ثقافة وفن

«بروكار» الصناعة الدمشقية الأشهر في عرض درامي … سمير هزيم لـ«الوطن»: العمل يحاكي العصر في الصراعات التي تحدث بين مستويات مختلفة

| سارة سلامة

يشرع المخرج محمد زهير رجب في تصوير المسلسل الشامي «بروكار»، وهو من تأليف سمير هزيم.
ليكون العمل أول إنتاج للبيئة الشامية في موسم الدراما السورية 2020، وهو شامي بيئي بوليسي رومانسي تدور أحداثه في عهد حكومة المديرين عام 1942 خلال فترة الاحتلال الفرنسي لسورية، ويتحدث عن صناعة البروكار خلال تلك الفترة، ومحاولة أحد المهندسين الفرنسيين سرقة هذه الصناعة. كما سيتناول العمل دور المرأة السورية في مواجهة الاحتلال الفرنسي، إضافة إلى قصص شائقة تتعلق بجريمة قتل تقع في الحارة، وما ينتج عن ذلك من أحداث مثيرة.

ويبتعد العمل بحسب مؤلفه عن خصائص البيئة الشامية إن كان في اللهجة والمصطلحات أو حتى المهن ودور المرأة، فهنا حارة مختلفة تقص حكايات لها علاقة بطبيعة المرحلة مع كثير من المنطقية مسلطةً الضوء على صناعة البروكار التي تختص فيها مدينة دمشق والمعاناة التي كان يتكبدها الناس في الحفاظ على هذه الصناعة وحمايتها من السرقة. وتشتبك خيوط العمل في إحدى حارات دمشق القديمة حيث مشغل البروكار ومشغل تفصيل فساتين وكوفرات من الأغباني والدامسكو.
في تلك الحارة زعيمان مختلفان في السلوك ولكنهما يلتقيان في مشغل البروكار لتستمر الأحداث بشكل شائق كما نجدهما بعلاقة ندية مع الفرنسيين وتنشأ حالة صراع تتشابك من دون الخضوع لأي نوع من الهدن.
ويشارك في بطولة العمل مجموعة من الممثلين، وهم: سعد مينة، وسلمى المصري، ومها المصري، وعبد الهادي الصباغ، وزهير رمضان، وسليم صبري، وقاسم ملحو، وعلاء قاسم، ورنا الأبيض، ويزن خليل، وزينة بارافي وآخرون.

حكاية شائقة

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بيَّن الكاتب سمير هزيم: أن «العمل يضيء على أهم الصناعات الدمشقية وأميزها عالمياً حيث لا يوجد هذا القماش إلا في دمشق، ولها من العمر أكثر من ألفي عام، كما يضيء على ما تعرضت له هذه الصناعة من انتكاسة كبيرة تسبب فيها أحد المهندسين الفرنسيين الذي حاول سرقة رسومها وطريقة فرز الخيوط، وتسمية المسلسل (بروكار) هي تسمية لصيقة بالعمل».

الجديد في هذا العمل الإضاءة على صنعة البروكار وتضمينه حكاية شائقة نتيجة ما يحدث في موقع الحدث الرئيس وهو المشغل الذي تعمل به بنات الحارة الشامية بحيث تقع جريمة غامضة لا يعرف أحد مرتكبيها، أما عن الجديد الذي سيتناوله العمل فيقول هزيم: إن «العمل ابتعد كثيراً عن الأعمال التي اعتاد المتلقي مشاهدتها من توثيق للعادات الشامية والداية وحمام السوق والتركيز على المأكولات والمآتم والأفراح والعكيد والقبضايات وبعض التعابير الشامية مثل (تشكل آسي وتمشي على قبري وتتحورق) نراها غائبة كلياً في (بروكار)».

ويحمل العمل نظرة واقعية للمرأة الدمشقية في فترة الأربعينيات فنراها: «طبيبة وعاملة ومثقفة، ومحبة للفن التشكيلي من خلال عملها في الرسم، وتصميم الألبسة وفساتين البروكار».

وعن الشخصيات ورسمها وإسقاطاتها قال هزيم: «كثير من الأحداث تشهد صراع الكبار ويتجسد ذلك في صراع الأتباع، على حين يلتقي الكبار في كثير من المناسبات، ونرى الحكواتي والحكايات التي تفتح حواراً وجدلاً عميقاً قد يصل إلى المشاهد، على سبيل المثال أسطورة شمشوم وهل كانت دليلة خائنة أم شخصية وطنية، وسيحاكي العصر الحالي في طبيعة الصراعات التي تحدث بين مستويات مختلفة من شرائح المجتمع».

كما يحمل العمل خطاً رومنسياً: «سنشهد قصة حب عميقة أشبه بروميو وجولييت، وخط آخر بدور (الهمشري) الذي يجسده سعد مينة الذي يوضح لنا أن الثورة ضد المحتل لا يمكن أن تؤتي أكلها في الحالات الفردية ويمكن أن تكون عواقبها وخيمة، ويحمل العمل جانباً له علاقة بالجريمة أو الجناية ولكنه ليس بوليسياً بالمطلق حيث يوضح هزيم: إن «العمل يحمل خطاً له علاقة بالجريمة وتتبع موقع الحدث والملاحقة وإجراءات الخبرة القانونية وملاحقة الفاعلين أو محاولة التعرف على منفذ الجريمة حسب وصف الجهة الحاكمة آنذاك».

وبالنسبة لشخوص العمل قال هزيم: «بداية يجسد سعد مينة دور (الهمشري) صياد الحيوانات والفرنسيين، هو شخص مظلوم من شقيقه عزمي بيك، وتجسد نادين خوري دور الدكتورة أنطوانيت وتكون نموذجاً حياً للمرأة المثقفة التي تدوس على شهادة الطب عندما يساومها المحتل الفرنسي بين شهادتها ومواقفها، ويقوم قاسم ملحو بدور هنائي الثري الذي يخرج عن سياق الحارة ووجهائها ويسيطر على الحارة بالدعم الخارجي، أما يزن خليل فيقوم بدور عصمت ابن تاجر خيط الفضة طالب الطب الذي يتعرض لمحاربة من أحد الأطباء ويقف في وجه تخرجه وهو العاشق الذي يعيش علاقة حب متميزة مع بثينة، التي تؤدي شخصيتها زينة بارافي ابنة تاجر خيط الذهب الذي يدخل في صناعة (البروكار)، وهي بطلة العمل الفتاة الرقيقة الجميلة ذات الشخصية القوية التي تدافع عن أمها بشراسة وتقلب مفاهيم الحارة رأساً على عقب، وتقيم علاقة حب قوية مع عصمت، أيضاً عبد الهادي الصباغ يجسد دور تاجر خيط الذهب كبير وجهاء الحارة أبو النور، وسلمى المصري أم النور تتعرض لإشاعة كبيرة تزلزل كيان منزلها، وزهير رمضان بدور عزمي بيك ومها المصري زوجته».

وهناك أدوار أخرى تكميلية مثل: «وائل زيدان بدور نهري، ومعن عبد الحق بدور النمرود، وهما لصان في الحارة، وعلاء قاسم بدور طاووس (البودي جارد) لـ«أبو النور»، وزامل الزامل (البودي جارد) لعزمي بيك، حيث يكون خلاف عزمي وأبو النور متجسداً في صراع هاتين الشخصيتين، ورنا أبيض بدور فريال مديرة المشغل وهي فتاة أوشكت على العنوسة ويقف في وجه زواجها أخوها أبو حسن سليم صبري صاحب نول (البروكار) خوفاً أن تترك فريال العمل إذا تزوجت، وأسامة السيد يوسف بدور ياسين الفوال الذي يعشق فريال».

وعن دخوله عالم كتابة السيناريو للمرة الأولى يقول هزيم: إن «هذا العمل الطويل الأول بالنسبة لي مع أنه كان مقرراً أن أصور عملاً معاصراً، وكنت قبل عامين في أميركا كاتب قصة وعدد قرائي على الحوار المتمدن قارب الـ240.000 قارئ ولديّ قصتان باللغة الإنكليزية على الإنترنت:

حيث أخذت إحدى الشركات الإسبانية قصتي التي تحمل عنوان: «سوبر ماركت» وأنتجت منها فيلماً قصيراً.
عناصر الإبهار

ومن جهته يوضح المخرج محمد زهير رجب: أن «العمل اجتماعي ويحمل أبعاداً فكرية وثقافية واجتماعية، ومنطقياً واقعياً وليس فلكلورياً أو استعراضياً، حيث يعالج البروكار كإحدى الصناعات الدمشقية الشهيرة المصنوع من خيوط الذهب والفضة».
ويبدو أن القصد من العمل لم يكن تسليط الضوء على المهنة بقدر ما كان لتسليط الضوء على البروكار الدمشقي حيث قال: «البروكار يعدّ عنصراً من عناصر الإبهار الذي أدهش العالم، كما أن الإنسان والمجتمع السوري يمثلان نموذجاً حضارياً للتعايش السلمي».

قصص متعددة

بينما يؤدي سعد مينة شخصية «الهمشري صائد الحيوانات البرية يبيع فراءها وجلدها، وهو شقيق عزمي بيك (زهير رمضان) الذي يتعرض للجنود الفرنسيين ويقوم بإذلالهم رافضاً الرضوخ لأي هدنة معهم، ما يولد ردة فعل قوية عند الفرنسيين تقلب الأحداث رأساً على عقب.

ويجسد قاسم ملحو شخصية «هنائي» ابن شقيق الزعيم أبو النور (عبد الهادي الصباغ) المعجب بابنة عمه بثينة (زينة بارافي)، ويكون هذا الإعجاب سبباً في إحداث نقلة درامية ودخوله معترك الانتخابات بالقوة.

وتلعب زينة بارافي شخصية «بثينة» ابنة الزعيم أبو النور وهي المحرك الرئيس للعمل، حيث تتصدى لمواقف عدة ومن ضمنها علاقة الحب التي تجمعها مع عصمت (يزن خليل)، وهي فتاة تعمل في أحد مشاغل الخياطة، وتتعرض لموقف أثناء وجودها من الفرنسيين يتسبب في ابتعادها عن الأنظار بسبب الشامة الموجودة في يدها.

ويؤدي يزن خليل شخصية «عصمت» وهو طالب طب يعيش قصة حب رومانسية مع ابنة الزعيم أبو النور بثينة (زينة بارافي)، ويشهد معارضة الأهل لتلك العلاقة التي تشبه قصة روميو وجولييت وسط ملاحقة ومراقبة شديدة من ابن عم بثينة «هنائي» ويمرّ بمجموعة من التحولات والصراعات على أكثر من جبهة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن