«الاتحاد السكني»: مخالف للدستور ومصادرة لأمواله … وزارة «الإسكان»: مشروع قانون حلّ الاتحاد جاء بعد تقييم حكومي وأموال الجمعيات لا تؤول للوزارة
| صالح حميدي - دحام السلطان
وصف الاتحاد العام للتعاون السكني مشروع القانون المتضمن حلّه بالمخالف للدستور، وأن ما نصت عليه بعض مواده ليست سوى مصادرة للأموال الجماعية المملوكة ملكية تعاونية جماعية.
وأكد الاتحاد في مذكرة رفعها للجهات الوصائية (حصلت «الوطن» على نسخة منها) عدم جواز مصادرة أمواله وأموال الاتحادات الفرعية في المحافظات، وتحويلها لوزارة الأشغال العامة والإسكان، مستنداً للمادة الخامسة عشرة من الدستور، التي تنص على منع المصادرة في الأموال وصيانة الملكية الخاصة الجماعية.
وأوضح الاتحاد في مذكرته أن أموال الجمعيات التعاونية السكنية المنقولة وغير المنقولة المملوكة لها، ملكية تعاونية، بصفتها الاعتبارية، وغير قابلة للتوزيع ولا يجوز أن يسترد عضو الجمعية عند انقضاء عضويته أو تصفية الجمعية أكثر مما دفعه ولا يجوز لأي جهة التصرف بأموال الجمعية خلافا لأحكام المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011.
ولا تخضع بحسب المذكرة مقاسم جهات قطاع التعاون السكني للاستملاك باستثناء المشروعات الحيوية ولقاء تعويض عادل وفق أحكام قانون الاستملاك، وبناءً على ذلك يرى الاتحاد أن مشروع القانون المقترح يتناقض مع مبدأ وحدة التشريع.
وبينت المذكرة أنه إذا كانت الحكومة تعتقد أن الغاية التي أنشئ من أجلها الاتحاد العام للتعاون السكني والاتحادات قد انتهت فكان لزاماً سلوك أحكام المادة 37 من المرسوم التشريعي رقم 99 وتقضي بصدور قرار بحل الاتحاد العام وقرارات بحل الاتحادات في المحافظات، وأن يتضمن هذا القرار تشكيل لجنة تصفية لكل منهم تقوم بجرد الأموال المنقولة وغير المنقولة، وإعداد حسابات التصفية، وتوزيع الأموال المنقولة، وبيع الأموال غير المنقولة، وتوزيع المتحصل على الجمعيات التعاونية السكنية في المحافظات كل بنسبة مساهمتها كأموال تعاونية جماعية مملوكة للأعضاء التعاونيين.
ورفض الاتحاد أن تؤول أموال أعضاء جمعياته إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان، لأن الوزارة ليست وريثاً شرعياً، ولا قانونياً للاتحاد العام والاتحادات في المحافظات، وهي لا تمثل الحركة التعاونية السكنية، وإنما خولها القانون حق الرقابة الإدارية فقط، وفقاً لمبادئ التعاون، وأهم هذه المبادئ؛ ديمقراطية الحركة التعاونية، وانتخاب قيادتها والإدارة الذاتية للحركة التعاونية لا الإدارة الحكومية لها، وتؤكد أن العمل بغير ذلك يعني قيام وزارة الإسكان بمصادرة هذه الأملاك الجماعية للحركة التعاونية خلافاً لأحكام المادة رقم 15 من الدستور.
وعرض الاتحاد في مذكرته لموارده المالية لبيان عدم دستورية المادة الرابعة من مشروع القانون وتناقضها مع الدستور مبيناً أن العضو في كل جمعية تعاونية سكنية يسدد مبلغ 2000 ليرة سنوياً مساهمة في النفقات الإدارية يخصص 20 بالمئة للاتحاد الفرعي و10 بالمئة للاتحاد العام.
وهناك نسبة 1 بالمئة سنوياً من تكلفة أي مشروع تنفذه الجمعية منها 10 بالمئة للاتحاد الفرعي و5 بالمئة للعام و5000 ليرة من تكلفة الوحدة السكنية كرسم تنازل منه 5 بالمئة للعام و1 بالمئة للفرعي و5000 ليرة رسم انتساب منه 50 بالمئة للعام ومثلها للفرعي و5000 ليرة رسم توثيق عقد التخصيص منه 40 بالمئة للعام و60 بالمئة للفرعي ومطبوعات الاتحاد مع هامش ربح توزع بنسبة 45 بالمئة للاتحاد الفرعي و30 بالمئة للعام و15 بالمئة لصندوق التكافل الاجتماعي و10 بالمئة للجمعية.
هناك نسبة 1 بالمئة من أتعاب تأمين المواد يخصص منه 50 بالمئة للفرعي و35 بالمئة للعام و15 بالمئة لصندوق التكافل الاجتماعي ورصيد تصفية جمعيات يتم حلها ويوزع بين الاتحاد العام والاتحادات بنسبة 50 بالمئة لكل منهما.
وأكد الاتحاد ضمن هذا السياق أن أموال الاتحادات والاتحاد العام للتعاون السكني هي أموال تعاونيين مملوكة من الاتحاد العام والاتحادات في المحافظات ملكية تعاونية بصفتها الاعتبارية فهي ملكية جماعية لمنظمات غير حكومية لا يجوز لأي جهة التصرف بها إلا وفقاً لأحكام الدستور والقانون الخاص.
رد «الإسكان»
معاون وزير الأشغال العامة والإسكان عبد القادر فهيم أكد لـ«الوطن» أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تؤول أموال الجمعيات السكنية للوزارة، لأنها أموال مكتتبين وأعضاء في جمعيات سكنية.
وأشار فهيم إلى اللغط الذي حصل لدى البعض في قطاع التعاون السكني، والخلط بين الجمعيات والاتحادات، إذ لن يتم المساس بالجمعيات خارج إطار عمليات إعادة الهيكلة، عبر حلّ ودمج جمعيات مع بعضها، وإلغاء الحلقة الوسيطة بين الجمعيات السكنية والوزارة.
وبيّن أن صيغة مشروع القانون ومواده تناقش في مجلس الشعب ولجانه المختصة، ويمكن أن تعدّل بما يتواءم ويتوافق مع المقصود بشكل كامل بأموال الاتحاد.
وأوضح معاون الوزير أن المقصود بأموال الاتحاد؛ ممتلكاته من المقرات والآليات والسيارات والفرش.. وتقييم هذه الموجودات عبر لجان تصفية مؤلفة من قانونيين وخبراء لتسوية هذه الممتلكات، وتخمينها بشكل قانوني، وإدخالها في رصيد الدائن لهذه الجمعية قبل توزيعها على أعضائها.
وأكد أن ما يطبق من قرارات حلّ أي جمعية سكنية ينسحب على الاتحادات، لأن أمواله وتمويله من الجمعيات في المحافظة، وأن الاتحاد بمنزلة جمعية مؤلفة من عدة جمعيات.
ولفت فهيم إلى أن الدور الأساسي يعود للجهات صاحبة الاختصاص ولجنة مجلس الشعب للشؤون القانونية والدستورية ولمجلس الشعب في نهاية المطاف.
وختم معاون الوزير بالتأكيد أن موقف الوزارة واضح من القائمين على الاتحاد السكني ويكنّ لهم كل التقدير والاحترام لما بذلوه في خدمة قطاع التعاون السكني سابقاً، وأن الوزارة تعمل استناداً إلى التقييم الحكومي للاتحاد السكني قبل إعداد الصك التشريعي لحله الذي يمكن أن يعدل.
قطاع مستهدف!
رأى الخبير التعاوني عبد الرزاق إسماعيل أن قطاع التعاون السكني مستهدف منذ فترة طويلة من شركات التطوير العقاري، متهماً المصرف العقاري بالانضمام إليها لكونه لم يعجبه احتجاج التعاون السكني على استثمار أموال التعاونيين التي تجاوزت الـ80 مليار ليرة سورية من دون أي فائدة.
وفي تصريح لـ«الوطن» اعتبر إسماعيل أن المشروع مخالف للدستور حيث نصت المادة الرابعة من مشروع القانون: «تؤول الأموال المنقولة وغير المنقولة للاتحاد العام للتعاون السكني والاتحادات في المحافظات إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان على أن تتحمل الوزارة الالتزامات المترتبة على ذلك»، لذلك فإن هذه المادة غير دستورية.
ووفقاً لأحكام هذه المادة الدستورية فإن ما نصت عليه المادة الرابعة من مشروع القانون ليست سوى مصادرة لهذه الأموال الجماعية المملوكة ملكية تعاونية جماعية، إضافة إلى أن المصادرة في الأموال ممنوعة ومن ثم لا تجوز مصادرة أموال الاتحاد والاتحادات في المحافظات وتحويلها إلى الوزارة، وإضافة إلى عدم دستورية مواد مشروع القانون فإن المادة الأولى منه تنص على «إلغاء الاتحاد العام للتعاون السكني والاتحادات التعاونية السكنية في المحافظات» وبالعودة إلى المرسوم 99 لعام 2011 الناظم لعمل التعاون السكني في سورية، فإن المادة 3 منه تنص: «تسري الأحكام الخاصة بالجمعية ومجلس الإدارة على الجمعيات المشتركة والاتحادات والاتحاد العام بغير ما ورد بشأنه نص خاص في هذا المرسوم التشريعي»، علماً أنه يصل عدد الجمعيات في سورية إلى 2533 جمعية، وهي موزعة على 14 محافظة، وحجم الأعضاء المنتسبين فيها 720676 وعدد الأعضاء المكتتبين والمتخصصين 134433 وعدد الأعضاء المستلمين مساكنهم 219435 ليكون مجموع عدد الأعضاء التعاونيين في هذا الجانب 1074544 عضواً، واستناداً لذلك تكون نسبة الذين استفادوا في سورية من الاتحاد التعاوني السكني من ذوي الدخل المحدود بين 20-30 بالمئة من مجموع عدد سكان القطر.
وأوضح كل من العضوين التعاونيين أحمد حسين طه وشكري العبوش دور الحركة التعاونية في البلاد، مؤكدين أنه كان للاتحاد دور كبير في تأمين السكن بنسبة تقرب من الـ30 بالمئة حسبما هو موجود في سورية، في الوقت الذي كانت فيه المؤسسة العامة للإسكان والمؤسسة العامة للإنشاءات العسكرية ومؤسسة الإسكان العسكرية وجميعها تبني مساكن، إضافة إلى القطاع الخاص وجميع هذه المؤسسات لم تصل إلى نسبة الـ70 بالمئة من حجم بناء المساكن، وهذا يعني أن التعاون السكني كان رائداً في إنجاز المشروعات، ولولا توقف الدولة عن إعطاء الأراضي التي تستفيد منها الجمعيات التعاونية السكنية لوجدنا من الأرقام أضعاف هذه المساكن التعاونية قد تم إنجازها».
وأشار عضو مجلس الشعب نبيل صالح، إلى مشروع القرار الذي أعدته وزارة الأشغال العامة والإسكان يقضي بإعدام اتحاد التعاون السكني لمصلحة الوزارة وشركات التطوير العقاري المحلية والأجنبية، واستجابة لتساؤلات المواطنين المسجلين في جمعيات التعاون السكني، في حال وافق المجلس على إقراره، سنعرض بعض ما سيحدث بعد عرض الأسباب الموجبة التي قدمتها الوزارة لحل الاتحاد السكني والتي تنطبق على أغلب الاتحادات في القطر بدءاً باتحاد العمال مروراً باتحاد الفلاحين وصولاً إلى الاتحاد العام الرياضي، مؤكداً أن الاتحاد التعاوني السكني يعاني كثيراً من المشكلات والترهل الذي تعاني منه بقية الاتحادات العامة، غير أن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت مقومات حله منطقية فإن حل بقية الاتحادات لمصلحة الوزارات واجب أخلاقي، هذا إذا كانت تتوافر لمديري الوزارات أخلاق أكثر استقامة وإذا كانوا لا يرفلون في الفساد؟