وزير المصالحة في حديثه لـ«الوطن»: سماسرة المصالحة ينتشرون في كل مكان ويحملون كتباً مزورة!
محمد منار حميجو :
أكد وزير المصالحة علي حيدر أن معالجة حالات الفساد والابتزاز لا تتم إلا بإيجاد إدارة واحدة وبتوحيد جميع المرجعيات التي تعمل باسم المصالحة، موضحاً أن هناك مرجعيات كثيرة لا تنسق مع الوزارة ولا تطلع على أعمالها بل إنها تفاجأ أن هناك لجاناً تحمل كتباً عليها ختم الوزارة وهي ليست على علم بها، كاشفاً عن ضبط كتب وبطاقات تحمل اسم وزارة المصالحة وهي مزورة.
واعتبر حيدر أن قلة إمكانيات الوزارة وعدم وجود أذرع لها في باقي المحافظات أديا إلى كثرة السماسرة والمبتزين، مسوغاً أن سبب انتشارها الواسع وكثرتها أديا إلى إيجاد صعوبات في ضبطها على الرغم من أن الوزارة وبالتعاون مع الجهات المختصة سواء وزارتا العدل والداخلية وباقي الجهات استطاعت ضبط العديد منها، كاشفاً أن الوزارة تتلقى يومياً العديد من الشكاوى على السماسرة والمبتزين وهي بدورها تحيلها إلى الجهات المختصة للنظر بها.
وفيما يلي الحوار الذي أجرته الـ«الوطن» مع الوزير حيدر:
وزارة المصالحة تلقت الكثير من النقد في عملها فما الأسباب التي دعت الكثيرين إلى انتقاد عملها؟
الحقيقة لا بد أن أتكلم بصراحة أن هناك العديد من الأسباب دفع الكثيرين إلى انتقاد عمل الوزارة أولها أنه كان أمل الناس في البداية أن إحداث وزارة المصالحة ستحل جميع مشكلات السوريين وأن أي مراقب يتابع عملها يجد أنها تقوم بعملها وعمل غيرها أحياناً باعتبار أن ما يطلب من الوزارة من المواطنين كثير ولذلك هناك الكثير من المواطنين يعتبرون أنها «سوبرمان» وهي تحل كل المشكلات دفعة واحدة إلا أنهم لم يتنبهوا إلى أن وزارة المصالحة هي جزء من ضمن الفريق الحكومي المتكامل وأن أغلب الأعمال تقوم بها بالتنسيق مع باقي الوزارات مثل الداخلية والعدل والدفاع في بعض الأحيان كملف المفقودين والمخطوفين والمهجرين فإذا لم تتعاون وزارة الإدارة المحلية مثلاً والكهرباء في مسألة تأمين الخدمات مع وزارة المصالحة أثناء عودة الأهالي فإنه لا يمكن أن يتم هذا المشروع ومن هنا إن هناك الكثير من الملفات يجب أن يعلم المواطن أنها بحاجة إلى تعاون مجموعة من الوزارات.
أما السبب الثاني في نقد عمل الوزارة فهو أن مشروع المصالحة يعد فكرة جديدة طرحت ومن ثم كان هناك ضبابية بفهم ماهية المصالحة وما المصالحات الحالية التي تنجز ببعض المناطق وهل إنجازها من مسؤولية الوزارة بمفردها حتى إن البعض فهم أن المصالحة هي فقط فكرة لعودة المسلحين إلى حضن الوطن ما اعتبره المواطنون أن هذا يفتح الباب للمسلحين للعودة من دون أي ضوابط أخرى أو محاسبتهم ومن هذا المنطلق هوجمت الفكرة على حين المسألة غير ذلك بالمطلق وأن مشروع المصالحة هو مشروع متكامل وأن تسوية الأوضاع هي أحد هذه الملفات التي تعتبر من ضمن هذا المشروع وأن الوزارة هي وسيطة أما الجهات التي تسوي الوضع فهي التي تملك القرار النهائي في هذه التسوية.
أما السبب الثالث فهو حجم الأعباء الكبيرة على الوزارة وقلة الإمكانات وعدم وجود أذرع تنفيذية لها في باقي المحافظات، إضافة إلى تعدد المرجعيات التي لا تنسق مع الوزارة. الكثيرون يتكلمون باسم الوزارة بسهولة وبشكل كبير ما شكل انتشاراً للسماسرة والمبتزين ونحن ليس لنا أي صلة مع هذه المرجعيات.
هناك انتقاد لكم أنكم كنتم على علم بهذه المرجعيات إلا أنكم لم تتخذوا بحقها أي آلية للمحاسبة؟
أنا كنت أتكلم بوجود مرجعيات مختلفة وأنا صريح ودقيق في هذه المسألة ولذلك أقول إنه لا يمكن حل مسائل الفساد والابتزاز إلا بتوحيد هذه المرجعيات ضمن إدارة ومرجعية واحدة وإلا فإنه لا يمكن توفير آلية للمحاسبة للحد من حالات الفساد في مسألة المصالحة، وهناك دائماً أشخاص يتكلمون باسم الوزارة ونحن لسنا على ارتباط معهم ولا بعملهم بل على العكس في حال ورود أي شكوى عن هؤلاء يتم تنظيم الحالة وتحويلها إلى الجهة المختصة فنحن لا نملك آلية المحاسبة بل نضبط الحالة ونحولها إلى الجهات المختصة لتقوم بعملها ونحن ضبطنا كتباً مزورة عليها ختم الوزارة وليست صادرة منها ولا سيما أن حالات التزوير أصبحت كثيرة وطرقها متوافرة حتى وصل الأمر إلى تزوير البطاقات الشخصية ولذلك ندعو كل مواطن إلى أن يطلبوا من المرجعيات الكتب التي يحملونها ثم التأكد منها بالتواصل مع الوزارة للتأكد من صحة ورودها.
أليس من المفروض أن تكون لوزارة المصالحة ذراع للمحاسبة؟
بكل تأكيد هذا الكلام جميل وجيد إلا أننا لا نملك هذه الصلاحيات وهذا يحتاج إلى نص قانوني والإشكالية هنا هل الجهات القائمة على المحاسبة تستطيع ضبطهم ومحاسبتهم؟ وأنا أول المطالبين بمتابعتهم ومحاسبتهم لنستطيع أن نعمل من دون وجود ألغام تسيء للكل.
هناك من يقول لم نشاهد أياً من هذه المرجعيات تحاسب أمام القضاء أو أي جهة مختصة ألا يقودنا هذا إلى التساؤل عن مدى تعاون وزارتي الداخلية والعدل معكم؟
الحقيقة يجب أن نفرق بين أنها لم تحاسب وأنها لم تظهر عبر وسائل الإعلام، هناك أشخاص استدعوا وتم التحقيق معهم وهم حالياً في السجن أما ظهورهم إعلامياً فأنا لست صاحب القرار في ذلك وهذا خارج عن سلطتي حتى أن في هذا المحل هناك أكثر من اجتهاد في ظهورهم هناك من يقول هذا تشهير بهم إلا أنني مع ظهور أي حالة فساد عبر وسائل الإعلام لأن في ظهورهم إضاءة على المشكلة الحقيقية وتوعية للناس.
هل نجحتم في الحد من «سماسرة» المصالحة؟
بتعاوننا مع الجهات المختصة بكل تأكيد استطعنا أن نعالج جزءاً من هذا الملف إلا أن العدد كبير والانتشار واسع وكل يوم تأتينا شكاوى عن سماسرة يبتزون المواطنين وندعو كل مواطن للحذر من هذه العصابات المنتشرة وإني أقول إن جميع كوادر الوزارة يعملون بشكل تطوعي فيها وإنه ممنوع على أي شخص أن يقبض قرشاً واحداً من أي مواطن، وأي مبالغ تقبض تعد ابتزازاً وسمسرة.
كانت هناك قطيعة بين لجنة المصالحة في مجلس الشعب والوزارة ألا ترى أنه من الخطأ إحداث لجنة ووزارة في آن واحد؟
أنا لم أقل يوماً من الأيام إن اللجنة البرلمانية شكلت لتأخذ دور الوزارة ولم يسمعه أحد مني وفي الحقيقة لم تحصل أي قطيعة بين الوزارة واللجنة بل احتجنا إلى شيء من الوقت لإيجاد آلية للتعاون وأحدثت هذه الآلية وهناك تعاون حالياً مع اللجنة، وأنا أقول إن هناك عدداً كبيراً من اللجان تعمل في مجلس الشعب وإن من مهام المجلس أن تحدث لجان مختصة وإن لجنة المصالحة هي إحدى هذه اللجان وأنا كنت دائماً أقول إن مهمة مجلس الشعب أكبر من أن يكون له دور رقابي بل مهمته أوسع بذلك بكثير.
كان هناك فكرة لإحداث لجنة عليا للمصالحة أين وصلتم في هذه الفكرة؟
نعم إن هذه الفكرة أصبحت جاهزة والبحث حالياً على الهيكلية والتسمية وأتمنى ألا يتأخر المشروع.
هل كان الخلل في مشورع المصالحة لعدم وجود إدارة؟
هنا يجب أن نفرق بين مشروع المصالحة والخطوات التي اتخذت لتحقيقه، نعم تحقيق خطوات المشروع لم تنجز بشكل كامل لأن مشاريع المصالحات في كل دول العالم لتحقق الغاية لا بد أن تنتظر فترة بعد الحرب ورمي السلاح فما دمنا في خضم الحرب لا يمكن إنجاز خطوات المصالحة بشكل كامل. بكل تأكيد مشاريع المصالحة تعرضت لانتكاسات وعدم القدرة على تحقيق ما نصبو إليه وطبعاً الأسباب قد تكون خارجية أو داخلية أو متعلقة بالإدارة وبكل تأكيد ما زلنا نضع محاربة الإرهاب أولوية ومشاريع المصالحة تأتي خطوة ثانية بعد تحقيق الأمن للمناطق التي يخرج منها المسلحون وتجربة الحسينية كانت تجربة ناجحة وهناك العديد من التجارب غيرها كما حدث في ريف حمص الشرقي والشمالي وحمص القديمة وحتى في ريف حماة الشمالي كما أن هناك العديد من المناطق ستتم فيها المصالحات ونحن ننتظر الموافقات الأولية لذلك.
ما مدى استجابة المجتمع المدني للمصالحات؟
نقول إن تجربتنا مع المناطق هي تجربة متفاوتة بناء على مجموعة من المعطيات. أولاً: تنوع المسلحين الموجودين والتنظيمات التي توجههم وهل هي قابلة للتفاوض أم غير قابلة؟ وهل هي محلية أم غير محلية؟ ودائماً المحلية من الممكن التواصل معها للاتفاق إلا أنه عندما تكون هناك توجيهات خارجية أو مسلحون غير محليين فالأمور تصبح معقدة. إذا عند إخراج المسلحين من المنطقة تصبح الأمور مع المدنيين ممتازة بل أغلب السوريين يفضلون مشاريع المصالحات المحلية لأنهم يعلمون أن بهذه المصالحات تعود مؤسسات الدولة إلى العمل والحياة إليها بشكل طبيعي.
بالانتقال إلى ملف المفقودين والمخطوفين أنت تعلم سيادة الوزير أن صلب عمل الوزارة هذان الملفان والبداية لنتحدث عن المفقودين أين وصلتم من خطوات لحل هذه الملف؟
بكل تأكيد الوزارة ليست المعنية الوحيدة في هذا الملف بل هي جزء من الفريق الحكومي الذي يخضع لإجراءات معينة وهناك من اتهم الوزارة أنها فقدت مصداقيتها في ملف المفقودين أو الموقوفين وهذا الكلام غير صحيح أن كل مواطن يسأل من حقه أن يسمع الجواب وأن هذا الجواب قد لا يرضيه نحن كوزارة مصالحة نرسل الشكاوى أو الطلبات إلى الجهات المختصة لمعرفة مصير قريب صاحب الطلب وفي كثير من الأحيان يأتينا الجواب لا تتوافر لدينا معلومات عن الشخص المطلوب وهذا يفسر أن الكثير من الأهالي يسجلون أبناءهم أو أقرباءهم على أنهم موقوفون إلا أن الواقع قد يكون مخطوفاً أو مفقوداً غير معلوم مكانه.
كما أن هناك أجوبة تردنا من الجهات المختصة بتوافر معلومات عن هذا الشخص إلا أنه قيد التحقيقات وأن حالات التأخير في هذه المسألة متعلقة بالتحقيق مع الموقوف إلا أن النهج العام بأن هناك توجيهات واضحة بمعالجة هذه الملفات.
ألا يجب أن يكون لوزارة المصالحة لجنة مختصة لزيارة السجون؟
ليس من صلاحيات الوزارة أن يكون هناك لجنة مهمتها زيارة السجون. هناك لجان مختصة معنية بشؤون السجناء والاطلاع على مشاكلهم كما أن وزارتي العدل والداخلية لديهما لجان مختصة في هذا المجال ومن حق النيابة العامة الاطلاع على أضابير الموقوفين لمعرفة مشاكلهم وأنا قلت منذ البداية أن دور الوزارة هو دور الوسيط بين المواطن والجهات المختصة.
بالانتقال إلى ملف المخطوفين لماذا لا يتم تحقيق أي تقدم في هذا الملف ومن المسؤول عن تعطيله؟
طبعاً ملف المخطوفين هو من الملفات المعقدة والشائكة والمشكلة تكمن عند المسلحين في تعطيله هم من يضعون العقبات لعرقلته وليست الدولة لأننا نحن كدولة كل ما نستطيع فعله نفعله وتقديم كل ما يمكن تقديمه إلا أن العقبة الأولى والأخيرة هي عند المسلحين فهم يفاضلون بأكثر من لسان يقولون للأهالي كلاماً جميلاً يوهمونهم به أن الدولة هي التي تعطل هذا الملف وحين يفاوضون الدولة فإنها تقدم كامل التسهيلات لإنجاح المفاوضات إلا أنهم بعدما يتم الاتفاق لدرجة أننا سنتسلم المخطوفين نتفاجأ أنهم نكثوا بعهدهم وفي بعض الأحيان يطلبون طلبات تعجيزية لا يمكن تنفيذها. إذا المشكلة ليست عندنا ونحن لا نستطيع أن نعد بتحرير أي مخطوف لأن المسلحين ليسوا في مكان ثقة لدينا ولاسيما أنهم يسعون لإظهار الدولة على أنها عاجزة على تحقيق أي خطوة في هذا الموضوع.