قضايا وآراء

«عملية سليماني» وانتخابات 2020

| دینا دخل اللـه

ما يزال الجدال دائراً في العاصمة الأميركية بين الرئيس دونالد ترامب من جهة والحزب الديمقراطي من جهة أخرى على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، فكل من الطرفين يحاول إثبات خطأ الآخر وكسب تأييد الشعب الأميركي مع قرب الانتخابات الرئاسية، فكيف يمكن لكلا الحزبين الاستفادة من هذه الحادثة والفوز في الانتخابات القادمة؟
عادة لا تغير أميركا رئيساً في زمن الحرب، فقد استفاد الكثير من الرؤساء الأميركيين من فكرة «الالتفاف حول العلم» وهي عبارة استخدمها الرئيس الأميركي السابع الجنرال أندرو جاكسون في معركة نيو أورليانز 1812 التي كانت ضد المحتل البريطاني وهزم فيها الجيش البريطاني أمام الجيش الأميركي، هذه العبارة غالبا ما تكون ملازمة للرؤساء الذين يريدون زيادة في الدعم الشعبي.
ويرى عالم السياسة الأميركي جون مولر أنه لكي يستطيع رئيس ما كسب دعم شعبي قصير الأمد للاستفادة منه في الانتخابات أو تمرير سياسات معينة غالبا ما يجب أن يستوفي ثلاثة عناصر وهي: وجود حدث عالمي، وأن يكون مرتبطاً بالولايات المتحدة ورئيسها بشكل مباشر، وأن يكون حدثا محددا ودراميا للغاية.
استغل الرؤساء الأميركيون هذا الشعور الوطني لدى الشعب لزيادة نسبة الدعم لهم وصرف النظر عن سياسات أخرى قد لا يرضى عنها الشعب، وفي التاريخ الأميركي أمثلة كثيرة استفاد منها الرؤساء وزاد التفاف الرأي العام حولهم بسبب حروب خارجية أو إحداث عالمية مشابهة لاغتيال قاسم سليماني.
فالرئيس جورج بوش الابن وصلت شعبيته إلى 90 بالمئة بعد أحداث 11 أيلول 2001، كما أظهرت استطلاعات الرأي أنه من بين كل عشرة أميركيين سبعة يدعمون قرار الحرب على العراق 2003، والتي كانت سببا في فوز جورج بوش الابن بالدورة الرئاسية الثانية عام 2005.
أما الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون فقد أصدر قرار شن غارات جوية على بغداد في كانون الأول 1998 محاولة منه للتهرب من قرار العزل في قضية مونيكا لوينسكي.
أزمة صواريخ كوبا 1961 رفعت نسبة الرضا الشعبي عن الرئيس جون كينيدي من 61 بالمئة إلى 74 بالمئة، على حين رفعت حرب الخليج 1991 نسبة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب من 59 بالمئة إلى 89 بالمئة، أما بالنسبة لترامب فقد أجرى موقع «هافينغتون بوست» استطلاعا للرأي كشف فيه أن 83 بالمئة من الجمهوريين يؤيدون الضربة الأميركية، هذا يعني أن أحداث الشرق الأوسط قد تساعد ترامب في تحويل الانتباه عن إجراءات عزله.
الحزب الديمقراطي المنتقد لكل ما تفعله إدارة ترامب الجمهورية، فقد أدت عملية اغتيال سليماني إلى ظهور مواقف متناقضة بين المرشحين لانتخابات الحزب التمهيدية التي من المقرر أن تحدث في أقل من شهر، فقد نشطت مؤخراً حركة معادية للحرب داخل الحزب، إذ كتب بيرني ساندرز، أحد المرشحين الديمقراطيين والمرشح الأبرز للحصول على أوراق اعتماده كمرشح السلام، في تغريدة له: «كنت على صواب بشأن فيتنام وكنت على صواب بشأن العراق. سأبذل قصارى جهدي لمنع الحرب مع إيران»، من جهة أخرى أدان مرشحون ديمقراطيون آخرون سجل سليماني في دعم الحروب بالوكالة ضد القوات الأميركية في المنطقة، وانتقدوا في الوقت ذاته جدوى الهجوم.
ربما لن يحصل ترامب على تأييد شعبي كبير بعد عملية اغتيال قاسم سليماني إلا أن هذه العملية أظهرت تأييداً كبيراً للرئيس ضمن صفوف الحزب الجمهوري ومناصريه، ما قد يكون مؤشراً جيداً لانتخابات 2020.
من جهة أخرى أظهرت الأزمة الإيرانية خلافات كبيرة ضمن صفوف الحزب الديمقراطي، ما قد يصعب المهمة على مرشح الحزب للانتخابات المرتقبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن