نكون أو لا نكون فنحن في مرحلة حسّاسة … رئيس الحكومة للمحافظين: عليكم الخروج من بوتقة الموظف ومن يرَ أنه غير مؤهل فليخرج من مكانه
| هناء غانم
حمّل رئيس مجلس الوزراء عماد خميس المحافظين مسؤولية تقييم الوضع التنموي والاستثماري والخدمي الحالي لكل محافظة، وسبل تمكين البنية الاستثمارية لدى الوحدات الإدارية، مؤكداً أن المحافظ هو السلطة الأعلى المسؤولة عن النهوض بخطة التنمية، وذلك من خلال استثمار كل المكونات المادية والبشرية التي تعتبر مدخلاً للتنمية الاقتصادية في المحافظات.
جاء ذلك خلال لقاء رئيس الحكومة بالمحافظين وعدد من أعضاء الفريق الحكومي أمس، منوهاً أن المحافظ هو القوة الضاربة للنجاح، وهو المسؤول عن تأمين جميع الخدمات التي يحتاجها المواطنون من خلال التواصل المباشر معهم، وتمكين كل منشأة ومحل تجاري من تحريك الإنتاج، وأن المحافظ الناجح هو من «يشغّل الحكومة بمحافظته باعتباره رأس السلطة التنفيذية، وعليه تطوير البنية الاستثمارية والاقتصادية»، مبيناً أن المطلوب أكثر بكثير من الموجود حالياً، لافتاً إلى أهمية وجود إستراتيجية واضحة واستثمار الإمكانيات المتوفرة لدينا، وتوجيهها بالشكل الصحيح لتأمين الموارد، وإعادة المنشآت إلى العمل.
وحذّر رئيس الحكومة المحافظين قائلاً: «ليس مقبولاً اليوم من أي وزير أو محافظ أو أي جهة معنية العمل بالآلية نفسها التي كانت قبل الحرب، فنحن بحاجة إلى محافظ يمثل الحكومة كاملة، محافظ يكون على خط ساخن مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة والجهات الوصائية، وعليه أن يخرج من بوتقة الموظف، ومن ير نفسه غير مؤهل لذلك، فليخرج من مكانه، لأن المكان الذي يعمل فيه ليس ملكاً له، بل ملك للمواطن، خاصة أن المحافظ هو الجهة الأساسية المشرفة ميدانياً على تنفيذ الرؤية الحكومية في كل محافظة، ومسؤوليتهم النهوض بواقع المحافظات من خلال متابعة تنفيذ المشاريع التي أطلقتها الحكومة في كل محافظة».
وأضاف: «نحن بمرحلة حساسة إما نكون أو لا نكون يجب أن نكون بالإطار الناجح ولا خيار لدينا إلا النجاح».
وطلب رئيس الحكومة من المحافظين تشكيل فريق يضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص والاتحادات المهنية في كل محافظة للتواصل مع أصحاب المنشآت الخاصة ومعرفة واقع كل منشأة، ووضع خطة عمل وفق برنامج زمني واضح لإعادة كل منشأة وكل شبر أرض تضرر بفعل الإرهاب للعمل والإنتاج.
كما كلّف المحافظين بقاعدة بيانات تشمل كل المنشآت الحرفية والصناعية، ابتداء من الحرف الصغيرة، وصولاً إلى كبرى المعامل، وتحديد حاجة هذه المنشآت لتكون ضمن العملية الإنتاجية.
هذا وناقش رئيس مجلس الوزراء مع المحافظين عدة مواضيع متعلقة بتقييم الوضع التنموي والاستثماري الحالي في المحافظات من خلال واقع الأنشطة التجارية والصناعية، والإجراءات المتخذة لتسهيل عودة الحركة التجارية والصناعية للمحافظة، إضافة إلى تتبع نتائج العقود الاستثمارية لأملاك الوحدات الإدارية، وتقييمها من حيث بدلات الاستثمار أو الإيجار، وتأكيد معالجة ملفات الاستثمارات المتعثرة لدى الوحدات الإدارية، وتسوية وضعها بما يصب في المصلحة الوطنية العليا.
كما تم بحث سبل تمكين البنية الاستثمارية لدى الوحدات الإدارية سعياً إلى وضع خريطة للمشاريع التتموية التي يمكن تنفيذها وتمويلها من الوحدات، والمشاريع الاستثمارية التي يتم عرضها على المستثمرين من القطاع الخاص بهدف تعزيز الموارد الاستثمارية المستدامة لدى الوحدات، ومن ثم تصميم برامج استثمارية محلية، ولاسيما برامج للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والترويج للاستثمارات المحلية المتوفرة واقتراح مصادر التمويل لإطلاقها.
وبخصوص متابعة ملف أملاك الدولة، أكد رئيس الحكومة أنه لا يجوز أن «نفرط في حق الدولة»، مؤكداً أهمية الحفاظ على حقوق المواطنين، «وعلينا أن نعتبر أملاك مجالس المدن وكأنها ملك شخصي لجهة المحافظة عليها، ودمشق على رأس مجالس المدن التي لديها أملاك كثيرة، ولكنها لا تستثمر بالطريقة الصحيحة».
من جانبه، أكد وزير الإدارة المحلية حسين مخلوف شعار الحكومة «الإنتاج والتنمية»، بحيث تقترح كل محافظة مشاريع تنموية تقوم بتنفيذها، لافتاً إلى أن دعم الحكومة للوحدات الإدارية واضح من خلال ميزانيتها للعام القادم -2020- بما يشكل نقلة نوعية في عمل الإدارة المحلية، باعتبارها المرة الأولى التي تدخل فيها الوحدات الإدارية على المشاريع التنموية التي تستنهض من خلالها القطاع الخاص لإعادة كل منشأة إلى العمل.
بدوره، أكد وزير المالية مأمون حمدان أن الوحدات الإدارية في كل دول العالم هي المورد الأساس للخزينة العامة للدولة، ولابد من إعادة النظر في ممتلكات الدولة، إضافة لتحفيز القطاع الخاص، لافتاً إلى أن الإدارة الضريبية تعمل وفق الأنظمة والقوانين، ولابد من تقديم الدعم الكامل له.
وأشار حمدان إلى أهمية التأكيد بأن هناك اقتصاد ظل فيه ظلم كبير لاقتصادنا الوطني، إضافة إلى موضوع التهريب.
في حين بين وزير الاقتصاد سامر الخليل أن المحافظ هو الجهة الوحيدة التي تعرف ماذا تحتاج محافظته من استثمارات، وأكد وزير السياحة رامي مارتيني على أهمية التركيز على الاستثمارات، ولاسيما أنه تم تصويب نحو 14 مشروعاً مهماً من أصل 21 مشروعاً، و3 منها قيد المعالجة.
وزيرة الدولة لشؤون الاستثمار وفيقة حسني بيّنت أنه يجب على كل محافظة متابعة موضوع إعادة تقييم أملاك الدولة، لأن المحافظ هو عين الحكومة في المحافظة، خاصة أن هناك محافظات لديها أملاك وأراضٍ الوزير لا يعلم بها، وهناك إيجارات للدونم بمبلغ 100 ليرة سورية فقط، لذلك لابد من تصويب هذا الخلل.
أما الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء قيس خضر، فأكد على ضرورة أن يكون هناك تعاون مع القطاع الخاص من خلال المشاريع الكبيرة، لافتاً إلى أنه من المفترض أن يكون هناك مشروع اقتصادي رائد ونوعي في كل محافظة مطروحاً للاستثمار مع القطاع الخاص.
حديث المحافظين
طالب محافظ حمص طلال البرازي بتسهيل الإجراءات للاستثمار، وأكد أن القطاع الخاص هو شريك أساسي للاستثمار، وهناك دائماً أخذ وردّ حول موضوع التسهيلات والإجراءات.
كما طالب بضرورة إشراك المحافظ في كل شيء، لأن هناك خللاً في مفهوم المركزية واللامركزية.
بدوره، بين محافظ ريف دمشق علاء منير إبراهيم أن هناك مشاريع مهمة في المحافظة تم طرحها للاستثمار، منها مشروع معالجة النفايات وتدويرها، ومشاريع طاقة شمسية وأخرى في الزراعة والصناعة والسياحة والمشتقات النفطية.. وغيرها، مؤكداً أن لدى المحافظة خطة طموحة في السياحة.
أما محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى، فبين أن هناك جملة من المشاريع تعمل عليها المحافظة لتكون العاصمة التجارية، مطالباً بإقامة مطار في طرطوس، مع التركيز على أهمية تسويق الحمضيات والزيتون، كل ذلك بالتشاركية مع القطاع الخاص.
وتحدث محافظ دمشق عادل العلبي عن الأملاك التابعة للمحافظة المؤجرة للقطاع الخاص، إذ تمت إعادة النظر في بدلات إيجارها للتوافق مع قيمها الحقيقية.
وفي تصريح للصحفيين أشار محافظ درعا محمد خالد الهنوس إلى أنه تم التركيز على إنشاء مدينة صناعية زراعية في درعا، والمشاريع الإستراتيجية التي يمكن أن يتم العمل عليها في المستقبل، وتأكيد أهمية التشاركية مع القطاع الخاص في مشاريع استثمارية جديدة تعود بالفائدة على الطرفين.
ولفت محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم إلى أنه تم عرض المشاريع التنموية التي تمت المباشرة بها في الوحدات الإدارية في المحافظة والمشاريع التي أصبحت قيد الإنتاج، إضافة للرؤية في التوسع بالمشاريع المتوسطة والصغيرة خلال المرحلة القادمة بما ينعكس إيجابا على المواطنين مؤكدا أهمية الاستفادة من كل المنتجات في المحافظة.
وأوضح محافظ السويداء عامر العشي أنه تم وضع خريطة تنموية على مساحة المحافظة تضم مشاريع صغيرة ومتوسطة لتأمين إيرادات للوحدات الإدارية وتوفير فرص عمل، إضافة لمشاريع كبرى لطرحها على القطاع الخاص للمشاركة مع الوحدات الإدارية بما يحقق التنمية والفائدة المشتركة.
وأشار محافظ القنيطرة همام دبيات إلى أن الاستثمار يتجه نحو الأفضل في المحافظة، وسيتم متابعة ودعم المشاريع المتعثرة، إذ إن القطاع الخاص شريك أساسي في عملية التنمية ودعم الاقتصاد الوطني لافتاً إلى ضرورة أن تكون الوحدات الإدارية قادرة على تأمين إيرادات لها لتقديم خدمات جيدة للمواطنين.
من جانبه، أشار نائب رئيس المكتب التنفيذي لمحافظة الرقة عبيد الحسن إلى الدعم الحكومي لريف الرقة المحرر لجهة توفير خدمات البنى التحتية كالكهرباء والمياه والزراعة وغيرها، مبيناً أنه تم إنفاق أكثر من 6 مليارات ليرة هذا العام على هذه الخدمات.
نتائج
خلص الاجتماع إلى تحديد المهام التنموية للوحدات الإدارية خلال المرحلة القادمة لجهة تطوير البنية الاستثمارية والاقتصادية في المحافظات، ودعم الجهود الحكومية لتوسيع قاعدة المشاريع المتوسطة والصغيرة ووضع برنامج عمل للعام القادم يركز على تحقيق خطوات إستراتيجية في استنهاض الموارد الاقتصادية والبشرية للمحافظات واستثمارها بالشكل الأمثل.
وتم تخصيص 10 مليارات ليرة إضافية لمصلحة المجالس المحلية في المحافظات للعام القادم لإقامة حزمة مشاريع تنموية بعد تقديم الجدوى الاقتصادية لها، وتحديد المدد الزمنية لإنجازها وضوابط الالتزام بها، وتم تشكيل لجنة متابعة من وزراء الإدارة المحلية والبيئة والاقتصاد والسياحة ووزيرة الدولة لشؤون الاستثمار ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي لوضع معايير وأسس منح الاعتمادات اللازمة للمشاريع المقترحة بما يراعي الأولويات التنموية لكل محافظة.
وكلف المحافظين بتقديم حزمة مشاريع متوسطة وصغيرة مقترحة على مستوى كل محافظة تراعي المقدرات التي تتمتع بها كل محافظة، وتفتح المجال لإقامة سلسة مشاريع مستقبلية والجدوى الاقتصادية من إقامتها وآلية انعكاساتها على تنمية الموارد المحلية وتوليد فرص عمل، ليصار إلى دراستها ووضعها موضع التنفيذ، وتوسيع قاعدة الاستثمارات الخاصة التابعة للوحدات الإدارية وتوظيف عائداتها في تحسين الواقع الخدمي والتنموي للمحافظات خلال العام القادم، على التوازي مع متابعة مشاريع الوحدات الإدارية المنفذة من القطاع الخاص وتذليل العوائق التي تعترض إنجازها وتقديم التسهيلات والمحفزات اللازمة لها لتنفيذها وفق المدد الزمنية المحددة والمباشرة بمشاريع جديدة.
وتم تشكيل لجنة مركزية برئاسة وزير السياحة وعضوية محافظي حمص والقنيطرة ومعاون وزير الإدارة المحلية ورئيس هيئة الاستثمار لدراسة ملف المشاريع المتعثرة التابعة للقطاع الخاص في المحافظات، والخطوات الإسعافية وآلية الدعم الواجب تقديمها لإعادة إقلاع هذه المشاريع ووضعها بالخدمة في القريب العاجل، وذلك بعد قيام الوحدات الإدارية بجمع البيانات الدقيقة حول أعداد هذه المشاريع في كل محافظة ونسب الإنجاز التي وصلت إليها والمعوقات الأساسية التي تواجهها.