ثقافة وفن

من أكثر غيرة.. المرأة أم الرجل؟

| د. رحيم هادي الشمخي

إذا تابعنا معاً الغيرة، فإننا نرى أن غيرة النساء أكثر وضوحاً وأكثر حدوثاً، لأن المرأة تفجر بغيرتها الدنيا كلها، أما الرجل فإن غيرته دائماً في طي الكتمان، وإذا تأكد من ظنونه وشكوكه فإنه يترك الجمل بما حمل.
ولقد لجأت إلى (نانسي فريداي) الكاتبة الفرنسية الشهيرة في كتابها عن (الغيرة) لأعرف جواب هذا السؤال الحائر، من أكثر غيرة، المرأة أم الرجل؟

تقول نانسي فريداي: إن الرجل يغار مثل المرأة، ولكن إحساس المرأة بالغيرة أكثر اشتعالاً وأكثر تعبيراً وأكثر صراخاً، وعندما يقع الرجل في الحب فإن قلبه هو الضحية، أما عندما تحب المرأة فإنها تضحي بكل ذاتها وبكل كيانها، ومن هنا فإن الغيرة بالنسبة للمرأة إحساس قاتل يمسّ كيانها كله ويهزه من جذوره، وعندما تأكلها نيران الغيرة فإنها تشعر عندئذ أنها فقدت ذاتها، بل إنها في أوقات كثيرة تقف عاجزة مشلولة لا ترى ماذا تقول؟.
وما يزيد من لهيب الغيرة عند المرأة أنها تعرف تماماً أن الرجل لديه الكثير من الخيارات والبدائل، وأنه أكثر منها قدرة على الحركة، وتقول مؤلفة كتاب الغيرة: «إن النساء هن الجنس الذي ينتظر دائماً حتى يأتي الحب والزواج، فالرجال هم الأقدام التي تمشي عليها النساء»، ولهذا فإن الرجل في تصوري يستطيع الذهاب إلى أي موقف وإلى أي مدى من دون خوف، وهو واثق في أنه يستطيع أن يبدأ من جديد، والمرأة قد تكون غيرتها على غير أساس واقعي أو مجرد خيالات وأوهام أو إشاعات، أما الرجل فإنه من غير المحتمل أن يرى أمامه غريماً، لا وجود له بالمرة، وهو في الوقت نفسه مشغول أكثر بأعماله وجمع المال، على حين تكون المرأة متفرغة تماماً للرجل، ومن هنا فإن غيرتها عليه لها ما يبررها، ولديها الوقت لكي تغار، ولكي تجد ما تغار عليه، والرجال –عادة- يغارون مثل النساء ولكنهم يشعرون أنه ليس من الرجولة الحديث في موضوع الغيرة، والرجال عادة أكثر قدرة على إخفاء أعمق مشاعرهم، ومن أجل ذلك فإن النساء يتهمن الرجال عندئذ باللامبالاة، بل بالبلادة أحياناً.
وأخيراً فإن المرأة في غيرتها لا تنتقم من الرجل وحده ولكن تنتقم أيضاً من المرأة التي سببت لها كل هذه الآلام، على حين ينسحب الرجل من حياة المرأة في هدوء أو بصفعة أو صفعتين، إذا كان يحبها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن