعباً حاضناً له وداعماً لتضحياته وانتصاراته.

أمة واحدة
وخلال كلمة ألقاها أمام الحضور قال سماحة مفتي الجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون إن أمهات الشهداء نثرن على الوطن عطراً وطيباً، وآباء الشهداء ربوا أبناءهم على العز والإباء، وكانت زوجات الشهداء رفيقات الدرب لرجال صدقوا ما عاهدوا اللـه عليه.
وأكد أنه في سورية لا يوجد مسلم ومسيحي ولا أقلية وأكثرية، بل نحن أمة واحدة وجسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
وشدد على أن سورية لن تتخلى عن تربة أو قطعة أو ذرة من أرضها، وأن القبلة الأولى لسورية مازالت القدس.
وأشار حسون إلى أنه عندما يُسأل عن سورية في كل بلاد العالم يقول إنها سورية التي أهدت للعالم النور والضياء، سورية التي حملت الإنجيل حتى وصل إلى أوروبا وحملت القرآن ووضعته في قصور الأندلس نوراً وذكرى، سورية التي بنت للحضارة الإنسانية مجدها.
وأشار إلى تضحيات رجال الجيش العربي السوري الذين كانوا نعم المؤتمن على الوطن والشرف وإلى بذل الدماء لتبقى سورية كريمة عزيزة.

أم الشهيد
بدورها بينت نائب رئيس جمعية «تموز» ديمة عقاد أن الجمعية تعمل على الدعم المباشر والدعم الاقتصادي والنفسي والمعنوي إضافة إلى شيء له علاقة بالتوعية لرسالة الشهادة.
وأضافت: في كل سنة تختلف الأولويات التي تهمنا بحسب الاحتياجات والحالات الموجودة، وهذا العام قررنا اختيار عنوان «أم الشهيد» كرسالة مباشرة، لأنها أكثر شخص يضحي ويتألم لكنها أقوى من الجميع.
وأكدت أن أم الشهيد ترمز إلى سورية وهي التي تقدم وتضحي وتقف على قدميها لتبني.
وأشارت إلى أننا عندما ننجز منتجاً ثقافياً يخلد رسالة الشهيد، نعرضه دائماً ولا نترك محافظة إلا ونذهب إليها لنزور عوائل الشهداء فيها ونزيد معنوياتهم.

المرأة العظيمة
من جانبه أكد الفنان أيمن زيدان أننا نحاول توجيه تحية لأمهات الشهداء وندعوهن للتمسك بالوطن، ورغم كل التحديات ما زال أمامنا فسحة من الأمل حتى نبدأ من جديد ونستمر. ولا شك أن الفيلم بمنزلة مشاركة وجدانية نوجه فيها تحية من القلب لأمهات الشهداء، للأم السورية سواء كانت أماً أم زوجة أو أختاً، وقد حاولنا دائماً أن نقدم عربون وفاء ومحبة.
ورأى أنه من الضروري أن نقدم هذا الشكل الذي يعتبر شكلاً من أشكال التواصل الذي يمليه عليه واجبنا وأخلاقنا بأن نكون صادقين ونلقي الضوء على هذه المرأة العظيمة التي زرعت وتزرع دائماً شتلات أمل في درب أنهكته العتمة.

محمل الجدية
وقالت الفنانة لينا حوارنة لـ«الوطن» أنني جسدت دور أم الشهيد انطلاقاً من أمومتي وأشعر بهذا الكم الكبير من العطف والحب والحنان، وكل دور أجسده أقدمه بمحمل الجدية وأحاول أن أكون صادقة فيه، وقد أغراني النص والهدف الأساسي للفيلم وفي كل لحظة كنت أسعى لأكون أمينة تجاه مشاعر كل أم فقدت ابنها في هذه الحرب البشعة، وأي دور يجب أن يكون إحساسنا به محط المسؤولية والأمانة.
وأكدت أن الأداء بعد هذه الخبرة ورحلة 30 عاماً كان يتطلب البحث الدائم والذاكرة الانفعالية حتى تخرج الأشياء المبطنة في وقتها، وبالتأكيد كان هناك هم ورعب وخوف وهي ترافقني بكل عمل أقدمه.
ووجهت رسالة للأم قالت فيها: أنتِ التي صنعتِ وقدمتِ الأبطال وأنت الأساس، ونطلب من اللـه أن يعطيكِ القوة والصبر.

وجبة دسمة
وبينت الفنانة وفاء موصللي أنه من الجميل أن يتزامن الاحتفال اليوم مع ذكرى السادس من تشرين، وأنا واحدة من الناس الذين عايشوها، ولدي ثقة كبيرة بالعمل الذي يقدمه المبدع أيمن زيدان، فهو يعتبر وجبة فنية دسمة لأنه قدم فكراً ومضموناً وفناً يقدم أشياء مفاجئة وغريبة وليست اعتيادية، كما أن وجود أهالي الشهداء حمل المكان قدراً كبيراً من الطاقة الإيجابية.

شامخة ومشرقة
وعبرت الفنانة شكران مرتجى عن سعادتها لحضور الفيلم، وقالت: دائماً ما أكون سعيدة بأي شيء له علاقة بسورية فكيف إذا كان الفيلم بتوقيع الأستاذ الكبير أيمن زيدان، وأرى أن جبال الشمس ستبقى شامخة والشمس ستبقى مشرقة بسورية.

وثيقة للأجيال
وهنأت الفنانة عبير شمس الدين المخرج أيمن زيدان لأنه من الفنانين الشغوفين في تقديم أشياء مميزة سواء في الدراما أم السينما، وحضورنا في هذه الفعالية واجب وطني وضروري، لأننا عاصرنا الحرب ومن الواجب أن نقدم شيئاً يرّسخ ما حدث ويوثق للأجيال القادمة حقيقة الوقائع. إلا أننا مهما تحدثنا عن الشهداء في كل أنواع الفنون لم نستطع إيصال حقهم.

الهدف المطلوب
أما الفنــان لجـين إســماعيـل فقال: إنني قدمت دور طبيب له تفاصيله الخاصة وأتمنى أن نكون ضمن آلية الفيلم القصير قد أوصلنا شيئاً بسيطاً من الهدف المطلوب».
وأوضح أن العمل في المسرح والسينما مختلف تماماً عن العمل بالتلفزيون لأن هناك أدوات نستطيع أن نستخدمها ونظهر تماماً على حقيقة الشخصية وإمكانياتها وتفاصيلها، حيث نحتاج إلى العمل عليها لأن السينما ببنيتها تعمل على هذه التفاصيل المهمة، وبالدراما التلفزيونية من الصعب تطبيق كل هذه التفاصيل لأنها مكونة من 30 حلقة ووقت التصوير سيكون أكثر، فلكل عمل ظروفه، ورغم أن السينما مريحة إلا أنني إلى الآن لم أجد نفسي وأتمنى إيجادها بأقرب وقت.

تجربة مضافة
وكشف الفنان نور خلف أنه جسد في أكثر من مرة دور الإرهابي وسابقاً لازمتني شخصية الدكتور، وحقيقة لا أخاف من ترسيخ هذه الشخصية في عقول الناس ولو أنني بحاجة إلى أخذ الحيطة منها، لأن الموضوع كله تمثيل. والممثل يفترض أن يلعب كل الشخصيات، وهذه الشخصية أضافت لي كتجربة أنني عملت مع الأستاذ الكبير أيمن زيدان وتعلمت الكثير منه. وحاولنا أن نقدم جزءاً بسيطاً من الشيء الذي فعله الإرهابيون بالناس من إجرام وتنكيل.

جمعية تموز
ويشار إلى أن «تموز» جمعية غير ربحية تأسست عام 2012 بالقرار رقم «935» الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وتعنى بدعم أسر الشهداء بما يضمن سبل الحياة الكريمة، كما تعمل على تعزيز مشاركة المجتمع المدني والقطاع الأهلي في دعم أسر الشهداء في سبيل بناء مجتمع سوري قوي ومتماسك، وتعزيز دور أبنائهم في بناء الوطن وحمايته، واستمرار الحياة والإنجاز والإبداع تحدياً للحرب وآثارها.
وتؤكد الجمعية احترام مكانة الشهيد ودوره الأساسي في بناء الوطن وتقديم الرعاية الاقتصادية والاجتماعية لأكبر عدد من أسر الشهداء في كل أرجاء الوطن.
وتهدف الجمعية إلى تعزيز ونشر قيم وثقافة الشهادة كقيمة إنسانية عليا في المجتمع، وتعزيز مشاركة المجتمع وفعاليته في دعم أسر الشهداء.
وتحرص الجمعية على نشر ثقافة الشهادة بناء المحتوى الفكري والثقافي والتربوي للمجتمع السوري، والمشاركة الفعالة لأبناء وبنات الشهداء في بناء المجتمع السوري، وتأكيد أن الشهداء هم القدوة للأجيال الناشئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن