مدير هيئة الإشراف على التأمين لـ«الوطن»: نعمل على الحلول ولن تتأثر جودة الخدمات … مصارف عامة وخاصة ترفض قبول ودائع شركات تأمين.. وتوقعات بأن يكون على حساب التعويضات والجودة
| عبد الهادي شباط
علمت «الوطن» من مصادر مسؤولة في القطاع المالي الرسمي بأن عدداً من المصارف العامة والخاصة اعتذروا عن قبول ودائع لشركات التأمين، في حين تشدّدت بعض المصارف في شروط قبول الودائع، مثل حصر مدة الإيداع بفترات قصيرة.
رئيس قسم المصارف في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور علي كنعان بين لـ«الوطن» أن الخيارات أمام شركات التأمين سوف تكون محدودة لاستثمار أموالها التي رفضت المصارف إيداعها، وخاصة أن هيئة الإشراف على التأمين لا تسمح لهذه الشركات بالعمل في قطاع العقارات إلا بنسب محدودة.
ونوّه كنعان وهو عضو سابق في مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين، بأن الخيار الثاني أمام الشركات هو الاستثمار في سوق الأوراق المالية، وهي حالة صحية عالمياً، لكن مازالت شركات التأمين العاملة في السوق السورية لا تفضل هذا الخيار، وتفضل إيداع الأموال لدى المصارف مقابل فوائد ثابتة.
ورأى كنعان أنه لابد من مصرف سورية المركزي أن يتعامل مع شركات التأمين بالمستوى نفسه الذي يتعامل به مع المصارف، لجهة ضمان استمرار قبول المصارف العامة والخاصة لودائع هذه الشركات مقابل الفوائد المعمول بها.
وللتوسع أكثر حول الموضوع، التقت «الوطن» أحد المديرين العاملين في قطاع التأمين، ليفيد بأن نحو 80% من إجمالي أموال شركات التأمين يتم استثماراها على شكل ودائع لدى المصارف العامة والخاصة، في حين تصل نسبة الاستثمارات في القطاع العقاري لحدود 13%، وتذهب نحو 7% من هذه الأموال للاستثمار في سوق الأوراق المالية.
وأكد المدير أن توقف المصارف عن قبول الودائع يعني توقف أهم القنوات التي تعتمد عليها شركات التأمين لتشغيل أموالها، وهنا بيت القصيد، فكيف ستعوض هذه الشركات استثمار أموالها وتغطية نفقاتها؟
ورأى أن الخيار المرجح أمام هذه الشركات هو التوجه للضغط على إدارة المطالبات، وتقييد سداد التعويضات، الأمر الذي يسهم في اتساع هوامش التلاعب بتنفيذ عقود المؤمن لهم، وتراجع جودة الخدمة وتلبية التغطيات التي يحتاجها المؤمن لهم، وخاصة أن الكثير من شركات التأمين اتجه خلال السنوات الأخيرة للمضاربة السعرية عبر تكسير الأسعار للحصول على بعض أنواع العقود، خاصة مع الشركات والمؤسسات الكبيرة، ومثال على ذلك عقود التأمين الصحي.
وبين أن شدة المنافسة على مثل هذه العقود أدت إلى قبول الكثير منها بخسارة بيّنة، مثل قبول إحدى الشركات لعقد تأمين صحي خاسر على مدى سنوات، في حين وصلت بعض الشركات لقبول عقود تأمين صحي لا تغطي أكثر من 5 آلاف ليرة في حين الحد الأدنى لكلفة التغطية الصحية للمؤمن له لا تقل عن 10-12 ألف ليرة، وكانت تعول هذه الشركات على تعويض خساراتها عبر العديد من الخيارات، أهمها عبر الفوائد التي كانت تحصل عليها لقاء تشغيلها أموالها لدى المصارف، علماً بأن معظم شركات التأمين تتجه لإيداع أموالها لدى المصارف الخاصة، متوقعاً أن أكثر من 90% من هذه الأموال كانت تودع خلال السنوات الماضية لدى المصارف الخاصة.
وفي اتصال لـ«الوطن» مع مدير عام هيئة الإشراف على التأمين سامر العش لمعرفة رأي الهيئة حول المسألة، بين أن هناك العديد من الخيارات والحلول التي تعمل عليها الهيئة، وأهمها تعديل قرار الاستثمار الخاص بشركات التأمين، وهو من صلاحيات مجلس الإدارة، ويتم العمل على إنجازه وإصداره خلال أسابيع، في حين تم لحظ العديد من الحلول في مشروع قانون التأمين مثل إحداث شركات وصناديق خاصة لاستثمار أموال شركات التأمين، إضافة لإمكانية التوسع في الاستثمار في سوق الأوراق المالية.
وأكد أنه لن يكون هناك أي خيار على حساب جودة الخدمة المقدمة للمؤمن لهم ولن تسمح الهيئة بحصول مثل ذلك، وخاصة أن الهيئة تسعى لتطوير سوق التأمين وزيادة تنظيم القطاع، والأهم العمل على رفع جودة الخدمات المقدمة للمؤمن لهم وخاصة في التأمين الصحي الذي يمثل أولية لدى الحكومة، ويتم حالياً الكثير من العمل على تطويره.