ثقافة وفن

«رسالة سلام» من أوغاريت إلى العالم

| جورج إبراهيم شويط

في العام 1928 اصطدم محراث فلاح يدعى «محمود ملا» بحجارة ضخمة، تبين لاحقاً أنها سقف لمدفن أرضي. من هنا كانت ولادة مملكة أوغاريت، المكتشفة في منطقة رأس شمرا، التي تبعد عن اللاذقية 12 كم.
في ساحة قصر هذه المملكة، التي تعود لـ7000 عام قبل الميلاد، أقيم مهرجان أوغاريت الأول، الذي أطلقته وزارة السياحة بالتعاون مع محافظة اللاذقية، بمناسبة يوم السياحة العالمي، والذي يأتي ضمن عمل الوزارة، من خلال إطلاق مجموعة من المهرجانات، التي تحتفي بالمواقع السياحية الجاذبة في المحافظات، في إطار تنشيط السياحة ضمن فعاليات ثقافية وفنية. وتضمن المهرجان تقديم عمل مسرحي لفرقة تجمع القباني للفنون المسرحية بعنوان «رسالة سلام» وهو من إعداد وإخراج الفنان لؤي جميل شانا.
يقول المخرج شانا: اتكأنا في عملنا «رسالة سلام» على أسطورة أوغاريتية قديمة، مع إسقاط معاصر لها، والحدوتة تحكي أو تدور حول مجموعة فنية تتألف من مخرج وممثلين وفنيين، جاؤوا إلى مدينة أوغاريت، لإنجاز فيلم سينمائي أجنبي، لمنتج أجنبي، لكنهم اكتشفوا أنّ نية المنتج الأجنبي لم تكن سليمة، وتحاول تشويه الحضارة الأوغاريتية، كما هو حال كثير من أفلام هوليود، فيتيقظ المخرج وطاقم العمل، وهم سوريون، ويتصدون له، ويفشلون ما أراده من تشويه وقلب لحقائق التاريخ، من خلال تحويله رسالة السلام التي يؤمن بها الأوغاريتيون إلى رسالة للقتل والدم، التي أراد بثها ضمن الفيلم.
الديكور هو المكان الأثري ذاته، وهو من أصعب العروض المسرحية لكونه نفذ في موقع أثري، مع عدم وجود تقنيات فنية يحتاجها العمل.
واختتم العرض بنشيد السلام الأوغاريتي، الذي أعدّهُ الباحث الموسيقي زياد عجان، والذي أشار إلى أنّ هذا التدوين، الذي اكتشف مكتوباً على رقم أوغاريتي، قد وجد في القصر الملكي، وهو مكون من ثلاث كسرات، ويحتوي على أنشودة ابتهال من سطرين، وبعدها تدوين موسيقي، يعتمد على السلم السباعي الموسيقي، الذي عرفته حضارة أوغاريت، قبل فيثاغورث بـ900 عام، ليمثل العمل الموسيقي الأول في العالم.
وتضمن المهرجان مشاركة من فرقة رمال للمسرح الراقص بإشراف غيداء محمد، ومعهد «بداية طموح» الموسيقية، وفرقة كورال أوغاريت، من خلال تقديم مجموعة من الأغاني والرقصات التراثية.
مدير السياحة في اللاذقية المهندس ياسر دواي أشار إلى أنّ المديرية أطلقت هذا العام، العديدَ من المهرجانات، كمهرجان البسيط وجبلة وصلنفة، ومهرجان أوغاريت. لتكون هذه المهرجانات بمنزلة تأسيس لمهرجانات أكبر وأشمل، لأهميتها في الترويج والجذب السياحي، وكذلك لأنها جزء من السياحة الشعبية، التي تسمح للجمهور بحضور فعاليات ثقافية متنوعة ومن دون تكلفة.
الفنان القدير وديع ضاهر «وهو من الرعيل الأول للحركة الفنية في اللاذقية» أشار إلى أنه قدم شخصية الفلاح محمود ملا الذي من خلال محراثه كانت انطلاقة الشرارة الأولى لاكتشاف هذه المملكة العظيمة، إضافة إلى عرضه لمحة جميلة وموثقة عن أوغاريت، أوغاريت التي انطلقت منها أول رسالة سلام في العالم لبني البشر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن