من دفتر الوطن

كرة القدم والسياسة.. أينَ نحن؟

| فرنسا- فراس عزيز ديب

كرة القدم يجب ألا تكونَ في خدمةِ أكاذيبِ الرئيس التركي رجب أردوغان، عبارة أجمعَت عليها تقريباً جميعَ الصحف الأوروبية في الأيام الماضية.
بدأت القصة عندما التقى المنتخب التركي لكرة القدم بمنتخب ألبانيا في تصفياتِ كأس الأمم الأوروبية 2020، هذه المباراة تصادفَت مع بدءِ العدوان التركي على سورية، وعند تسجيل اللاعبين الأتراك لهدفِهم قاموا بإجراء التحيةِ العسكرية لجيشِهم الذي كانَ في الوقت ذاته يذبح ويدمِّر الحجَر والبشر في الشمال السوري.
تلقفَ الإعلام الفرنسي هذهِ الحادثة وجعلَ منها مادة للهجوم على المنتخب التركي، مع التذكير أن هذه الإنسانية الطارئة على الإعلام الفرنسي كان لها سبب أساسي يتلخص بكون المنتخب التركي هو المنافس المباشِر للمنتخب الفرنسي في تصفيات الصعود إلى أمم أوروبة 2020، وهما التقيا فعلياً منتصف الأسبوع الماضي في قمةِ المجموعة، وبعد نهايةِ المباراة مباشرةً أعاد الأتراك تكرارَ التحية العسكرية كنوعٍ من التحدي للجميع.
تكرار هذهِ الحادثة الاستفزازية دفع القناة الناقلة للمباراة إلى تجنبِ بثها مباشرةً، وهو ما عرَّضها للانتقادِ من النظام التركي، لكن الصورة انتشرت كالنار في الهشيم تحديداً بعدَ أن شاركها مسؤولون أتراك على مواقعِ التواصل الاجتماعي وعنونوها بـ(لاعبونا ردوا على الغرب المنافق).
بذات الوقت فإن تكرار هذه الحركة الاستفزازية المبنية على التباهي بمجرمين وسّعَ المطالبات الموجهة إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لمعاقبةِ المنتخب التركي بأقسى العقوبات الممكنة، لدرجةِ المطالبة بإقصائِهِ من التصفيات، أو إلغاء استضافةِ تركيا لنهائي دوري الأبطال الأوروبي في حزيرانَ القادِم، حيثُ بدا أن تكرار هذه الحركة من اللاعبين جاء إما بضغطٍ وإما بتوجيهٍ من النظام التركي، ما يعني إقحاماً رسمياً للرياضة في الشأن السياسي.
هذه المطالبات تستند لحالاتٍ مماثلة قام فيها «الفيفا» بمعاقبةِ الاتحادات المحلية عند شكهِ بتدخلِ الحكومات في الشأن الرياضي، علماً أنها كانت حالات أقلَّ وطأة بكثيرٍ من حالة المنتخب التركي كما حدث مع المنتخب الكويتي، وبعضها الآخر يرتقي لفرضية التدخل بالشؤون الداخلية للدول كالتهديدات التي طالت الاتحاد الإيراني إن أصرت إيران على عدم السماح للمرأة بدخولِ الملاعب، وإن كان الاتحاد الدولي لكرة القدم أعلن رسمياً فتحَ تحقيقٍ والتلويح بإمكانية معاقبة المنتخب التركي، يبقى السؤال المنطقي: أين نحن من هذا الحدث؟
لماذا تركنا الفرنسي والأوروبي يستغل هذه القصة ويتاجِر بها لمصلحتهِ، بينما المعنيون بالشأن الرياضي في سورية لم نسمع لهم أي صوت؟
أين الصحافة الرياضية في سورية لماذا لم تتكلم عن هذا الحدث؟ مع التذكير هنا أن سورية عضو في الاتحاد الدولي لكرة القدم، والهجوم الذي حياهُ لاعبو المنتخب التركي كان هجوماً على الأراضي السورية والشهداء الذين ارتقوا سوريون، أي إننا نظرياً المعني الأول والأخير بمعاقبة هذا المنتخب فماذا ننتظر؟
هل فكرنا مثلاً بمراسلةِ «الفيفا» وباقي الاتحادات الوطنية المنضوية تحت لوائهِ للاحتجاج لديهِم، أو ممارسةَ نوعٍ من الضغط لوضعهم أمام التزاماتهم الأخلاقية إزاء تصرفٍ غير إنساني كهذا يوضح حقيقةِ الإجرام التركي وربطهِ باللعبة الشعبية الأولى في العالم؟ لا أعرف!
في الخلاصة: نحن مازلنا في خضمِ المعركة أمام العدو التركي، وفي المعارك عليكَ ألا تفوِّت أي فرصةٍ لتوجيهِ صفعة إلى عدوك، ولو بالرياضة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن