ثقافة وفن

بحجة الاستعراض.. العري يجتاح المسارح العربية … التقليد عن الغرب.. وبأن نكون نسخة.. هل سنحقق الاستقطاب الأوسع؟

| سوسن صيداوي

في الأمور التي تثير الجدل، هناك أشخاص يسعون لها بأن يكونوا رواداً أو أصحاب شهرة في هذه الأماكن التي تستفزّ الآراء، عبر تصرفاتهم غير المنطقية وغير المعتادة. وبالطبع عند اللامألوف، نحن نخرج عن حفيظتنا، بل البعض منا يسخط ولا يمكنه استيعاب الحريات هذا إن كانت غير مؤذية، ولكن عندما يكون الخروج عن المألوف سعياً وتماشياً مع الفكر الأجنبي وعقليته وأسلوبه ابتداء من الحياة وانتهاء بالاستعراض موضوع البحث، فهنا- أظن- أنه علينا ألا نقتديّ بهم، فالتغيير يجب أن يكون بداية في جوهرنا وعقيلتنا وكلّيتنا التي اعتدنا عليها، وكي لا أطيل في الشرح سأدخل بالموضوع، لماذا يقتدي نجومنا من المغنين العرب بالغرب في عروضهم المسرحية، عبر ارتداء أزياء تكشف الأجساد، ونحن بعروبتنا من أصحاب المحافظة عقلاً وشرفاً وجسداً؟ بالنسبة لي، الأمر عادي ولم استهجنه لأن الرقص والحركة يحتاجان إلى ملابس وأزياء خفيفة ومريحة، ولكن ما دفعني إلى طرح هذا الموضوع هو الفوضى الإعلامية التي ضجت بها المواقع والمحطات والقنوات، إثر حفل الفنان محمد رمضان الأخير، هذه الفكرة أثارت لديّ أسئلة كثيرة ومنها: هل أصبحنا اليوم بحاجة إلى عقيلة جديدة؟ هل سنبقى مكبّ نفايات الغرب؟ هل نحن غير قادرين على الخلق والإبداع في حالاتنا الخاصة؟ سأترككم مع عرض لأمثلة في الوسط الفني وبإطلالاتهم ولكم أنتم القرار أو الإجابة عن الأسئلة السابقة.

محمد رمضان يتشبّه بمايكل جاكسون

«الأسطورة» هو لقب الفنان محمد رمضان، الذي يكتسح اليوم الأخبار وحتى تتهافت عليه العروض سواء التمثيلية أو الغنائية، الشهرة اللامحدودة محلياً في مصر وعربياً في الدول كلّها وحتى في العالم عند الجاليات، مما لاشك فيه يستحقها لكون موهبته والكاريزما التي يمتلكهما مع ذكائه في التسويق لنفسه ضمن زوبعة العصرنة، في اللهاث الدائم نحو التجدد والتفرد، مكنتاه من احتلال مرتبة مهمة عند الشباب. لكنه الفنان الأكثر إثارة للجدل سواء في موضوعاته المطروحة أم طريقة التسويق لنفسه في العروض المسرحية والفيديو كليبات، فقد وُجهت إليه الانتقادات لكونه يجنح نحو العري أمام الجمهور، سواء باختياره للأزياء التي يرتديها، أم في خلعها على الخشبة، ما أثار حفيظة الجمهور ومتابعيه وحتى النقاد لأن تصرفاته وأزياءه تخالف تقاليد وعادات المجتمع المصري، ولا تتفق مع قيمه المجتمعية. وحتى تصرفاته دفعت المحامي المصري سمير صبري للتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الفنان محمد رمضان بسبب ظهوره بتلك الأزياء. وقد صرح الفنان المصري هاني شاكر-نقيب المهن الموسيقية في مصر- وخصوصاً بعد عدة حفلات أقامها الفنان في مصر بأن النقابة أعطت الفنان محمد رمضان تصريحاً لكي يغنى وليس ليخلع ثيابه. أما عن حفل رمضان الأخير بالرياض ففي الحقيقة هو لم يقم بخلع ملابسه كما اعتاد أن يفعل في معظم عروضه، على حين اكتفى بارتداء جاكيتات عارية الصدر.
بقي لكم منا أن نعرض وجهة نظر الفنان محمد رمضان فيما يقدمه من استعراضات في ملابسه الغريبة والتي تعتمد في تكوينها على سلاسل الذهب والفرو والجلد وغيره، كان رمضان قد صرح سابقا أن ما يقدمه يشبه عروض ملك البوب الراحل مايكل جاكسون وحتى الفنانة شيريهان في الفوازير، بقوله: «الملابس التي أرتديها أثناء الحفل ما هي إلا ملابس تتناسب مع الأجواء الاحتفالية وهذا ما كان يقوم به مايكل جاكسون، وأيضاً الفنانة الكبيرة شريهان التي كانت ترتدي ملابس غريبة أثناء تقديمها الفوازير، وذلك كان من أجل العرض الذي يتطلب من الفنان ارتداء ملابس غير تقليدية».

الهضبة.. عمرو دياب

عندما ظهر عمرو دياب وصعد المسرح وغنى في الثمانينيات، كسر الصورة النمطية التي اعتاد عليها الجمهور العربي في تلك الآونة من الزمن، فالكل في ذهنه صورة راسخة لمغنين أمثال العندليب عبد الحليم حافظ بارتدائه البدلة الرسمية مع ربطة العنق، والوقوف الثابت على خشبة المسرح. ولكن هناك جاء عمرو دياب الشاب، ليكسر القواعد، مخالفا المألوف ليبسط الحضور على المسرح عبر ثياب لا تشبهنا، بل وأصبحت موضة للشباب. نعم عمرو دياب لم يجنح نحو العري واللامنطقي فيما هو معتاد من حشمة – إلى حدّ ما- وذهنية محافظة في الشرق، ولكنه جنح في أزيائه واختياراته الغريبة، ابتداء من تسريحة الشعر وانتهاء بالحذاء الذي يرتديه رغم كمّ الانتقادات والهجوم عليه بحسب حالة الظهور في حفلاته أو في صور غلاف ألبومه الجديد. إذاً، دياب هو أول فنان عربي تجرأ وصعد المسرح ليحيي حفله مرتدياً بدلة رياضية، بل هو أول من بسط الحضور والحركة على المسرح بقراره الذي لم يخش شيئاً فيه عبر ارتداء «الشورت». وهو أول من ذهب في الغرابة عندما ارتدى بدلة رسمية مع ربطة عنق وحذاء رياضي، لتصبح موضة عند العرب. كما أثار ضجة كبيرة حين ظهر في فيديو كليب «الليلة» مرتدياً بدلة رسمية مع الـ«شبشب». ولكن الهجوم الأكبر والنقمة التي حلّت عليه كانت عندما ظهر مرتدياً «الجينز الساقط» على غلاف ألبومه «وياه» والذي أظهر خلاله جزءاً من ملابسه الداخلية. هذا وتعرض للّوم عندما نشر غلاف ألبومه «الليلة دي» وهو عاري الصدر. وأخيراً في إطلالته الأخيرة بحفله بقرية «غزالة» بالساحل الشمالي بمصر، كان أثار إعجاباً وجدلاً في الوقت نفسه، عندما ارتدى دياب شروالاً أسود مصنوعاً من القطن الخالص، و«التيشرت» الأبيض الطويل. حيث غرّد المتابعون على تويتر مشبهين سرواله بالملابس الداخلية لأهل الريف في مصر، على حين دافع جمهوره عن إطلالة عمرو دياب، مشيرين إلى أن «الشروال» من ماركة «XCONCEPT» اليونانية الشهيرة وسعره 144 يورو، أما التيشرت فسعره 64 يورو.
وأخيراً اختار «الهضبة»، دياب إطلالته تماشياً مع الموضة العالمية، والذي هو من أكثر النجوم اتباعا لها وأيقونة مهمة في نشرها بين الشباب العربي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن