من دفتر الوطن

إدارة الأزمات بالصمت

| عبد الفتاح العوض

في مأثورنا دوماً الصمت فضيلة، لكنه أبداً في حال الأزمات لا يعبر عن أي فضيلة وخاصة إذا كانت هذه الأزمات ضاغطة وتمس حياة الجميع.
أي مقاربة لموضوع ارتفاع سعر الدولار وانخفاض الليرة لا تأخذ بعين الاعتبار كل ما يجري في المنطقة، ليست مقاربة منصفة، وكذلك أي مقاربة لهذا الموضوع على أنه قدر لا مفر منه أيضاً مقاربة ليست صحيحة أبداً.
كل من يظن أن الحكومة مسؤولة عن كل شيء في هذا الموضوع ليس منصفاً لكن كل من يبرئ الحكومة أو أي حكومة من إدارة مشكلات الناس أيضاً ليس إلا «بوقاً»!؟
لم توجد الحكومات إلا لغاية حل مشاكل مواطنيها.. وليس من المنطقي الآن الصمت وعدم مخاطبة الناس بالحقائق حتى لو كانت هذه الحقائق مؤلمة وهي فعلاً قد تكون مؤلمة جداً.
الجانب الذي يخشاه المسؤولون من التصريحات التي تخاطب الناس هو تعرضهم للنقد والنقد الجارح في كثير من الأحيان، فالمواطن بالنتيجة ليس مطلوباً منه أن يكون مدركاً لقضايا السياسة والاقتصاد وعلم الاجتماع هو يريد ببساطة حاجاته الأساسية بأيسر طريقة ممكنة لكنه في الواقع ليس هذا ما يحصل عليه.
التفهم الشعبي لا يأتي من الصمت أبداً.. بل المواطن عندما يرى أن مسؤوليه لا يتحدثون إليه عن وعود على الأقل بحل مشكلاته أو طمأنته على قادم الأيام فإنه يفسر ذلك بعدة تفسيرات، أقلها أنها غير مهتمين بمشكلاته وأسوؤها أنهم عاجزون عن حل أزماته.
وفي كلا الأمرين لن يكون ذلك صحيحاً، وهو الرسالة التي لا ينبغي أن يتسلمها مواطن من حكومته.
المؤسي أيضاً أن وعوداً قطعها المسؤولون على فترات ممتدة على عدة سنوات سواء كانت هذه الوعود تنطلق بما يعبر عنه المسؤولون «تحسين مستوى معيشة المواطن» أو بخفض الأسعار أو بخفض الدولار، أو بتوفر السلع.. أو.. أو..
وكثيرة هي الوعود التي تم وعد المواطن بها لكنه وجد دوماً أن العكس هو الذي يحدث.
من العدل أيضاً القول إن الحكومة وحدها لا تتحمل المسؤولية بإدارة الأزمات وأزمة الدولار على وجه الخصوص لها علاقة برجال أعمال سورية، وكثير أيضاً من المواطنين الذين ذهبوا بأموالهم إلى المصارف اللبنانية وغير اللبنانية، ورغم التحذيرات المباشرة التي وصلت إلى رجال الأعمال بأن لبنان مقبل على أزمة مالية صعبة إلا أن أحداً منهم لم يبادر إلى سحب أمواله، والحجة أن المصارف السورية ليست آمنة، فالحجز ممكن في أي لحظة ولأي سبب والعوائد ليست مجزية وغير ذلك مما يقال ومما لا يقال.
حسناً الآن نحن في أزمة.. ألا يوجد حل؟!
لا يمكن أبداً القول بذلك وهناك مجموعة من الأفكار التي يتداولها اقتصاديون وخبراء ولديهم من المكانة ما تؤهلهم لطرح هذه الأفكار وعلى الحاكم وغيره من المسؤولين الاقتصاديين أن يختاروا ويناقشوا أو أن يقدموا حلهم المناسب، فهذا على الأقل مسؤوليتهم.
آخر تقرير اقتصادي للمركزي يتحدث عن «استقرار» سعر الصرف وعن اقتصاد
أميركا وروسيا ومصر..!
الصمت ليس حلاً.. ولسان حال المواطن يقول لمسؤوليه ورجال أعماله: نحن بخير طمئنونا عنكم!

أقوال:
– أفضل الحقيقة المرة عن الكذبة الحلوة فالحقيقة تشفي الأذى الذي تسببت به.
– الصمت هو باقة أحاديث كثيرة لا يعرف اللسان كيف ينطقها سوياً.
– الصمت تأتأة ثرثارة بين عناصر لا تتقن الكلام.
– عندما لا أستطيع أن أعالج الأزمات التي أصادفها فإنني أدعها تعالج نفسها بنفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن