سورية

«مداد»: المغامرة الأميركية باستهداف سليماني «خطيئة مؤسّسة» لمرحلة إقليمية ودولية جديدة

| الوطن

أعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات– مداد»، أن المغامرة الأميركية باغتيال الفريق قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، «خطيئة مؤسسة» لمرحلة جديدة في السياسات الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أن الرد بالمعنى العسكري أو الأمني من منظور إيران هو «أمر محسوم»، مع الحرص على ألا يكون ذلك مدخلاً أو مفتتحاً لمواجهة مباشرة، واسعة أو مديدة.
ولفت «مداد» في ورقة تحليل سياسات، تلقت «الوطن» نسخة منها، من إعداد عضو الهيئة العلمية في المركز، عقيل محفوض إلى أن الاعتداءُ الأميركيُّ الذي أدى إلى استشهاد الفريق سليماني، مَثَّلَ «حدثاً صادماً وغير مسبوق، ونقطة تحول في العلاقات أو المواجهات بين إيران والولايات المتحدة».
وجاء في الورقة: «يقوم الاعتداء على تقدير أميركي بأن نظام التفاعلات والتجاذبات، قُلْ المواجهات والحروب، بين الولايات المتحدة وإيران، لم يعد صالحاً من منظور أميركي، كما أن ديناميات الحصار والتفكيك والاختراق حيال إيران لم تحقق النتائج المطلوبة، ومثل ذلك بالنسبة لمحاولات الاختراق الإقليمي الرامية لتفكيك حلف المقاومة، وكسر حلقاته، بدءاً من سورية وصولاً إلى لبنان والعراق».
وأضافت: إن «استهداف الولايات المتحدة للجنرال سليماني ورفاقه هو عبارة عن ردع، واستباق، واختبار»، موضحة عملية الاستهداف تهدف إلى «ردع إيران (وحلف المقاومة) عن التطلع لتحالفات ذات طابع دولي، وردع الحلف عن تبني سياسات أكثر إقداماً حيالها (أميركا)».
وأشارت الورقة إلى الاستهداف يرمي أيضاً إلى استباق الخطط والتكتيكات التي كان يعد لها الجنرال سليماني مع «الحشد الشعبي» من أجل إخراج أميركا من العراق، وكذلك بالنسبة إلى خطط وتكتيكات مماثلة لإخراجها من شرق الفرات في سورية.
ولفتت الورقة إلى أن الاستهداف هو اختبار إلى أي حد أثّرت العقوبات والحصار والاضطرابات في إرادة إيران وقدرتها على حشد المزيد من الموارد المادية والمعنوية في خط المقاومة ومناهضة السياسات الأميركية في المنطقة، وما هي العتبة الحدية الدنيا والقصوى، التي يمكن لإيران أن تتحملها في حالة استهداف أميركي مباشر.
ورأت الورقة أنه يمكن تركيز أنماط الرد على الاستهداف الأميركي أو الاستجابة المحتملة في النقاط أو المستويات الرئيسة الآتية: الاستمرار في الخط نفسه، وإعادة الإيرانيين قراءة الموقف من سياسة بلادهم، وإعادة قراءة السياسات في الإقليم، والرد في واحد أو أكثر من «مناطق الاحتكاك» المباشر وهي عديدة: العراق، أفغانستان، لبنان، سورية، اليمن، الخليج.
واعتبرت الورقة، أن الرد بالمعنى العسكري أو الأمني هو «أمر محسوم» من منظور إيران، مع الحرص على ألا يكون ذلك مدخلاً أو مفتتحاً لمواجهة مباشرة، واسعة أو مديدة.
وقالت: إن «الولايات المتحدة أقدمت على استهداف إيران بشخص الجنرال سليماني والعراق بشخص أبي مهدي المهندس وعدد من رفاقهما، فهذا قرار مَثَّلَ ذروةَ تصعيد وتضييق بل ومحاولة خنق اقتصادي وسياسي لإيران، ومبتدأ نمط آخر من المواجهة، كما تتكرر الإشارة، ليس على نحوٍ جديدٍ من حيث الأهداف والرهانات، إنما من حيث الأنماط والأدوات والجبهات».
وأضافت: «ربما لم تقدم إيران بصورة مباشرة على تغيير «قواعد الاشتباك»، إلا أن الولايات المتحدة استشعرت خطراً غير قابل للاحتواء بالطرق السابقة، فقررت تغيير تلك القواعد بالقوة»، وتابعت: «لكن الولايات المتحدة لا تلعب منفردة، ولا بد أنها تتوقع أو تنتظر استجابة أو رداً من قبل إيران، إنما هي تقدر أن أي استجابة (إيرانية) مهما كانت لن تعوض إيران عما فقدته، ليس لافتقارها للرأسمال البشري والقادة العسكريين، إنما لأنها وُضعت تحت إكراهات غير مسبوقة، مقارنة بما كان بينها وبين الولايات المتحدة في العقود القليلة الماضية، وضعية تتطلب إعادة ترتيب سياساتها وأولوياتها وفق مدارك تهديد- فرصة جديدة».
وختمت الورقة بالقول: «قد تمثل المغامرة الأميركية باستهداف الجنرال سليماني «خطيئة أصلية» أو «خطيئة مؤسسة» ليس لمرحلة جديدة في السياسات والتفاعلات بين إيران والولايات المتحدة فحسب، وإنما السياسات الإقليمية والدولية أيضاً، ولا مبالغة في ذلك، إذ أن سليماني ليس مجرد قائد عسكري يمكن أن تُطوى صفحة استهدافه هكذا، وقد كان ظاهرة إقليمية ودولية، ولن يطول الزمن حتى تظهر ارتداداتها في الإقليم والعالم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن