الأولى

الفرصة الأخيرة

| وضاح عبد ربه

حتى كتابة هذه السطور، لم يتضح بعد إذا كان بعض من قيادات «قسد» المتهورين، قد أدركوا حجم الكارثة التي تسببوا بها نتيجة عمالتهم للأميركي وخيانتهم الشعب السوري!
عشرات المرات تم تحذيرهم وإنذارهم وإبلاغهم بأنهم ليسوا سوى ورقة تتلاعب بها واشنطن، وحين تنتهي منها سترميها في سلة المهملات، وعشرات المرات تمت نصيحتهم بأنه وحده الجيش السوري القادر على حماية أرضه وشعبه وأن أي رهان آخر لا جدوى منه ولا أمل.
تعنتهم ووقاحتهم، أوصلتهم إلى مشاركة الأميركي في فرض الحصار الاقتصادي على الشعب السوري ومنعه من استلام محصوله الزراعي، لا بل قاموا بالاستيلاء على ثروات سورية الزراعية والنفطية! وهاهم اليوم يعدون الطريق للجيش العثماني ليحتل مزيداً من الأراضي السورية، وكأن «درس» عفرين لم يكن كافياً ليتعظوا من خطط رئيس النظام التركي رجب أردوغان ومشروعه العثماني التوسعي، وسعيه لاحتلال أراض عربية.
في الأمس، وفي وضح النهار، بدأت المدفعية التركية والطيران، بقصف أراض سورية، وقتل وتشريد مدنيين سوريين، وبدأ جيش أردوغان ومن خلفه مرتزقته الذين ارتضوا أن يبيعوا أنفسهم، بإزالة الجدار «العازل» تمهيداً لاقتحام الحدود، والتوغل في أراضينا بحجج واهية، قدمتها «قسد» للأتراك، وكأنها عميلة لأنقرة، لا للولايات المتحدة الأميركية فقط.
العالم كله، بما فيه تركيا، يطالب زوراً وبهتاناً باحترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، والعالم كله، يدين تركيا، ليس لنيتها التوغل في الأراضي السورية، بل لاعتدائها على المجموعات الكردية، المتحالفة مع عواصم الغرب، تحت تأثير وهم تأسيس دويلة فوق الأراضي السورية، توفر لها «إدارة ذاتية» في مشروع انفصالي يدرك هؤلاء المرتزقة في «قسد»، ومن يساندهم، أنه لا يمكن أن يكتب له العيش، وسط رفض إقليمي أولاً، باستثناء إسرائيل التي ترحب بتفتيت الدول العربية وإنشاء كانتونات عرقية، والأهم وسط رفض شعبي سوري لم ولا يقبل التنازل عن شبر واحد من أراضيه، وخاض حرباً لا تزال مستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات حفاظاً على سيادته ووحدة أراضيه.
اليوم هناك من يروّج لمعلومات عن استبدال المظلة والدعم الأميركي، بأخرى ربما أوروبية، والمظلة لم تعد حباً بالفصيل الكردي وأوهامه فقط، بل نتيجة ابتزاز ميليشيات «قسد» بما لديها من سجناء يتبعون لتنظيم داعش، أغلبيتهم من جنسيات أوروبية رفضت عواصم تلك الدول استقبالهم، ولم يتم الكشف حتى الآن عن مضمون الاتفاق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأردوغان حول مصيرهم، ومن سيبتز من، في هذا الملف الذي يتحمل مسؤوليته أولاً التركي بعد أن كان قد فتح الحدود لهم وأوصلهم إلى الأراضي السورية، ومن ثم دول العالم التي سعت إلى تدمير سورية من خلالهم، وها هي الآن وبعد خسارتهم الحرب، ترفض استعادة قذارتها! ولعل هذا الملف، هو الأعقد بالنسبة للدول «المفعمة بالإنسانية»، التي تبحث عن حل يقضي نهائياً على هؤلاء الوحوش البشرية ويمنع عودتهم من حيث جاؤوا.
في الأمس وبعد أول غارة تركية على محافظة الحسكة، عاد الحديث عن وساطة روسية لإعادة إحياء المباحثات بين «قسد» ودمشق، لكنها مباحثات لن تكون كما سابقاتها، إذ لم يعد من الممكن أن نثق، نحن السوريين، بهؤلاء الذين في حال قرروا المجيء إلى دمشق بحثاً عن عون أو دعم، فأجزم أنه سيكون عليهم أولاً الاعتذار العلني للشعب السوري، ومن ثم تسليم كامل سلاحهم الثقيل للجيش العربي السوري، وفتح الطريق أمام عودة المؤسسات إلى المناطق التي يحتلونها، والعودة إلى صفوف الجيش السوري ليقاتلوا معاً التوغل التركي ويدمروا ما تبقى من أوهام وأحلام وأطماع لأردوغان في الأراضي السورية التي كما وعد الرئيس بشار الأسد سيتم تحرير آخر شبر منها، عاجلاً أم آجلاً، شاء من شاء وأبى من أبى.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن