ثقافة وفن

أطفال اليوم.. والعوالم الأخرى

| د. رحيم هادي الشمخي

تحرروا أيها الكتّاب والرسامون، وفكّروا خارج الصندوق، فلم يعد أطفال اليوم هم أطفال الأمس، أطفال اليوم انفتحوا على عوالم أخرى، ورأوا وسمعوا ما عند الآخرين، ولا يحيرهم أو يلفت انتباههم ما كنا نكتبه سابقاً، لابدّ من أن يتطوّر الكتّاب والرسامون ويحرروا عقولهم وخيالهم لينطلقوا في عوالم جديدة ويفتحوا أبواباً جديدة يمكن أن يقبل عليها صغارنا، وأقرب مثال على التحرر الذي أقصده ما قامت به الكاتبة (هاري بوتر)، فقد استطاعت أن تخلق عوالم جديدة بعيدة، بعيدة عن الواقع ويتصارع فيها الخير والشر لتكون الغلبة في الآخر للخير، وفي غضون سبع سنوات أمسكت هذه السلسلة القصصية بأنفاس ملايين الأطفال والكبار ليس في أوروبا وحسب بل في العالم.
فيما لم يكتب بعد تكاد تغيب الفكاهة في أدب الأطفال العربي، فقليل من الكتاب من يوصفها فيما يكتب، والمقصود بالفكاهة ما يدعو إلى الضحك، فيضحك الطفل ويستمتع وهو لا يشعر أنه يتلقى أفكاراً وقيماً، وأطفالنا بحاجة ماسة إلى أن يضحكوا ويستمتعوا وهم يقرؤون الأدب ويمكن أن تدخل الفكاهة في قصص الحياة اليومية، أو في القصص المستمدة من التراث القديم الشعبي، والمبدع لا تعجزه الحيلة في ابتكار شخصيات فكاهية.. ثم أين قصص (الأعلام) فهذا تاريخنا القديم والجديد مملوء بالشخصيات الملهمة التي يمكن أن تكون موضوعاً لأدب الأطفال، إذ يستطيع الأدباء أن يبعثوا تلك الشخصيات من جديد بالكتابة عنها، لابدّ من أن نقدم أعلامنا رجالاً ونساءً بطريقة جذابة تتناسب مع المرحلة العمرية التي نقصدها، أما قصص الخيال العلمي فهي توظف العلم والقوانين والافتراضات العلمية في سبيل خلق عالم خيال علمي مستقبلي يتصارع فيه الخير والشر، فالطفل العربي يستمتع بقراءة قصة، وفي الوقت نفسه ينفتح عقله على العلم ونظرياته ويسيح خياله في عوالم جديدة متخيلة تدفعه للتفكير والتأهل، وهذا النوع الأدبي على أهميته قليل فيما يقدم لأطفالنا، وقد غاب بعض الأنواع الأدبية وأحياناً ينعدم في الإنتاج الموجّه للأطفال، ولا نجد إلا الأعمال المترجمة من ثقافات أخرى التي قد تكون بعيدة جداً عن ثقافة أطفالنا، لذا فعلى المبدعين العرب الالتفات إلى هذا النوع والكتابة فيه بموضوعات تتناسب مع هذه المرحلة، وإذا تناولنا لغتنا العربية فهي الوسيط الأساسي ، يعبر فيه الأدب شعراً أو نثراً إلى عقول وقلوب أطفالنا، وهي أحد أسرار انجذاب الأطفال للعمل الأدبي أو انصرافهم عنه، ومن العجيب أن يهملها كثير ممن يكتبون للأطفال، ولا يبذلون جهداً يذكر في مراجعتها وتنقيحها، ويغيب الجرس اللفظي والإيقاع الموسيقي في لغة النصوص الطفلية خاصة تلك الموجهة لفئات عمرية صغيرة يجذبها التلاعب باللغة، ويطربها الإيقاع أياً كان مصدره، وكاتب الأطفال بحاجة ماسّة إلى تدريب اللغة وتطويعها لتتناسب مع ذوق الأطفال، والطفل العربي يحب الألغاز فما هو السر في نجاح قصص الألغاز كالقصص البوليسية والقصص الدرامية الصغيرة؟ فهل يعي ذلك المهتمون؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن